المغرب: تراشق وجدال بين ابن كيران ومعارضين حول توزيع الحصص الزمنية للمداخلات في البرلمان

رئيس الحكومة لأعضاء مجلس المستشارين: هل ستطرحون علي أسئلة قبل يوم القيامة؟

TT

تأجلت الجلسة الشهرية لمجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية في البرلمان)، التي كانت مخصصة مساء أول من أمس لمساءلة عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة عن التوجهات العامة لسياسة الحكومة، إلى وقت لاحق بسبب عدم حدوث توافق بين ممثلي المعارضة في المجلس والحكومة بشأن توزيع الحصة الزمنية للمداخلات بين رئيس الحكومة والفرق البرلمانية.

وتحولت الجلسة إلى مراشقات، وتحدث خلالها ابن كيران منتقدا سلوك بعض المعارضين. واتسم الجدال بين الجانبين بالحدة، في حين قال معارضون إنه تأخر عن الموعد المحدد لتدخله، لكن ابن كيران نفى ذلك، وقال إنه كان داخل البرلمان في الموعد المحدد.

وكانت الفرق البرلمانية رفضت أن تقسم مدة المداخلات مناصفة كما اقترحت ذلك الحكومة، وطالبت بتخصيص ثلث الحصة الزمنية لرئيس الحكومة وثلثي المدة لأعضاء المجلس. وشهدت الجلسة جدلا واسعا، وارتباكا غير مسبوق جراء ذلك. حيث تشبث كل طرف بموقفه، كما احتجت المجموعات البرلمانية على عدم النقل التلفزيوني المباشر للجلسة التي كان مقررا أن تستمر أكثر من أربع ساعات.

وتعقد هذه الجلسة للمرة الأولى طبقا للدستور الجديد، الذي ينص على حضور رئيس الحكومة مرة كل شهر لمساءلته حول السياسات العامة للدولة من قبل البرلمان بغرفتيه؛ «مجلس النواب» و«مجلس المستشارين». وكانت محاور الجلسة المقررة حول موعد الانتخابات البلدية، والآليات الحكومية المعتمدة لمحاربة اقتصاد الريع، والقضاء على الفساد، وتأثير الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية على المواطنين.

وفي هذا السياق، قال ابن كيران الذي تدخل في نهاية الجلسة إنه من طبيعته التساهل في المفاوضات، بيد أنه لن يتنازل عن الحصة الزمنية لمداخلته إلا إذا أصدر المجلس الدستوري قرارا يثبت عكس ذلك. وقال إن الأمر يتعلق بمبادئ؛ إذ لا يمكن للمعارضة أن تحصل على حقوق أكثر مما لها، مذكرا بكونه رئيس حكومة حصلت على الغالبية في الانتخابات.

وأوضح ابن كيران أنه كان حريصا على حضور الجلسة ليخاطب المجتمع ويشرح له ما يقع، مشيرا إلى أنه أعطى الأولية للحضور في مجلس المستشارين على الظهور في التلفزيون رغم أنه من حقه المطالبة بحصة زمنية في قناتي التلفزيون.

واعتبر ابن كيران تخصيص أربع ساعات وربع ساعة للجلسة مدة طويلة جدا، وتساءل مازحا: «هل رئيس الحكومة سيساءل قبل يوم القيامة»، واعتذر في المقابل عن عدم بث النقاش الذي دار في الجلسة حول الخلاف على توزيع الوقت، مباشرة على التلفزيون. واقترح أن تعقد الجلسة المقبلة حتى في العاشرة صباحا ليتسنى للجميع الحديث في وقت كاف، مؤكدا أن «أهمية الحديث ليست في مدته؛ بل في مصداقيته». وتطرق ابن كيران في مداخلته إلى الزيادات الأخيرة في أسعار مواد الطاقة (مواد نفطية)، وقال إن قرار الزيادة في المحروقات لو لم يكن ضروريا للاقتصاد لما لجأت إليه الحكومة، مشيرا إلى أن القرار فيه مصلحة للمجتمع والدولة، وأوضح ابن كيران أن الحكومة ستتخذ إجراءات أخرى من شأنها إعادة التوازن للمجتمع المغربي، معلنا أنه لن يتم حذف صندوق المقاصة (صندوق دعم المواد الاستهلاكية الأساسية) بل سيجعله موجها للفئات الفقيرة التي تستحق الدعم والتي أكد مجلس المنافسة أنها لا تستفيد من دعم الدولة إلا بشكل يسير جدا.

من جهته، حمل حكيم بن شماس، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة المعارض في مجلس المستشارين، الذي يملك أكبر عدد من المقاعد في المجلس الذي تهيمن عليه المعارضة، مسؤولية تأخر انعقاد الجلسة إلى ابن كيران، وانتقده بشدة لأنه لم يعتذر عن التأخير، وقال إن ذلك «يعكس استخفاف واستهتار الحكومة بمجلس المستشارين». كما اعتبر عدم نقل الجلسة مباشرة على القناة التلفزيونية الأولى مصادرة لحق المجلس في التواصل مع الرأي العام، ونقل جزء من هموم وشكوى الناس «حتى وإن صنفنا في إطار من ينعتهم ابن كيران بالعفاريت والتماسيح المناهضين للإصلاح»، وهو ما أثار موجة من الضحك داخل المجلس.

وأوضح بن شماس أن اقتسام الوقت بين الحكومة والمجموعات البرلمانية في المجلس ليس عدلا ويعكس إرادة للاستحواذ على المجلس من قبل الحكومة التي اقترحت أن يتم اعتماد التوزيع الزمني نفسه الذي اعتمد إبان انعقاد الجلسة الشهرية في مجلس النواب، في ظل غياب قانون داخلي يحدد كيفية توزيع الحصة الزمنية لهذه الجلسة.

من جهته، قال محمد دعيديعة من «المجموعة الفيدرالية» أن الاختلاف حول توزيع الوقت في الجلسة له أبعاد سياسية لأن الحكومة تخشى من المحاسبة وتريد الاستحواذ على مجلسي النواب والمستشارين. أما محمد الأنصاري، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الاستقلال ومنسق الغالبية، فقد رفض ما سماه «الاستقواء العددي للمعارضة على الغالبية في المجلس»، ودعا إلى احترام المبدأ الدستوري الذي كفل النسبية حسب المقاعد التي تتوفر عليها كل مجموعة برلمانية، لضمان تكافؤ الفرص للطرفين وإلا غابت الديمقراطية. وأضاف أن الإعداد للجلسة لم يتم بشكل جيد وبوقت كاف لتفادي مثل هذا الارتباك.

وانتقد الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني موقف المعارضة التي تشبثت بموقفها من توزيع الحصة الزمنية، مشيرا إلى أن الحكومة حرصت على التعامل مع غرفتي البرلمان على قدم المساواة، وأضاف أن موقفها «غير مبرر دستوريا ولا قانونيا».