«العسكري» يلتقي اليوم قيادات حزبية لحسم أزمة الدستور عقب انتهاء «المهلة»

إحياء ذكرى خالد سعيد بالإسكندرية بحضور صباحي وسط الآلاف من أنصاره

شهدت مدينة الإسكندرية مسيرات حاشدة أمس تزامنا مع حلول الذكرى الثانية لمقتل الشاب خالد سعيد الذي يعد أيقونة الثورة المصرية (إ.ب.أ)
TT

يجتمع اليوم (الخميس) المجلس العسكري (الحاكم) في مصر مع قيادات عدد من الأحزاب لحسم مصير الدستور، بعد فشل القوى السياسية في التوافق حول معايير الجمعية التأسيسية المنوط بها كتابة دستور جديد للبلاد. وقالت قيادات حزبية لـ«الشرق الأوسط» إن «العسكري» يتجه لإحياء دستور 1971 الذي حكم بموجبه الرئيس السابق حسني مبارك لثلاثة عقود، وهو ما اعتبره مراقبون بداية لفصل جديد من التوتر السياسي بين جماعة الإخوان المسلمين التي قاطعت اجتماع «العسكري» وحكام البلاد الجدد.

وبينما تتعقد خيوط اللعبة السياسية أكثر وأكثر مع اقتراب الفصل في دستورية الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا، مع تنامي التوقعات بحل البرلمان، لا يزال شباب الثورة يواصلون اعتصامهم في ميدان التحرير لليوم السادس على التوالي، مطالبين بتطبيق تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية على المرشح أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، وهو ما يترتب عليه استبعاده من سباق الانتخابات الرئاسية وبطلانها، وسط دعوات لمظاهرات حاشدة الجمعة المقبل، لتحقيق مزيد من الضغط الشعبي على «العسكري».

وتلتقي قيادات المجلس العسكري اليوم عددا من رؤساء الأحزاب والشخصيات العامة وبرلمانيين مستقلين لبحث أزمة الدستور، مع انتهاء المهلة التي منحها العسكري في لقائه بتلك القيادات قبل يومين للتوافق حول معايير «تأسيسية الدستور».

وقال عصام شيحة القيادي بحزب الوفد إن القيادات والعسكري كلفا الدكتور سيد البدوي رئيس حزب الوفد للتواصل مع مختلف القوى السياسية لتجاوز الأزمة.. لكن يبدو أنه لا جديد.

وتابع شيحة وهو عضو في الهيئة العليا لحزب الوفد قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «الإخوان المسلمون رهنوا الدستور بالانتخابات الرئاسية فهم يرغبون في انتظار نتائج جولة الإعادة وعلى ضوئها يحددون موقفهم من الدستور.. وأعتقد أن المجلس العسكري سيباغتنا في أي لحظة بإعلان إحياء دستور 1971».

ويخوض مرشح جماعة الإخوان الدكتور محمد مرسي جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية منتصف الشهر المقبل، في مواجهة الفريق شفيق، في ظل غموض صلاحيات الرئيس المقبل إذا ما استمر سريان الإعلان الدستوري المعمول به حاليا. وأشار شيحة إلى أن جلسة اليوم بين رؤساء الأحزاب والعسكري ستكون جلسة استماع فقط، مؤكدا أن إحياء دستور 1971 محل توافق معظم القوى السياسية الرئيسية بما فيها حزب النور السلفي، باستثناء حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الذي قاطع الاجتماعين.

وتقف جماعة الإخوان المسلمين التي حازت أكثرية البرلمان في وجه أي دور للمجلس العسكري في التوصل لمخرج بشأن الدستور، وقال الدكتور محمود حسين الأمين العام للجماعة: «لا مجال للحديث عن أي دور للمجلس العسكري لا في إصدار إعلان دستوري ولا في إحياء دستور 1971، هذا من أعمال البرلمان بحسب الإعلان الدستوري المعمول به حاليا.. وأي تحرك على هذا الصعيد مرفوض بالقطع».

وتحفظ حسين على ذكر الطريقة التي يمكن للجماعة أن تترجم من خلالها موقفها الرافض لإحياء دستور 1971، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هذا أمر يحسم في حينه، إذا ما صدر بالفعل قرار المجلس العسكري». وفي غضون ذلك، واصل عشرات الألوف في مصر تظاهرهم في ميادين البلاد المختلفة احتجاجا على أحكام البراءة التي صدرت مؤخرا بحق قيادات الشرطة، في القضية التي أدين فيها مبارك بقتل المتظاهرين، بالإضافة لاعتراضهم على خوض الفريق شفيق جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، مطالبين بتطبيق تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية المعروف إعلامية بقانون العزل السياسي، بحق الجنرال المتقاعد. وكان البرلمان قد أقر قانون العزل قبل انطلاق الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، لكن اللجنة العليا للانتخابات أعادت شفيق إلى السباق بعد أن تظلم أمامها، معتبرا أنه حاز مركزه القانوني قبل صدور القانون، بما لا يسمح بتطبيقه بأثر رجعي.

إلى ذلك، شهدت مدينة الإسكندرية مسيرات حاشدة تزامنا مع حلول الذكرى الثانية لمقتل الشاب خالد سعيد الذي يعد أيقونة الثورة المصرية قبل عامين على يد رجال شرطة بعد تعرضه للتعذيب.

وقاد مسيرة حاشدة المرشح الرئاسي حمدين صباحي، الذي حصل على المركز الأول في عدد الأصوات بمدينة الإسكندرية بفارق كبير عن أقرب المنافسين، وتقدم صباحي المسيرة التي ضمت عشرات الألوف حتى وصلت إلى منزل الشهيد خالد سعيد بمنطقة كليوباترا وسط الإسكندرية.

ووصل صباحي إلى منزل أسرة خالد سعيد حيث قام بتقديم واجب العزاء للأسرة وسط هتافات أنصاره. وقال صباحي في تصريحات له أمس إن الشهيد خالد سعيد سيظل شاهدا على جبروت وظلم النظام السابق، مضيفا أنه سيظل أيقونة الثورة المصرية وشهيدها الأول ومشعل فتيلها الذي لن ينطفئ ولن يستطيع أعداء الثورة إخماده.

وكانت أسرة خالد سعيد قد توجهت مع العديد من النشطاء السياسيين إلى منطقة باب شرق صباح أمس إلى مقابر الأسرة، حيث قرأوا الفاتحة على روح الشهيد فيما أبكت السيدة ليلى مرزوق والدة الشهيد خالد سعيد الحضور حينما أدارت حوارا مع نجلها الراحل قائلة له في قبره: «يا ابني أنا باحاول أجيب حقك ويا إما ربنا يقدرني أو آتي إلى جوارك».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قالت والدة خالد سعيد إنها لن تهدأ حتى يتم القصاص لشهداء الثورة، مطالبة بتقديم رموز النظام السابق إلى محاكم ثورية وفي ظل حكم من مجلس رئاسي مدني ينتمي للثورة، معتبرة أن هذا الأمر يمثل ضمانة لعدالة المحاكمات.

وشاركت سلسلة بشرية في القاهرة أمس تضم نشطاء سياسيين في إحياء ذكرى خالد سعيد، حيث اصطف العشرات في ملابس الحداد مشكلين سلسلة بشرية أعلى كوبري قصر النيل المتاخم لميدان التحرير.

وبدأت قوى سياسية وائتلافات ثورية الدعوة إلى مظاهرة حاشدة غدا (الجمعة)، في محاولة للضغط على المجلس العسكري للقبول بتسليم السلطة إلى مجلس رئاسي مدني يضم مرشحي الرئاسة حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح اللذين خرجا من السباق في جولته الأولى، بالإضافة لمرشح الإخوان.