الكنيست يسقط مشروع قانون لشرعنة الاستيطان على أراض خاصة بالضفة

بعد تهديد نتنياهو بإقالة وزراء وتصويت «إسرائيل بيتنا» المتشدد ضده وتقليص صلاحيات باراك

الشرطة الإسرائيلية تحاول السيطرة على مستوطنين محتجين على رفض الكنيست مشروع قانون لشرعنة الاستيطان على أراض خاصة فلسطينية أمس (رويترز)
TT

نجح رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أمس في حربه ضد مشروع قانون يشرعن بناء مستوطنات على أرض فلسطينية خاصة، ردا على قرار محكمة العدل العليا في إسرائيل بإخلاء حي مهم قرب رام الله قبل نهاية الشهر الجاري. وفعلا صوت أغلبية أعضاء الكنيست بمن فيهم نواب إسرائيل بيتنا بزعامة أفيغدور ليبرمان (69 نائبا) ضد مشروع القانون، أيده 22 فقط.

وكان نتنياهو يواجه أزمة كبيرة داخل الحكومة، بعدما رفض وزراء من الليكود وحزب شاس لليهود المتدينين، ومتعاطفين، ونواب من داخل حزبه الليكود أيضا، تأييد قرار المحكمة العليا وقالوا: إنهم سيصوتون مع مشروع القانون، لكن تهديده مباشرة بإقالة وزراء ونوابهم ومسؤولين إذا أيدوا القرار، قلب المعادلة في اللحظات الأخيرة.

وأوضح المستشار القانوني لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أحاز بن أري، أن المقاولين الذي أقاموا حي الأولبانا في مستوطنة بيت إيل القريبة من رام الله لم ينصاعوا للأوامر التي صدرت في حينه بوقف البناء وهدم المباني التي شرع في إقامتها. وأضاف، خلال النقاش الذي أجرته اللجنة البرلمانية في الكنيست، «أن الشركات التي قامت ببيع الشقق السكنية في هذا الحي، كانت على علم بأنها لا تملك الوثائق الخاصة بملكية الأراضي».

وحصل نتنياهو على دعم قوي لموقفه قبل جلسة الكنيست من شريكه في الائتلاف، شاؤول موفاز، الذي قال: إن كتلته البرلمانية ستعارض أي قانون يستهدف الالتفاف على أحكام محكمة العدل العليا، باعتبار أن «القانون مفروض على الكل»، محذرا من أن اعتماد القانون الخاص بشرعنة البناء على أراض فلسطينية خاصة سيجعله ساري المفعول في جميع أنحاء البلاد حتى داخل الخط الأخضر مما سيمس إلى حد كبير بحق ملكية الأراضي.

كما أيد نتنياهو وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، قائلا: إنه سيصوت وكتلته ضد القرار، وسيلتزم بقرار المحكمة العليا.

أما الوزراء الذين لم يعجبهم موقف نتنياهو، وهم من الليكود وشاس، فتغيبوا عن الجلسة رغم إعلانهم قبل ذلك أنهم سيصوتون مهما كان الثمن، والذين حضروا منهم امتنعوا عن المشاركة.

وينص القانون الذي سقط، على أن البيوت الاستيطانية التي أقيمت على أراض فلسطينية خاصة في الضفة الغربية، سيتم إخلاؤها فقط في حال توجه صاحب الأرض إلى المحكمة خلال أربع سنوات، وإلا فلن تخلى أبدا.

وبعد إسقاط القانون، فمن المفترض إخلاء حي «الأولبانا» مع نهاية الشهر الجاري حسب قرار محكمة العدل التي قررت أن الأرض التي أقيم عليها الحي، بيعت بأوراق مزيفة.

وقال وزير الدولة بيني بغين، إنه لا يمكن للحكومة أن تتجاهل الحكم الذي أصدرته محكمة العدل العليا بهذا الصدد، مضيفا «أن حق الشعب اليهودي في أرضه ليس قابلا للتأويل ولكن هذا الحق له قيود ويستحيل الاستيطان على كل جبل أو تلة».

ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية، تنوي تعويض المستوطنين ومعارضي القرار، بتوسيع مستوطنة بيت إيل، ونقل منازل الحي الذي تنوي إخلاءه، إلى أراض قريبة صودرت لأغراض عسكرية، وتشكيل لجنة خاصة للاستيطان تسحب الصلاحيات من وزير الدفاع إيهود باراك في هذا الموضوع.

وحصل نتنياهو على موافقة قانونية لخطته، وأبلغ المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشطاين، رئيس الحكومة الإسرائيلية، الليلة الماضية موافقته النهائية على مخططه بنقل البيوت الخمسة في حي «الأولبانا» من مكانها على أراض فلسطينية خاصة إلى منطقة صادرها الجيش الإسرائيلي من أصحابها الفلسطينيين لأغراض عسكرية، وقال له إنه يقبل مخططه أيضا لإقامة عشرات الوحدات السكنية في بيت إيل..

وهذا يعني أن المستشار القضائي تراجع عن موقفه الأصلي، عندما أعلن أنه ليس بمقدور الحكومة الإسرائيلية استغلال هذه الأراضي لصالح الاستيطان، لأن مصادرتها الأصلية من أصحابها كانت لأغراض عسكرية.

وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة، إن المستشار القضائي زود نتنياهو بـ«آلية قانونية» تضمن حماية الحكومة الإسرائيلية أمام المحكمة العليا من قيام الفلسطينيين برفع دعاوى ضد البناء في هذه الأراضي، وحمايتها أيضا من أي دعاوى ضد بناء 300 وحدة سكنية جديدة للمستوطنين في «بيت أيل» نفسها.

وفوق ذلك، وافق نتنياهو على تشكيل لجنة وزارية خاصة لشؤون الاستيطان، تهدف إلى تقليص صلاحيات وزير الدفاع إيهود باراك، الذي يصب وزراء الليكود وشاس وإسرائيل بيتنا، ومستوطنون جام غضبهم عليه، متهمينه بأنه يعرقل عمليات الاستيطان في الضفة الغربية.

وقال نتنياهو إنه سيترأس بنفسه هذه اللجنة. ورغم ذلك لم يعجب الأمر المستوطنين المتطرفين، وعقب عضو الكنيست زفولون اورليف الذي بادر إلى مشروع القانون، قائلا: إن إسقاطه يعني طرد الآلاف من المستوطنين من منازلهم.

وتظاهر مئات من المستوطنين بالقرب من مبنى الكنيست، وقرب مقر المحكمة العليا في القدس احتجاجا على إسقاط القانون، وقرار إخلاء الحي، وحاولوا سد الطرق الرئيسية هناك، واشتبكوا مع قوات الشرطة الإسرائيلية التي اعتقلت 4 منهم على الأقل.