سلطانية: دول غربية تحول مفتشي وكالة فيينا إلى جواسيس

استنكر طريقة تعامل الوكالة مع الملف النووي الإيراني

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لدى لقائه رئيس الوزارء الصيني وين جياباو في قاعة الشعب ببكين أمس (أ.ب)
TT

بينما أعرب المندوب الإيراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، السفير علي أصغر سلطانية، صباح أمس، عن أمله أن تتوصل الوكالة وإيران إلى اتفاق لمواصلة التعاون بينهما لحلحلة القضايا العالقة - إلا أنه كال الكثير من اللوم للوكالة، مستنكرا أسلوبها في التعامل مع قضية الملف النووي الإيراني، متسائلا إن كانت قد حادت عن ميثاقها الذي يوقرها كجهاز فني تقني، ومتسائلا كذلك عن الدوافع التي تجعلها تنجرف وراء اتهامات تفبركها أجهزة استخبارات ذات أجندة سياسية تعمل ضد بلاده؟

جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده سلطانية عقب إدلائه ببيان أمام مجلس أمناء الوكالة المنعقد بمقرها بالعاصمة النمساوية فيينا منذ مطلع الأسبوع.

هذا ويجيء حديث سلطانية قبل عقد اجتماع حاسم بين وفد إيراني برئاسته ووفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية برئاسة نائب المدير رئيس قسم الضمانات غدا، بهدف التشاور وصولا لاتفاق على إطار يمكنهما من العمل معا لحلحلة القضايا التي لا تزال عالقة بينهما وفي مقدمتها اتهام النشاط النووي الإيراني بأبعاد عسكرية وشكوك حول القيام بتجارب وانفجارات لصنع أسلحة نووية.

وكان السفير سلطانية الذي بدأ حديثه أمام الصحافيين بالتأكيد أنه قد وجه في بيانه أمام الأمناء نقدا تحليليا لموقف الوكالة، بما في ذلك الاعتراض على ما وصفه تحويرا وتغييرا عن ميثاق تأسيس الوكالة، بخضوعها لرغبات بعض الدول الغربية الأعضاء بمجلس الأمناء التي تسعى لتحويل مفتشي الوكالة الدوليين من فنيين وتقنيين ومتخصصين إلى جواسيس يتركون مهامهم الأساسية المختصة بالتحري والتحقق عن أية أنشطة نووية غير معلنة للبحث عن مواقع عسكرية والإخبار عن مسائل أمنية لا علاقة لها بعمل الوكالة أو بمهامها، متسائلا عما تمتلكه الوكالة من وثائق تؤكد ما يدور من اتهامات للنشاط النووي الإيراني بأبعاد عسكرية.

وردا على سؤال من «الشرق الأوسط» حول صور الأقمار الصناعية التي أكدت الوكالة أنها تشير إلى أنشطة وانفجارات شهدها مجمع بارشين العسكري وصور أخرى تشير إلى أن المجمع نفسه الذي ترفض إيران منح الوكالة تصريحا بزيارته يشهد عمليات تطهير وإزالة مبان وجرف تربة - قال سلطانية إن الوكالة في عام 2004 ادعت أن إيران وفقا لصور ستلايت تقوم بأنشطة مريبة وأن تلك الصورة عكست حركة قوية وعمليات نقل وإزالة، فما كان منه «أي سلطانية» إلا أن رتب زيارة لوفد من المفتشين للموقع المذكور وكان جزءا من مصنع خاص يفيض بعمال ينقلون حجارة، حيث تبين واتضح لهم أن ما عكسته صور الستلايت من عمليات تركيب وإزالة لم يكن أكثر من تركيب وإزالة مراحيض جوالة لراحة أولئك العمال، مؤكدا أن الوكالة ستواجه بذات الحرج مرة أخرى.

إلى ذلك، استنكر سلطانية السعي المتواصل دن انقطاع من قبل دول بعينها تسعى لإدانة إيران مهما أبدت إيران من تعاون، مستفسرا عن سبب ردود الفعل التي وصفها بالسلبية للزيارة التي وصفها بالناجحة التي قام بها مدير عام الوكالة يوكيا أمانو لطهران 21 الماضي والتي التقى فيها كبار المسؤولين عن الملف النووي الإيراني، مكررا القول عن استعداد بلاده لمواصلة التعاون مع الوكالة على أسس ثابتة تحترم أمن إيران وحقوقها، مجددا القول أن إيران لن تتخلى مطلقا عن حقها في تخصيب اليورانيوم، داعيا الدول الغربية للتأقلم مع حقيقة إيران التي أصبحت دولة خبيرة في مجال التخصيب وعلى حقيقة أن إيران تسعى جاهدة لكسر ما يتسببون فيه من جمود وبلبلة، مضيفا أن إيران ورغم تجربتها السابقة المحبطة مع الوكالة في عام 2007 عندما لم يتم الالتزام باكتمال ما وقعتاه من اتفاق عمل، فإن إيران على استعداد مرة أخرى لتوقيع اتفاق إطاري جديد ضمن مجهوداتها لفتح صفحة جديدة.

وبينما تجنب سلطانية الرد على سؤال صحافي آخر عن موعد زيارة مجمع بارشين كما تطلب الوكالة، أبدى تفاؤلا بإمكانية أن يخرج اجتماعهم يوم غد بنجاح إذا ما قيمت الوكالة الاهتمامات الإيرانية تقييما فنيا صحيحا، كما قال، مؤكدا أن رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي كان قد وعد مدير عام الوكالة يوكيا أمانو أثناء زيارته لطهران بأن إيران ورغم ما حدث بينها وبين الوكالة في الماضي ورغم خيبة أملها، فإنها لا تزال على استعداد للوصول لتوقيع اتفاق، مختتما حديثه بتوجيه رسالة للدول التي وصفها بالساعية لتخريب العلاقة بين إيران والوكالة بأن يفسحوا لهما المجال ليعملا ويتعاونا في مهنية وليس وفق اتهامات غير مؤسسة وتوقعات ومضاربات، كما واصل..

من جانبه، أبدى دبلوماسي غربي رفيع في حديث للصحافيين، بشرط عدم الإفصاح عن شخصه، استيائه مما قاله سلطانية ومما كاله من اتهامات للوكالة بالتجسس، متسائلا عن أي فصل جديد تتحدث إيران، مضيفا أن الفصل السابق كان سيئا ومن غير المستبعد أن يكون الفصل الجديد أحسن منه إذا ما سارت إيران وفق نهج كهذا.

إلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية أمس عن كبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي قوله، إن بلاده «تشكك في رغبة» الدول العظمى بالتوصل إلى اتفاق حول الملف النووي خلال جولة المفاوضات المقبلة في موسكو. وقال جليلي في رسالة إلى وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون التي تمثل مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) في المفاوضات النووية مع طهران، إن «التأخير الناجم عن الطرف الآخر لقبول اجتماع خبراء (طالبت به إيران للتحضير للقاء موسكو) يلقي الشكوك حول الإرادة في إجراء نقاشات ناجحة».