شبان أميركا يتحدثون عن مستقبل كئيب في ظل البطالة

قلة ممن أنهوا الثانوية حصلوا على عمل وكثيرون عاجزون عن اللحاق بالجامعة بسبب التكاليف

شبان أميركيون أنهوا الدراسة الثانوية يملأون استمارات البحث عن عمل (نيويورك تايمز)
TT

يبدو المستقبل كئيبا أمام هذا الجيل من الشباب، حيث إن واحدا فقط من بين كل ستة شباب يعمل بدوام كامل، بينما يعيش ثلاثة من بين كل خمسة مع آبائهم أو أحد أقربائهم. ويعتقد 73 في المائة من الشباب أنهم بحاجة للحصول على مزيد من التعليم للعثور على مستقبل مهني ناجح، ولكن نصف هذا العدد فقط يؤكدون أنهم سيستكملون دراستهم في السنوات القليلة القادمة.

الحديث هنا ليس عن الشباب في اليونان أو إسبانيا أو مصر، بل عن الشباب في الولايات المتحدة الأميركية، أغنى بلدان العالم، الذين لم يحصلوا على شهادات جامعية ولن يحصلوا عليها في القريب العاجل.

وبغض النظر عن القصص الحزينة حول اضطرار خريجي الجامعات الجدد للعمل كنوادل في البارات أو كعمال، فالوضع بالنسبة لأقرانهم الأقل تعليما أسوأ بكثير، وفقا لتقرير مركز «جون ج. هيلدرش لتنمية القوى العاملة» بجامعة روتجرز، الذي كان مقررا صدوره أمس. ويعتمد التقرير على بيانات بحث استقصائي أجري على المستوى الوطني لخريجي المدارس الثانوية الذين لم يلتحقوا بالجامعات بصورة منتظمة، وهي فئة من السكان تشتهر بعدم الاستقرار، حيث مثل تتبعها مشكلة كبيرة بالنسبة لعلماء الاجتماع والخبراء الآخرين. (في الشهرين التاليين لإجراء الاستطلاع، تم قطع خدمة الاتصالات عن هواتف عدد كبير من المشاركين في هذا الاستطلاع ولم نستطع الوصول إليهم).

وبالنسبة لهذه المجموعة، يعتبر العثور على عمل يوفر لهم رواتب تكفي حاجاتهم الحياتية ويقدم لهم بعض الشعور بالأمان - أمرا بعيد المنال. يقول والتر والدين، (24 عاما)، من مدينة وينتاتشي بواشنطن وأحد الأفراد المحظوظين في هذه المجموعة، حيث تمكن من الحصول على وظيفة بدوام كامل في أحد المطاعم: «لا أحب حقا ما أقوم به، ولكنني أحتاج للمزيد من المال». ويضيف والدين، الذي يعيش في الوقت الحالي مع والدته ليتمكن من حضور فصول التمريض بصورة جزئية: «ينبغي لي العودة مرة أخرى إلى المدرسة».

يواجه العمال الأصغر من والدين بسنوات قليلة أزمة مزدوجة شديدة الصعوبة تتمثل في اقتصاد يمر بمرحلة من الضعف المؤقت، فضلا عن إلغاء الوظائف التقليدية التي يشغلها أبناء الطبقة الوسطى على المدى الطويل.

يواجه الأميركيون الذين تخرجوا في المدارس الثانوية قبل زيادة وتيرة عمليات التسريح، الذين تم تعريفهم في هذا التقرير بالأشخاص الذين تخرجوا من 2006 إلى 2008، صعوبة كبيرة في تلبية احتياجاتهم الحياتية، حيث يعمل 37 في المائة منهم فقط بدوام كامل، بينما يعمل 23 في المائة بدوام جزئي، وهو ما يرجع عادة لعدم تمكنهم من الحصول على وظيفة بدوام كامل.

أما بالنسبة للأشخاص الذين تخرجوا عقب الأزمة المالية، فالأرقام أسوأ بكثير، حيث إن 16 في المائة فقط من الأشخاص الذين تخرجوا من عام 2009 إلى 2011 يعملون في وظائف بدوام كامل، فضلا عن عمل 22 في المائة منهم في وظائف بدوام جزئي، على الرغم من رغبة غالبيتهم في الحصول على وظائف بدوام كامل.

وعلى الرغم من الجدل المستمر على المستوى الوطني حول ما إذا كان الالتحاق بالجامعات يستحق العناء أم لا، نظرا للديون الهائلة التي تترتب على هذه الخطوة، يقول معظم خريجي المدارس الثانوية الذين لم يحصلوا على شهادات جامعية إنهم يعتقدون إمكانية حصولهم على وظائف جيدة من دون الحاجة إلى مزيد من التعليم. وتقول ماكلور، (21 عاما)، التي تعمل بدوام جزئي في متجر «قصر الأطفال» للملابس في ميدفورد بولاية أوريغون: «إذا أردت يوما ما الحصول على وظيفة خارج قطاع البيع بالتجزئة، فسينبغي لي بالتأكيد الحصول على المزيد من التعليم».

ويمثل الالتحاق بالتعليم الجامعي تحديا كبيرا، ليس فقط بسبب مستويات الديون الهائلة التي تترتب عليه، حيث تقول ماكلور، وهي متزوجة ولديها بنتان أقل من ثلاث سنوات وستلد بنتا أخرى الشهر المقبل، إنها حاولت الالتحاق بالفصول الجامعية، ولكن عبء العمل أصبح مرهقا للغاية على البنتين الصغيرتين. ويقول آندي، زوج ماكلور الذي يعمل في إحدى محطات الوقود، إنه يكره عمله ويرغب في دراسة الفصد (شق الوريد)، ولكن أقرب مدرسة تقع على بعد ساعة ونصف منه. وتقول ماكلور: «تهتم أمي بشؤون منزلي في وقت النهار، لذا لا يمكننا الانتقال إلى مكان بعيد».

وفي نفس الوقت، أكد بعض الأشخاص الآخرين الذين شملهم الاستطلاع أن الالتحاق بالجامعات أمر بعيد المنال بالنسبة لهم، وهو ما يرجع إما للتكلفة المرتفعة للالتحاق بالجامعات أو للمسؤوليات العائلية.

والكثير من هؤلاء الشباب كانوا يتوقعون الالتحاق بالجامعات فور دخولهم المدارس الثانوية، حيث إنهم ربما كانوا يتوقعون أن أرباب العمل قد يطلبون بعض المهارات التي لا تقوم المدارس الثانوية بتعليمها. ويقول شخص واحد من بين كل 10 أشخاص تخرجوا في المدارس الثانوية من دون الحصول على شهادة جامعية، إن «مدارسهم الثانوية قد قامت بإعدادهم بشكل جيد للغاية للنجاح في الوظائف التي سيشغلونها بعد التخرج». ويشعر هؤلاء الشباب بالقلق من عدم قدرتهم على مواكبة الآخرين، فضلا عن تشاؤمهم من تحقيق بعض الإنجازات التي تشكل الحلم الأميركي.

وأكد 56 في المائة من خريجي المدارس الثانوية الذين لم يحصلوا على شهادات جامعية أن الجيل الذي ينتمون إليه سيحقق نجاحا اقتصاديا أقل من جيل آبائهم، وعلى النقيض، أشار 14 في المائة إلى أنهم يتوقعون التفوق على آبائهم. يقول سبرود، الذي يعيش في مدينة أدفانس بولاية نورث كارولينا: «الحمد لله أن صديقي الذي يعمل في (بيرغر كينغ) تمكن من مساعدتي». لم يستفد سبرود من المهارات التي تعلمها من فصول الطهي التي التحق بها لمدة لتسعة أسابيع في الخريف الماضي، حيث إن وظيفته الحالية لا تتطلب إلا القيام بأعمال القلي والتنظيف، ولكنه يؤكد أنها كانت أفضل وظيفة استطاع الحصول عليها. يأمل سبرود - الذي يتعافى الآن من حادث سيارة تعرض له وأرغمه على العودة مجددا للسكن مع والديه لأسباب مالية وطبية على حد سواء - العودة مجددا إلى شركة «بيرغر كنيغ» في الشهر المقبل.

* خدمة «نيويورك تايمز»