اجتماع دولي في إسطنبول لبحث «ما بعد خطة أنان»

كلينتون ترد بفتور على الدعوة الروسية بشأن سوريا.. وتحفظ تركي

وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تلوح للصحافيين لدى وصولها إلى مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول أمس (رويترز)
TT

بدأ وزراء 14 دولة من الدول المعنية بالشأن السوري عملية بحث الخطط البديلة أو الاستعداد إلى مرحلة «ما بعد خطة أنان»، أي بعد الانتهاء من مهمة مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة كوفي أنان. وتوافد وزراء خارجية 14 دولة إلى إسطنبول مساء أمس لبحث الأزمة السورية قبل بدء مؤتمر مكافحة الإرهاب اليوم الذي كان مقررا مسبقا. وكان من المرتقب أن يشارك وزراء خارجية كل من تركيا والولايات المتحدة وقطر والأردن وإيطاليا ومصر وألمانيا والمغرب وفرنسا والإمارات والسعودية وبريطانيا وتونس. كما أن وزراء دولة من إسبانيا والكويت يشاركون، بالإضافة إلى ممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية كاثرين أشتون.

وقال إرشاد هرموزلو، مستشار الرئيس التركي عبد الله غل، لـ«الشرق الأوسط» إن مواضيع عدة تطرح في الاجتماع منها تداعيات تشكيل حكومة سورية جديدة، التي اعتبرها «أعمالا تجميلية سطحية» لن تؤثر في الواقع على الأزمة في البلاد. وأضاف: «نبحث البدائل المتاحة لما أفرزته خطة أنان، بالإضافة إلى التطلع إلى تقرير أنان المقبل».

من جهتها، تحدثت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، خلال زيارتها لأذربيجان أمس، عن محادثات استراتيجية تقوم بها في إسطنبول مع حلفاء وشركاء الولايات المتحدة للبحث عن وسيلة لكسب تأييد روسيا لدعم خطة انتقالية تقود إلى إنهاء حكم الرئيس بشار الأسد.

وأكدت كلينتون أنها ستناقش خلال الاجتماع استمرار فرض العقوبات على دمشق وبحث تمديد العقوبات بالتشاور مع الدول الأوروبية والعربية. وقالت كلينتون: «حان الوقت لنا جميعا لكي نوجه اهتمامنا إلى تحقيق انتقال منظم للسلطة في سوريا يمهد الطريق لمستقبل ديمقراطي ومتسامح وتعددي، ومن الواضح أن الرئيس الأسد فشل في تحقيق السلام والاستقرار والتغيير الإيجابي للشعب السوري». وتبحث وزيرة الخارجية الأميركية سبل الدفع باستراتيجية تحول سياسي اعتمادا على النموذج اليمني الذي أدى إلى استقالة الرئيس علي عبد الله صالح وتسلم نائبه للسلطة وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة في اليمن. وتحاول كلينتون إقناع الكرملين بالتخلي عن تأييده للأسد.

ويأتي الاجتماع في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس في بكين أن الصين وروسيا تريدان عقد مؤتمر دولي جديد حول سوريا وتعتزمان تنسيق تحركهما من أجل تطبيق خطة أنان لوقف العنف.

وأشار لافروف إلى أن الدعوة موجهة إلى «الدول التي تمارس نفوذا فعليا على مختلف مجموعات المعارضة السورية»، ذاكرا تحديدا تركيا وإيران والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي وأعضاء مجلس الأمن الدولي. وأضاف أن الهدف من هذا المؤتمر هو أن «يتفق الأطراف الخارجيون، من دون سوريا في بادئ الأمر، على اتباع خطة أنان بصدق ومن دون التباس».

ورأى لافروف أن «ما يسمى بمؤتمري أصدقاء سوريا» قاما فقط «بدعم المجلس الوطني السوري (يضم غالبية أطياف المعارضة) ومطالبه الراديكالية»، وأضاف: «نؤكد أننا (روسيا والصين) سننسق تحركاتنا حول سوريا وأن الأهم الآن هو تطبيق خطة أنان»، وتابع: «لا نقبل أن يعرض الوضع وكأن هذه الخطة لا ينبغي تطبيقها، مثلما أعلنت المعارضة السورية».

وحول ذلك الاجتماع، كان المستشار التركي إرشاد هرموزلو متحفظا، واكتفى بالقول: «ما زال الوقت مبكرا للحديث عن الموضوع»، ولكن هناك رؤية بين أوساط أوروبية وإقليمية أن المؤتمر المقترح، أي حضور روسيا وإيران الاجتماع المعين، ليس بالأمر الجديد بل هو تكرار لما دعت إليه تركيا خلال اجتماع أصدقاء سوريا ورفضت موسكو وطهران المشاركة حينها. وقال هرموزلو حول خطة أنان: «تركيا ساندت مبادرة الجامعة العربية أولا ثم خطة أنان.. الحكم على خطة أنان يجب ألا يكون إلا من خلال أنان نفسه، ونحن ننتظر تقرير أنان نفسه.. ولكن يجب ألا تكون أي خطط مبررا للمزيد من القتل والعنف».

بينما استنكرت كلينتون فكرة دعوة إيران إلى الاجتماع، وقالت: «من الصعب تخيل دعوة الدولة التي تقوم بإدارة هجوم الأسد على شعبه». وأعربت كلينتون عن قناعتها بأن الرئيس السوري بشار الأسد لا يمكن أن يبقى في السلطة، ودعت كلا من روسيا والصين للمساهمة في وقف إراقة الدماء في سوريا، ومساعدة المجتمع الدولي على تحقيق انتقال سلمي للسلطة في سوريا.

وحول إمكانية التجديد في مجلس الأمن للمراقبين الدوليين التي تنتهي صلاحية مهامهم الشهر المقبل، قال إرشاد هرموزلو إن «أنان لديه فكرة للتجديد وعدم زيادة عدد المراقبين، ولكن منذ قبول الخطة قتل ألف وخمسمائة شخص، وجميع المؤشرات تظهر بأن خطة أنان ليست الحل الأفضل». والنظر في الحلول البديلة قائما في إسطنبول وبين المجموعة التي تعتبر مجموعة أصدقاء سوريا. وكانت وزارة الخارجية الفرنسية قد أعلنت مساء أمس عن توجه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى إسطنبول «للمشاركة في اجتماع تشاوري غير رسمي حول سوريا». وأوضح المتحدث باسم الوزارة برنار فاليرو لوكالة الصحافة الفرنسية أن فابيوس يتوجه إلى إسطنبول تلبية «لدعوة» من نظيره التركي أحمد داود أوغلو.

وأضاف المتحدث أن «فرنسا تبذل كل ما في وسعها مع شركائها في المجموعة الدولية من أجل وقف العنف في سوريا».. لكن المتحدث امتنع عن الرد على سؤال حول «طرح مبادرات جديدة خلال الاجتماع».

وحول تكليف حكومة جديدة في سوريا، اعتبر فاليرو أن ذلك «يشكل هروبا جديدا إلى الأمام ومهزلة»، وقال: إن «بشار الأسد ما زال يصم أذنيه بإصرار عن سماع مطالب شعبه»، وأن قراره الأخير «لا يلبي تطلعات السوريين والمجموعة الدولية». وأضاف: «ثمة وضع ملح يقضي بأن يوقف النظام قتل شعبه ويتعهد بتطبيق خطة كوفي أنان».

ويذكر أن فرنسا تعتزم عقد اجتماع في باريس بحلول أوائل يوليو (تموز) في إطار اجتماعات أصدقاء سوريا، وهو ائتلاف للدول التي ترغب في إنهاء حكم الرئيس السوري بشار الأسد. بينما قالت روسيا في أبريل (نيسان) إن مجموعة أصدقاء سوريا «مدمرة»، ومن الممكن أن تقوض جهود أنان لإحلال السلام.

وعقد اجتماع إسطنبول مساء أمس بالتزامن مع تجديد الصين وروسيا أمس معارضتهما الشديدة لأي تدخل عسكري في سوريا، رغم الضغوط الدولية المتزايدة على البلدين لدفعهما إلى تغيير موقفهما المؤيد للنظام السوري والذي يثير غضب القوى الغربية.

وجاء في البيان المشترك الذي أعقب محادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعماء الصينيين في بكين، أن «روسيا والصين تعارضان بشكل قاطع المساعي لحل الأزمة في سوريا عن طريق التدخل العسكري الخارجي، كما تعارضان فرض سياسة لتغيير النظام (في سوريا) بما في ذلك داخل مجلس الأمن الدولي».

وفي سياق ذي صلة، أعلن وزير الخارجية الإيطالي أمس أمام لجنة برلمانية أن هناك خطرا من حصول إبادة في سوريا في غياب تدخل سريع. وصرح الوزير جوليو تيرزي أمام لجنتي الخارجية في مجلسي الشيوخ والنواب أن «استراتيجية دمشق قد تفضي إلى إبادة في حال لم يتم التدخل سريعا»، وأوضح أن «استراتيجية دمشق واضحة، فهي تريد الدفاع عن بقائها عبر تصعيد العنف ضد السكان بأشكال أكثر مباشرة ووحشية ومن خلال تغذية النزاعات بين مختلف شرائح المجتمع السوري».