تنديد بـ«مجزرة القبير».. وتحذيرات من «مجازر طائفية»

النظام السوري أنكر المذبحة.. وأعاق وصول المراقبين

متظاهرون في محافظة إدلب ينددون بمجزرة قرية القبير أمس (أ.ب)
TT

نام السوريون ليل أمس على أنباء مجزرة جديدة في ريف حماه، ليستيقظوا على صور ومشاهد مأساوية تظهر هول هذه المجزرة التي ذهب ضحيتها 87 قتيلا في قرية لا يتجاوز عدد سكانها الـ130 شخصا، بحسب ما أعلن المجلس الوطني السوري، الذي دعا إلى الحداد العام أمس واليوم، وتصعيد التحركات الجماهيرية والميدانية في كل مكان، والعمل على تخفيف معاناة المناطق التي تتعرض للحصار والقصف والاقتحام في ريف حماه واللاذقية وحمص.

وفي حين طالب المجلس الوطني، الجيش السوري الحر والكتائب الميدانية بالعمل على تأمين الحماية اللازمة للمناطق المدنية المتاخمة للتجمعات التي ينطلق منها شبيحة النظام، قال العقيد مالك الكردي، نائب قائد الجيش السوري الحر، لـ«الشرق الأوسط»: «إن قرار العودة إلى العمليات الهجومية هو موضع نقاش، وسيتم الإعلان عنه في الأيام المقبلة». ورأى الكردي أن «طلب المجلس الوطني من الجيش الحر حماية المناطق المدنية هو صدى للشارع والمجتمع السوري الذي لم يعد يحتمل ما يقوم به النظام من مجازر طائفية بحقه»، مضيفا أن «النظام السوري يفرض علينا مسارا لسنا راغبين فيه. فبالجرائم التي يرتكبها لا يترك لنا الخيار، ولم يعد أمامنا إلا الدفاع عن أنفسنا وعن أهلنا ومقاتلة من يهاجمنا، وأصبح من الصعب القول لعناصرنا لا تقاتلوا أو تهاجموا وهم يرون أهلهم يقتلون يوميا».

ويشير الكردي إلى أنه «لم يعد ينفع التحذير من الوصول إلى حرب طائفية، فالحرب أصبحت اليوم واقعا ملموسا بفعل ممارسات النظام والقتل الطائفي وتجنيد الشباب والنساء من العلويين لقتل إخوتهم»، مضيفا «لكن وعلى الرغم من ذلك فإننا لا نزال نؤكد أن الثورة هي ثورة وطنية تهدف لحرية كل الطوائف، أما إذا اختارت الطائفة العلوية عكس ذلك ووقفت إلى جانب النظام الذي يعمل للوصول إلى حرب طائفية، فالوضع متجه نحو الانهيار.. وسيخسر الجميع».

وكان المجلس الوطني السوري قد أصدر بيانا قال فيه إن «النظام الأسدي ارتكب مجزرة بشعة في قرية القبير بذبح 80 مدنيا بالسكاكين، كما تم حرق عدد منهم وهم أحياء، ومن بين الشهداء 22 طفلا بعضهم دون الثانية من العمر و20 امرأة، وخطف 30 مدنيا من المزرعة ما زالوا في عداد المفقودين.

وفي حين امتنع المراقبون عن الذهاب إلى الموقع مساء عند وقوع المجزرة، طالبين من الأهالي الانتظار لصباح اليوم التالي، بحسب ما أكد عدد من الناشطين السوريين والمجلس الوطني السوري، أعلن رئيس بعثة المراقبين الدوليين إلى سوريا روبرت مود، بعد ظهر أمس، أن هناك حاجزا عسكريا ومدنيين يمنعون المراقبين الدوليين من دخول منطقة القبير بعد أنباء عن مجزرة هناك. كذلك، قال ناشطون سوريون لـ«رويترز» إن الجيش السوري منع يوم أمس فريق مراقبين من الأمم المتحدة من دخول قرية مزرعة القبير، فيما امتنعت سوزان غوشة، المتحدثة باسم بعثة المراقبين، عن التعليق بشكل مباشر على ما إذا كان الفريق قد منع من دخول القرية أم لا، وقالت «أرسلنا فريقا يحاول دخول المكان».

وفي تفاصيل الحادثة، أعلن المجلس، أنه «بعد عصر يوم الأربعاء استقدمت دبابات إلى المنطقة، وبدأت القصف باتجاه قرية معرزاف وقرية صغيرة معظمها من عائلة اليتيم اسمها القبير، ومن ثم بعد ساعة تقريبا توجهت سيارات عدة وباصات تحمل شبيحة من قرية أصيلة والقرى الموالية المحيطة بها، وتم قتل 7 أشخاص من عائلة علوان، ثم عمد الشبيحة بعد ذلك إلى قتل عائلات مستخدمين السكاكين في عمليات الإعدام الميدانية، وقد وجدت بعض الجثث محترقة، فيما شمل القصف قرى جريجس، وصاوا المجاورة، وخربة التويم».

وفي بيان آخر، لفت المجلس الوطني إلى أن مجزرة «القبير» أتت بعد مجزرة مدينة «الحفة» التي وقعت قبل يوم واحد وقتل فيها 17 مدنيا، وأخرى في بلدة «كفرزيتا» حيث عثر على ست جثث متفحمة، معتبرا أن النظام يخطط لارتكاب مجازر جديدة في كل من اللاذقية وحماه وحمص وحلب، وأن ما يقوم به النظام هو عمل إبادة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وجزء لا يتجزأ من مخططه لإثارة صراع بين مكونات المجتمع السوري، ويهدف إلى دفع البلاد نحو الفوضى والاقتتال.

وأعلن المجلس الوطني أن «الوضع في سوريا بات على درجة عالية من الخطورة، وأن المعلومات المتوافرة تؤكد أن النظام يخطط لارتكاب مجازر أخرى وعمليات تفجير بسيارات مفخخة، وسيكون الهدف الأبرز قتل أطفال ونساء لإحداث عمليات تهجير مقصودة من مناطق ريفية ذات كثافة سكانية. وقد بات على الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجامعة العربية عدم الانتظار أملا في التزام النظام بالمبادرة الدولية، حيث بات من الواضح أن النظام يستخدمها سعيا لقتل مزيد من السوريين». وفي حين طالب المجلس الوطني، الجيش السوري الحر والكتائب الميدانية بالعمل على تأمين الحماية اللازمة للمناطق المدنية المتاخمة للتجمعات التي ينطلق منها شبيحة النظام، ووضع استراتيجية تركز على حماية السكان ودفع الخطر الذي يتهددهم من فرق الموت وجلاوزة القتل، دعا الاجتماع الوزاري في اسطنبول إلى اتخاذ خطوة جادة وطرح الملف السوري على مجلس الأمن واتخاذ قرار تحت الفصل السابع لردع النظام عما يقوم به من مجازر وحشية.

من جهتها، اتهمت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا نظام الرئيس بشار الأسد بارتكاب مجزرة القبير، بالإضافة إلى «قتل وذبح وإحراق» عشرات الأبرياء في الحفة بمحافظة اللاذقية في اليوم نفسه، محملة المجتمع الدولي ودول الجوار العربي والإسلامي مسؤولية المجازر بحق الشعب السوري. واعتبرت الجماعة في بيان أن «مسلسل المجازر» لن يتوقف، واصفة ما «يرتكبه بشار الأسد وأعوانه ومؤيدوه» من «قتل وذبح للأطفال والنساء وحرق وتمثيل بالأجساد» بأنه «فعل مقصود وممنهج». وانتقد البيان مسبقا المواقف الدولية سواء تلك الداعمة للنظام أو المعادية له، مشددا على أن «ما جرى ويجري من مجازر في سوريا منذ 15 شهرا لن يتوقف بالشجب والاستنكار ولا بالوعيد والتصريحات المتضاربة». وحذر البيان من أن «الأسد وشبيحته» سيستمرون في المجازر ما داموا «يعلمون أن المدنيين العزل لا يجدون الوسيلة التي يدافعون بها عن أنفسهم».

في المقابل، نقلت وكالة «سانا» أن «مصدرا رسميا بمحافظة حماه أكّد أن ما تناقلته بعض وسائل الإعلام الشريكة في سفك الدم السوري حول ما جرى في مزرعة القبير في بلدة معرزاف بريف حماه عار عن الصحة تماما»، مضيفة «وقال المصدر في تصريح له إن مجموعة إرهابية مسلحة قامت في المزرعة المذكورة بارتكاب جريمة مروعة ذهب ضحيتها تسعة مواطنين من النساء والأطفال. وبعد وقوع الجريمة ناشد أهالي المزرعة السلطات المعنية بالمحافظة التدخل لحمايتهم ووقف جرائم الإرهابيين، فتوجهت الجهات المختصة إلى المزرعة المذكورة وداهمت وكر المجموعة الإرهابية واشتبكت معها، مما أدى إلى مقتل أفراد المجموعة ومصادرة أسلحتهم، وشملت قاذفات (آر بي جي) ورشاشات وقنابل يدوية. كما أسفر الاشتباك عن مقتل عنصرين من الجهات المختصة وإصابة خمسة آخرين».