وكيل الخارجية السودانية بالإنابة لـ «الشرق الأوسط»: السودان طلب رسميا نقل قمة الاتحاد الأفريقي من مالاوي إلى أديس أبابا

بعد استدعائه أمس لسفراء الدول الأعضاء بالاتحاد الأفريقي في الخرطوم

TT

استدعت وزارة الخارجية السودانية أمس سفراء الدول الأعضاء بالاتحاد الأفريقي في الخرطوم، وأبلغتهم رسميا طلب السودان بنقل قمة الاتحاد الأفريقي التاسعة عشرة المقبلة من مالاوي إلى أديس أبابا، وذلك لتفادي منع الرئيس السوداني عمر البشير من حضور القمة الأفريقية التي ستعقد في مالاوي الشهر المقبل، بعد أن أعلنت مالاوي الدولة التي تستضيف القمة منع الرئيس البشير المطلوب مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية من الحضور للمشاركة في القمة الأفريقية. وقالت جويس باندا، رئيسة مالاوي، الشهر الماضي إنها طلبت من الاتحاد الأفريقي منع الرئيس السوداني البشير من حضور القمة لأن زيارته للبلاد ستكون لها «تداعيات» على اقتصاد بلدها.

وقال السفير عمر صديق، وكيل وزارة الخارجية السودانية بالإنابة، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» أمس «إن وزارة الخارجية السودانية استدعت أمس سفراء الدول الأعضاء بالاتحاد الأفريقي في الخرطوم، وأبلغتهم رسميا بطلب السودان نقل قمة الاتحاد الأفريقي التي ستعقد في الفترة من 9 إلى 16 يوليو (تموز) المقبل من مالاوي إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا (دولة مقر الاتحاد الأفريقي)، لأن موقف مالاوي المطالب بمنع الرئيس البشير من حضور القمة الأفريقية ينتهك قواعد الاتحاد الأفريقي، بما في ذلك الالتزام بتوفير ومراعاة أطر العمل المناسبة التي تقتضيها الواجبات الخاصة باستضافة الدولة للقمة».

وأضاف السفير صديق أن «السودان تقدم بهذا الطلب بعد إعلان مالاوي عدم ترحيبها بوجود الرئيس البشير في القمة استنادا إلى ما قالت إنه التزامات تجاه المحكمة الجنائية الدولية. ولما كانت هذه القمة مهمة بشكل خاص بالنسبة للسودان لأنها تتناول قضايا مهمة تشمل العلاقات بين السودان وجنوب السودان الذي انفصل عن السودان العام الماضي بموجب اتفاقية للسلام في عام 2005، وقضية دارفور، كان من الضروري مشاركة الرئيس البشير في أعمالها، بالإضافة إلى انتخاب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي». وقال إن «طلب السودان مشروع ويتسق مع القانون الأساسي للاتحاد الأفريقي. والأفضل في رأي السودان أن تنعقد القمة الأفريقية المقبلة في أديس أبابا، حفاظا على الوحدة الأفريقية، ولأهمية هذه القمة في انتخاب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي».

وكانت اللجنة الفرعية المؤقتة المكونة من ثمانية رؤساء دول أفريقية، وهي مكلفة بحل الإشكال بين الغابون وجنوب أفريقيا في ما يتعلق بترشيح رئيس المفوضية، قد رفضت طلب رئيسة مالاوي بعدم دعوة الرئيس السوداني عمر البشير للقمة، ورئيس هذه اللجنة هو رئيس دولة بنين، وفي الوقت نفسه هو الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.

وأكد وكيل وزارة الخارجية بالإنابة أن طلب مالاوي باستثناء الرئيس البشير من حضور القمة غير قانوني، لأن الرئيس البشير لن يذهب إلى مالاوي لزيارة خاصة، وإنما لحضور قمة أفريقية، مشيرا إلى أن هناك مؤشرات تؤكد دعم مفوضية الاتحاد الأفريقي لطلب السودان، لأن رئيس الاتحاد الأفريقي ومعظم الدول الأفريقية تعارض اتجاه دولة مالاوي.

وقال السفير صديق «إن دولة مالاوي هي دولة مضيفة ليس لها الحق في تحديد من يحضر القمة ومن لا يحضر، وأن قرارها مبني على مصالح اقتصادية، وليست سياسية، متمثلة في الدعم الذي تقدمة الولايات المتحدة لها عبر صندوق التنمية الأميركي والبالغ 350 مليون دولار سنويا، والذي تم إيقافه قبل عام بسبب قضايا حقوق الإنسان والفساد بمالاوي. كما أن مالاوي ارتكبت عدة أخطاء في دعوتها لمنع الرئيس البشير من حضور القمة، إذ إن الميثاق المؤسس للاتحاد الأفريقي لا يسمح للدولة المضيفة بمنع رئيس أفريقي من حضور قمة أفريقية، وكذلك ميثاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية في المادتين (98 أ) و(98 ب) ينص على أنه لا يحق لأي دولة عضو في المحكمة الدولية أن تستجيب لطلب المحكمة بتوقيف أي شخص يتمتع بحصانة من دولة غير عضو في المحكمة الجنائية الدولية، ما لم تأخذ موافقة الدولة ذات الشأن، وبالتالي حديث رئيسة مالاوي خرق لاتفاقية روما».

وأضاف أنه «لا توجد سابقة في ما يتعلق بنقل قمة أفريقية من دولة إلى دولة المقر أو أي دولة أخرى، لكن في عام 1974 رفضت الولايات المتحدة الأميركية استقبال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لحضور اجتماع اللجنة السادسة للأمم المتحدة في نيويورك، فتم نقل الاجتماع إلى جنيف. كما أن هناك عددا من الدول الأفريقية لا تعترف بالجمهورية الصحراوية، بما في ذلك السودان، لكن عند انعقاد القمة الأفريقية في الخرطوم استقبل السودان وفد الجمهورية الصحراوية لحضور القمة».

وحول العلاقات الدبلوماسية بين السودان ومالاوي، أوضح وكيل وزارة الخارجية السودانية بالإنابة أنه لا يوجد تمثيل دبلوماسي بين البلدين، وأن العلاقات تقوم على التمثيل غير المقيم، وأن سفير السودان في لوساكا هو المعتمد لدى مالاوي.

وفي ما يتعلق بتقرير لويس مورينو أوكامبو، مدعي المحكمة الجنائية الدولية، الذي قدمه لمجلس الأمن، أوضح السفير صديق أن أوكامبو أراد بالتقرير أن يصعب مهمة خلفه القادم لأن فترته ستنتهي في الثامن عشر من الشهر الحالي، وأن ما قدمه في التقرير هو الاتهامات القديمة نفسها المخالفة لقانون روما وكل القوانين الدولية، مشيرا إلى أن تقارير أوكامبو الخمسة عشر الماضية والتقرير الحالي تعد في لغة الأمم المتحدة بأنها للعمل وليس لاتخاذ إجراء.

يذكر أنه منذ أن أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال الرئيس السوداني البشير في عام 2009 تمكن الرئيس السوداني من زيارة عدد كبير من الدول، منها الصين وتشاد وقطر وليبيا والسعودية وكينيا وإثيوبيا، وشكلت هذه الزيارات إحراجا للمحكمة الجنائية الدولية. وكان أوكامبو، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الذي ستنتهي فترة ولايته هذا الشهر، طالب يوم الاثنين الماضي بقطع المساعدات عن الدول التي تساعد الرئيس السوداني على تجنب الاعتقال.