كلينتون تتفق مع أنان على زيادة الضغط على النظام.. ودول غربية تعد مشروع عقوبات تحت «البند السابع»

مقترحات روسية بعقد مؤتمر دولي.. والولايات المتحدة تفشل في كسب تأييد روسيا لرحيل الأسد

دخان يتصاعد من حي الخالدية بحمص والذي تعرض لقصف عنيف من قوات النظام السوري أمس (أ.ب)
TT

في لقاء استمر أقل من ساعة في وزارة الخارجية الأميركية صباح أمس، اتفقت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مع مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان على ضرورة زيادة الضغوط الدبلوماسية على النظام السوري، والعمل لتجنب سقوط سوريا في حرب أهلية تهدد استقرار المنطقة، وأن يقوم المجتمع الدولي بالتخطيط لسوريا ما بعد الأسد.

وقبل اللقاء أشار أنان للصحافيين بشكل مقتضب أنه سيبحث مع وزيرة الخارجية الأميركية كيفية التحرك لدفع خطة السلام المتعثرة إلى الأمام وقال: «سوريا هي تحد حقيقي وسأناقش مع وزيرة الخارجية كيف يمكننا ممارسة ضغوط إضافية على الحكومة والأطراف الأخرى، حتى يتم تنفيذ الخطة وكان لدينا نقاش جدي في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والجميع يبحث عن حل».

وأفاد دبلوماسيون، أمس، بأن الغربيين سيتحركون «سريعا» لتبني عقوبات ضد النظام السوري في مجلس الأمن الدولي. وأوضح دبلوماسي غربي: «سنتحرك سريعا لمحاولة التوصل إلى تبني قرار» يعاقب دمشق، مضيفا: «ستطرح مبادرة خلال الأيام القليلة المقبلة للتوصل إلى تصويت يتضمن إجراءات تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، مما يعني عقوبات». بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وتعمل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على إعداد مشروع قرار يتضمن التهديد بفرض عقوبات، حسب ما قال دبلوماسي آخر. وأضاف أن الدول الغربية تريد أن «تستخلص نتائج اجتماع الأمس (الخميس)».

وقال دبلوماسي غربي: «نأمل أن لا يعارض الروس، والصينيون يبدون أكثر انفتاحا».

في توقيت متزامن، شهدت موسكو مشاورات أميركية - روسية للتوصل إلى مسار لحل الأزمة السورية، حيث عقد مسؤول الملف السوري بوزارة الخارجية الأميركية فريدرك هوف اجتماعا مع ميخائيل بوغدانوف المبعوث الرئاسي إلى الشرق الأوسط وغينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي حول الوضع السوري وحشد الدعم الدولي لصالح تطبيق خطة كوفي أنان من قبل جميع الأطراف إضافة إلى مناقشة المقترح الروسي لعقد مؤتمر دولي حول سوريا في أسرع وقت.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية إن محادثات هوف تأتي في إطار جهد لوضع استراتيجية لنقل السلطة في سوريا، وتبادل الآراء مع الجانب الروسي بشأن التوصل إلى حل سلمي وحشد التأييد الدولي لتنفيذ خطة أنان من جانب جميع الأطراف، ودعوة موسكو لممارسة مزيد من الضغط على الأسد لوقف أعمال العنف.

من جهتها أعلنت مصادر الخارجية الروسية أن موسكو لا تعرف شيئا عن نوايا الرئيس السوري بشار الأسد بشأن البقاء في الحكم أو التنحي. ونقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» عن ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية والمسؤول عن ملف البلدان العربية قوله «إنه لا علم لديه بشأن ما ينتويه الرئيس السوري». وكان بوغدانوف وعدد من المسؤولين الروس التقوا بالأمس مع فريدريك هوف المنسق الخاص في وزارة الخارجية الأميركية المسؤول عن الملف السوري في موسكو أمس حيث جرت مناقشة الأوضاع في سوريا. ولم تكشف مصادر وزارة الخارجية الروسية شيئا عما دار في هذه المباحثات مكتفية بالقول «إننا نتحاور بنشاط مع الإدارة الأميركية حول سوريا.. وهذا أمر طبيعي». وفيما نقلت وكالة «نوفوستي» عن «تقارير إعلامية» قولها «إن واشنطن سعت إلى إقناع موسكو بضرورة الضغط على دمشق لتنحي رئيس الجمهورية» أشارت الوكالة الروسية إلى أن موسكو عادت وأكدت «أن الشعب السوري هو الذي يقرر مصير رئيسه وأن مصير النظام في دمشق يجب أن يقرره السوريون وحدهم وأن روسيا لن تسمح بتكرار السيناريو الليبي في هذه البلاد». وتقول المصادر إن الجانبين تناولا أيضا فكرة عقد اللقاء الدولي التي سبق وأعلنها سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية. وكان لافروف تندر باحتمالات تجاهل بعض الدول لفكرة اللقاء على اعتبار أن إطار «مجموعة أصدقاء سوريا» مريح أكثر لتنفيذ «تحولات سياسية» مربحة على حد قوله الذي نقلته وكالة أنباء «إيتار تاس».

كان المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان قد طرح مقترحا لإنشاء مجموعة اتصال لسوريا تشمل الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والأطراف الإقليمية الرئيسية التي لها تأثير على دمشق وعلى جماعات المعارضة السورية مثل المملكة العربية السعودية وتركيا وإيران. ويكون مهمة المجموعة هي رسم خريطة للتحول السياسي بما يؤدي إلى استراتيجية لرحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة وإجراء انتخابات حرة.

على المسار نفسه، طرح المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين فكرة إقامة مؤتمر دولي حول الوضع في سوريا، رافضا بشدة أي حديث عن التهديد باستخدام القوة لتغيير النظام في سوريا، وقال في أعقاب جلسة مجلس الأمن مساء الخميس «الوضع معقد جدا في سوريا، ولا أحد يتحدث عن جماعات المعارضة المسلحة التي فشلت في الالتزام بخطة كوفي أنان وأعلنت عدم التزامها بالخطة وهذا هو الجزء الخطر في اعتقادنا مع قيام المجلس الوطني السوري بتكرار دعوات للتدخل العسكري مما يشجع على العنف وارتكاب الحوادث الإرهابية».

وأضاف تشوركين «اقترحنا مبادرة جديدة لإقامة مؤتمر حول سوريا يضم الدول التي يمكن أن تؤثر على الموقف في سوريا مثل المملكة العربية السعودية وقطر وإيران، وتنسيق كل المبادرات ومساعدة الحكومة والمعارضة لتجد مسارا لإنهاء العنف» وأشار إلى أنه تشاور مع كل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمبعوث الأممي كوفي أنان في هذا المقترح وأنه وجد لديهما اهتمام مشجعا.

وأكد المندوب الروسي أن المؤتمر الدولي الذي تقترحه روسيا لن يحل محل مجلس الأمن لأن الهدف من المؤتمر هو دعم خطة كوفي أنان، رافضا المحاولات من الولايات المتحدة وحلفائها لتهميش إيران وقال: إن طهران ينبغي أن تدرج في الجهود المبذولة لإيجاد حل سلمي للأزمة في سوريا. وأكد تشوركين أنه لا مجال لفرض عقوبات جديدة من مجلس الأمن تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة.

ولا ترحب الولايات المتحدة بمشاركة إيران في مجموعة أو مؤتمر لمناقشة الأزمة السورية، لكنها في الوقت نفسه لم تعلن رفضها الصريح لتلك المقترحات. وقالت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس للصحافيين عقب جلسة مجلس الأمن «إيران جزء من المشكلة في سوريا في الوقت الحاضر، ولا جدال أنها تشارك بنشاط في دعم الحكومة السورية في ارتكاب أعمال عنف على الأرض ولم يظهر لديها أي ميل للتوقف ولا تزال تعمل بنشاط، نحن نعتقد أن إيران لم يظهر حتى الآن استعدادها لمساهمة بناءة في إيجاد حل سياسي سلمي».

وأضافت رايس «أن مجلس الأمن في حاجة للعمل معا وممارسة الضغط وفرض العواقب التي تترتب على عدم الامتثال من جانب النظام السوري. وخطة أنان لم تنجح لأن الحكومة السورية لم تف بالالتزامات المنصوص عليها في الخطة».

وبعد اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومجلس الأمن لم تفلح مناشدات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ولا دعوات رئيس الجمعية العامة ناصر عبد العزيز النصر في توحيد أصوات الدول الأعضاء بمجلس الأمن لمساندة مقترح كوفي أنان بإنشاء مجموعة اتصال وضم دول مثل إيران للتأثير على الحكومة السورية.

وقال كوفي أنان للصحافيين بعد الجلسة المغلقة لمجلس الأمن مساء الخميس «إن المناقشات جارية حول إمكانية إنشاء مثل هذه المجموعة التي لها تأثير حقيقي على الوضع للنظر في المشاكل بطريقة واقعية لأننا نواجه صعوبات على أرض الواقع ولدينا مصالح مشتركة في منطقة الشرق الأوسط وسوريا». وحذر أنان من مخاطر انتقال الأزمة السورية إلى الدول المجاورة، موضحا خشيته من أن الأزمة السورية بدأت تخرج عن نطاق السيطرة. وأعرب أنان عن أمله أن تكون إيران «جزء من الحل» للأزمة السورية وقال: «إيران دولة مهمة في المنطقة وآمل أن تكون جزءا من الحل».

فيما قال بان كي مون للصحافيين «إن الشعب السوري ينزف وغاضب وهو يريد السلام والكرامة» وأضاف: «خطر الحرب الأهلية بات وشكيا وحقيقيا والإرهابيون يحاولون استغلال الفوضى وإجمالي انتهاكات حقوق الإنسان يتزايد».

ونقل دبلوماسيون عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنه تحدث خلال جلسة مجلس الأمن عن أسلحة ثقيلة ورصاص خارق وطائرات من دون طيار استخدمت ضد مراقبي الأمم المتحدة المنتشرين في سوريا بشكل يومي أو شبه يومي. وقال الدبلوماسيون الذين شاركوا في الاجتماع المغلق بمجلس الأمن الذي استمر ثلاث ساعات، إن تلك الهجمات تهدف إلى إرغام المراقبين على الانسحاب من المناطق التي تتهم فيها القوات السورية بشن هجمات. وقال مون أمام مجلس الأمن إن المراقبين شاهدوا قوافل عسكرية تقترب من القرى وحاولوا منعهم من شن هجمات ضد المناطق المأهولة لكن تم تجاهلهم. ونقل الدبلوماسيون عن الأمين العام للأمم المتحدة قوله: إن آمال دعم خطة السلام تتلاشى، وقال سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة مارك ليال جرانت «الوقت قد حان لكي يتخذ مجلس الأمن خطوات لتعزيز الدعم لخطة كوفي أنان بما في ذلك إقرار جداول زمنية واضحة ومحفزات لفرض عقوبات في حال عدم الامتثال». وقال السفير الفرنسي مارتن برنينز «لقد طلب منا أكثر من مجرد كلمات، طلب منا العمل».

من جانبه قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر «نحن بحاجة إلى أن يتحرك المجتمع الدولي بنفس الخطى لدعم خطة أنان ولدينا تحالف قوي لكننا بحاجة إلى المزيد، نحن بحاجة إلى روسيا وبحاجة إلى الصين حتى نتمكن من جلب قدر مناسب من الضغط على الأسد» وأشار تونر إلى محادثات أميركية مع جميع أعضاء مجلس الأمن بما في ذلك روسيا والصين.