أبو مازن في باريس: يمكن أن نجلس مع نتنياهو إذا أطلق الأسرى

في ما يبدو تراجعا عن وقف الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات

أبو مازن في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الفرنسي فابيوس أول من أمس في باريس (وكالة وفا)
TT

واصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، زيارته للعاصمة الفرنسية باريس لليوم الثالث على التوالي، والتقى أمس بنظيره الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه وأطلعه على آخر تطورات القضية الفلسطينية وعملية السلام المتعثرة بسبب السياسة الاستيطانية لحكومة بنيامين نتنياهو. وبدأ اللقاء باجتماع موسع شارك فيه كامل الوفدين، تلاه اجتماع مغلق، بحثا خلاله آخر تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط ودور فرنسا في العملية السلمية.

ويأمل أبو مازن من هذه الزيارة في أن يحصل من فرنسا في ظل الرئيس الاشتراكي ما عجز عن الحصول عليه في عهد الرئيس المحافظ نيكولا ساركوزي، وهو القبول الفرنسي للعضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة وكالة الصحافة الفرنسية «نريد من فرنسا وتحديدا من الرئيس هولاند قرارا تاريخيا شجاعا وهو الاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية». وتابع «نريد أن تعيد فرنسا النظر في موقفها من طلبنا المقدم لمجلس الأمن الدولي لنيل العضوية الكاملة في الأمم لمتحدة والتصويت لصالحنا». وأضاف «سنطلب اليوم دعم سعينا في الجمعية العامة لنيل مكانة دولة غير عضو فيها».

وقال أبو مازن في مؤتمر صحافي مشترك مع هولاند: «إنه إذا وافقت إسرائيل على إطلاق سراح الأسرى، وسمحت لنا باستيراد أسلحة للشرطة، فإننا يمكن أن نجلس مع السيد نتنياهو». واستطرد قائلا: «أنا قلت إنه إذا وافق نتنياهو على إطلاق سراح الأسرى والسماح باستيراد سلاح الشرطة، سنتحاور، وليس معنى هذا أن نتفاوض، وهذا ما اقترحه هو، أنه في هذه الجلسات التي نجلس فيها نتحاور حول مختلف القضايا، لكن المفاوضات تحتاج هذين البندين (وقف الاستيطان وحدود الدولتين) اللذين نصر على أنهما ليسا شرطين مسبقين وإنما هما التزامات التزمت بها الحكومة الإسرائيلية وألزمت نفسها بها».

وأشار الرئيس إلى أنه «إذا لم تنجح كل المساعي للعودة للمفاوضات، فبالتأكيد سنذهب للجمعية العامة لنحصل على ما يطلق عليه اسم دولة غير عضو، رغم أننا سنصادف عقبات كثيرة من أطراف مختلفة». وقال: «إن الكرة في ملعب نتنياهو، ففي اللحظة التي يوافق فيها على وقف الاستيطان وعلى حدود الدولتين، سنذهب مباشرة للمفاوضات لنناقش بقية قضايا الحل النهائي».

وأضاف، أنه أطلع الرئيس الفرنسي على الاتصالات مع الحكومة الإسرائيلية، وإلى أين وصلت الأمور، مشيرا إلى أنه «معروف لدى الجميع أن خيارنا الأول هو المفاوضات، ولذلك نركز على المفاوضات بيننا وبين الإسرائيليين».

وأوضح أبو مازن أن «موضوع الأسرى حساس جدا، فقبل أكثر من شهر كان هناك مئات بل ألوف من الأسرى مضربين عن الطعام، وكانت حياتهم جميعا في خطر، والآن لدينا بعض الأسرى المضربين عن الطعام مثل محمود السرسك، لاعب كرة قدم، ومضرب عن الطعام منذ 86 يوما، وكذلك أكرم الريخاوي مضرب عن الطعام منذ 58 يوما».

وقبل لقائه مع هولاند اجتمع أبو مازن في قصر ماتينيون، مقر رئاسة الوزراء الفرنسية، رئيس الحكومة جان مارك إيروليت، وبحث معه تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، واستعرضا الوضع السياسي والاقتصادي في الأرض الفلسطينية، والعلاقات الثنائية بين البلدين.

ووصل أبو مازن إلى باريس على رأس وفد ضم رئيس دائرة الانتخابات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، والناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، والمستشار الدبلوماسي مجدي الخالدي، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، إلى العاصمة الفرنسية باريس في وقت متأخر من يوم الأربعاء الماضي، قادما من العاصمة القطرية الدوحة حيث شارك في اجتماع اللجنة العربية لمتابعة المبادرة لعملية السلام. والتقى في مقر وزارة الخارجية الفرنسية مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، واستعرضا الوضع السياسي والاقتصادي في الأرض الفلسطينية والعلاقات الثنائية بين البلدين. وفي ختام الاجتماع وقع أبو مازن مع فابيوس، اتفاقية لدعم الميزانية العامة الفلسطينية بقيمة 10 ملايين يورو، الدفعة الأولى من مساهمة فرنسا لدعم ميزانية السلطة لعام 2012. وعبر فابيوس عن سعادته لتوقيع اتفاقية «تسمح بتحويل 10 ملايين يورو في الأيام القليلة المقبلة للسلطة الفلسطينية، وهذا يشكل الدفعة الأولى من دعمنا لميزانية عام 2012». وقال: إن «هذا الدعم هو دليل على الثقة التي نوليها للسلطة الفلسطينية في عملها الدؤوب بالإصلاح والشفافية منذ عام 2007. وقال: إن فرنسا تنتهز هذه المناسبة كي تحث جميع المانحين، خاصة دول الخليج والولايات المتحدة الأميركية لدعم السلطة الفلسطينية، حيث تمر بوضع مالي صعب جدا، وعلى إسرائيل أن تفعل المزيد لمساعدة السلطة الفلسطينية من خلال السماح لها بزيادة عائداتها والتقليل من اعتمادها على الدعم الخارجي، ومن خلال رفع القيود الموجودة على التنمية الاقتصادية الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.

وقبيل وصول أبو مازن والوفد المرافق له باريس، أجرى مستشار نتنياهو لشؤون الأمن القومي ومبعوث الخاص، يعقوب أميدرور لقاءات مع المسؤولين الفرنسيين وفي مقدمتهم الرئيس هولاند. وحسب صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية فقد التقى أميدرور مع الرئيس الجديد، ووزير الخارجية. نسبت الصحيفة إلى مسؤول القول: إنه ليس من المعتاد لنتنياهو إرسال مبعوث شخصي لرئيس منتخب حديثا، بدلا من العمل من خلال السفير الإسرائيلي لدى باريس لنقل الرسائل. وقال: إن هذا يمكن أن يشير إلى وجود محاولة للتأكد من أن الحكومة الاشتراكية الجديدة لا تزال متمسكة بموقفها في المسألة الإيرانية كما كانت حكومة ساركوزي. وجاء إرسال أميدرور إلى باريس، وفقا للصحيفة لإطلاع القيادة الفرنسية الجديدة على موقف إسرائيل من القضية الفلسطينية. وقال بيان قصر الإليزيه «إن أميدرور نقل رسالة شخصية من نتنياهو». ولم يكشف عن مضمون هذه الرسالة. وأضاف أن هولاند أعرب عن رغبة فرنسا في تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين وتطوير العلاقات القائمة بين الجمعيات الفرنسية والإسرائيلية في كل المجالات. وقال هولاند إنه مهتم بلقاء نتنياهو في وقت قريب، رغم أنه لم يتحدد موعد للزيارة.