مواجهات بين الطوارق والإسلاميين في شمال مالي

الأزمة بدأت تأخذ منحى قبليا.. وأفريقيا تطلب دعم الأمم المتحدة

مهاجرون فروا من شمال مالي، واستقروا في مخيم قرب منطقة أيورو بالنيجر (أ.ف.ب)
TT

جرت اشتباكات بين مقاتلين طوارق من «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» وآخرين من جماعة «أنصار الدين» الإسلامية الليلة قبل الماضية في شمال مالي، بينما يستعد الاتحاد الأفريقي لطلب دعم من الأمم المتحدة لتدخل عسكري محتمل في هذه المنطقة.

وقالت مصادر محلية من مدينة كيدال إن مقاتلي «حركة تحرير أزواد» و«أنصار الدين» تواجهوا في محيط المدينة وإن إطلاق النار كان «كثيفا بين الطرفين»، وقال موظف في المدينة: «شاهدت سيارات عدة تعبر المدينة»، مشيرا إلى إطلاق نار كثيف من أسلحة آلية. وأوضح أن الهدوء عاد عند الفجر، مؤكدا أن «أعلام (الحركة الوطنية لتحرير أزواد) التي كانت ترفرف في المدينة أزيلت». واستؤنفت صباح أمس خدمة الهاتف الجوال في المدينة بعد أن قطعت ليلا. لكن المصادر المحلية لم تتحدث عن سقوط ضحايا.

بدوره، أوضح محمد آغ محمود، المسؤول في تنظيم «أنصار الدين»، أن هذه المواجهة جاءت بعد أن «قامت (الحركة الوطنية لتحرير أزواد) طوال هذا الأسبوع في كيدال باستغلال مدنيين تظاهروا» ضد الحركة الإسلامية. وأضاف: «شجعوا النساء والأطفال على التظاهر ضدنا. الآن سنريهم قوتنا». لكن الناطق باسم «حركة تحرير أزواد» في باريس موسى آغ الطاهر نفى حدوث أي مواجهات ليلا بين المجموعتين. وقال: «لم تحدث اشتباكات ليلا بين (الحركة الوطنية لتحرير أزواد) و(أنصار الدين) في كيدال. تحدثت صباح اليوم (أمس) إلى اللجنة التنفيذية للحركة في غاو (شمال شرقي مالي وجنوب كيدال) التي أكدت أنه لم يجر تبادل لإطلاق النار. نعرف أن (أنصار الدين) تقوم بتجميع قواتها حول كيدال التي يريدون جعلها مقرا لهم». ومن جانبه، قال موسى سالم، أحد عناصر «الحركة الوطنية لتحرير أزواد»، «نتعرض لهجوم وسنرد»، مؤكدا أن المتمردين الطوارق هاجموا «حتى منزل إياد آغ غالي» زعيم «أنصار الدين» وهو من الطوارق ومولود في كيدال.

وتظاهر سكان المدينة خصوصا من النساء والشبان الثلاثاء والأربعاء، مؤكدين دعمهم لـ«الحركة الوطنية لتحرير أزواد». وتم تفريق مظاهرة الثلاثاء بعنف. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية، نقلا عن مصادر محلية، إن مواجهات الليلة قبل الماضية وقعت أساسا بين طوارق قبيلتي تاغامالاتي وأدنان من جانب «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» ومقاتلين من قبيلة إيفورا من جانب «أنصار الدين». وعلق الصحافي المالي تيغوم بوباي مايغا قائلا: «بدأ يدب الانقسام داخل المجموعات المسلحة الطوارق. والأزمة بدأت تتخذ منحى قبليا. وبعد أن حاربوا معا الجيش المالي خصوصا في شمال شرقي البلاد، وبالذات في مدينة غاو، باتت المجموعتان تتواجهان على أساس قبلي. هذا في منتهى الخطورة».

وتعد هذه المرة الأولى التي تقع فيها مواجهات مباشرة بين المجموعتين في هذه المنطقة الشمالية الشاسعة التي تسيطر عليها منذ أكثر من شهرين «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» وجماعة «أنصار الدين» وحليفها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وتعثرت مباحثات كانت تهدف إلى توحيد «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» التي كانت بالأساس حركة علمانية انفصالية، و«أنصار الشريعة»، في الأيام الأخيرة بسبب خلاف حول تطبيق الشريعة.

وقد أعلن مسؤول سابق في شمال مالي أن حركة سياسية عسكرية أنشئت الخميس بهدف «طرد الإسلاميين» من تمبكتو، إحدى أكبر مدن شمال مالي. وقال الحاكم السابق في منطقة تمبكتو بوبكر ماها وهو المتحدث باسم الحركة: «أسسنا حركة الوطنيين من أجل المقاومة وتحرير تمبكتو. نريد طرد الإسلاميين من مدينتنا وضاحيتها. في صفوفنا، هناك بشكل أساسي عناصر سونغاي في تمبكتو وهم من القبائل الرحل والطوارق السود. نحن ضد الاستقلال وضد الإسلاميين ونطالب بضمنا إلى مالي».

وتأتي هذه المواجهات بينما أعلن الاتحاد الأفريقي أنه سيطلب من الأمم المتحدة «دعمها» لتدخل عسكري في شمال مالي، حسب ما جاء في ختام اجتماع الخميس في أبيدجان لمسؤولين من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ودول مجموعة غرب أفريقيا. وقال البيان الختامي إن المشاركين «أعربوا عن رغبتهم في العمل على تحرك سريع لدعم مناسب من الأمم المتحدة» من خلال «طلب رسمي» يقدمه الاتحاد الأفريقي حول «مهمة محددة» لعملية عسكرية تهدف إلى الدفاع عن سيادة أراضي مالي. وأضاف أن الاجتماع «أقر بضرورة تحريك كل الوسائل المناسبة بما فيها العسكرية» لمساعدة الدولة ماليا لإعادة بناء هيكلة جيشها و«دعم الجهود الهادفة إلى عودة سلطة الدولة في أسرع وقت ممكن إلى شمال البلاد وكذلك دحر المجموعات الإرهابية» و«الإجرامية» أو أي مجموعة أخرى، وهي جهات «يؤثر عملها على الاستقرار والأمن في مالي والمنطقة».

وأكد ممثلو الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أن منظماتهم ودولهم مستعدة لتقديم دعم خصوصا «مالي» و«لوجيستي» لهذه الجهود. وأوضح البيان أن المشاركين «طالبوا» بحل المجلس الوطني لإعادة الديمقراطية وإقامة الدولة «فورا وانسحاب أعضائه من إدارة المرحلة الانتقالية». وأكد المجتمعون ضرورة أن «تخصص القوات المسلحة وتحت سلطة الرئيس والحكومة بالوكالة، لمهمتها الأساسية في الدفاع عن وحدة أراضي مالي وسيادتها».