درعا وحمص تحت القصف.. واللاذقية تكبد النظام خسائر في الأرواح والآليات

الأمم المتحدة: المراقبون رأوا دماء على الجدران في موقع مجزرة «القبير» واشتموا «رائحة قوية للحم محترق»

سكان يتجمعون أمام مخبز لشراء الخبز بالحولة بحمص أمس (رويترز)
TT

وصل عدد قتلى أمس بحسب الحصيلة الأولية لهيئة الثورة السورية إلى 38 قتيلا سقطوا بنيران قوات النظام السوري في مختلف المناطق، معظمهم في درعا، وبينهم نساء وأطفال، بينما واصل المراقبون الدوليون البحث في مجزرة القبير بريف حماه، والتي ذهب ضحيتها 87 قتيلا.

وقالت لجان التنسيق إن مدينة درعا عاشت ليلة دامية تعرضت خلالها لقصف عنيف تسبب في سقوط 17 قتيلا على الأقل، وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن وقوع اشتباكات في البلدة بين الجيش والمعارضين.

وذكرت شبكة «شام» أن قوات الجيش السوري مدعومة بالآليات العسكرية اقتحمت مدينة درعا بعد منتصف ليل أمس وبدأت بقصفها بالمدفعيات وقذائف الهاون مما أدى لسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، في وقت يعاني فيه الأهالي نقصا حادا بالمعدات الطبية والأدوية والمستلزمات الصحية. ولفتت شبكة «شام» إلى أنه وبينما كان الأهالي وبعض الممرضين والأطباء يحاولون علاج الجرحى في مستشفيات ميدانية غير مجهزة وتفتقر لكثير من الأدوات، قطعت السلطات السورية الاتصالات عن المنطقة التي يعيش أهلها حالة من الرعب والخوف.

كذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قصف الجيش النظامي السوري على حي درع البلد السكني في مدينة درعا أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، إصابات عدد منهم خطيرة. وقد اندلعت اشتباكات بين الجيش والمنشقين بعد هذا القصف وقطعت الاتصالات الخليوية في المدينة.

أما في محافظة دمشق وريفها فقد هز انفجار ضخم حي ركن الدين وتبعه إطلاق نار كثيف من قبل قوات الأمن. كما حاصرت قوات الأمن الشويكة وقبر عاتكة وشنت حملة اعتقالات عشوائية وفق ما ذكر الناشطون. كما اقتحمت قوات الأمن نهرعيشة بعد منتصف الليلة الماضية وأطلقت النار بشكل عشوائي على المنازل.

وتحدث الناشطون في محافظة حمص وريفها عن استمرار القصف العشوائي من قبل قوات الجيش لليوم الثالث على التوالي. مؤكدين تهديم بعض المنازل فوق رؤوس أصحابها، وإطلاق من مآذن المساجد بعد منتصف الليل نداءات استغاثة للأطباء والممرضين.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات النظامية واصلت قصفها ومحاولتها السيطرة على أحياء الخالدية وجورة الشياح والقرابيص والقصور الخارجة عن سيطرتها منذ أشهر، مؤكدا سقوط ستة قتلى في هذه الأحياء منذ منتصف ليل الجمعة السبت. كذلك، أشار المرصد إلى أن بلدة تلبيسة تتعرض لقصف من قبل القوات النظامية السورية التي تكبدت خسائر قبل أيام حيث سيطر مقاتلون من الكتائب الثائرة المقاتلة على حواجز للقوات النظامية في البلدة.

وفي محافظة درعا أيضا، ذكر المرصد أنه عثر على جثمان مواطن مذبوحا في أرض زراعية قرب بلدة داعل وقال ناشط من المنطقة إن الجثة تعود لشخص موال للنظام كان قد اختطف من قبل مسلحين مجهولين وعثر على جثمانه اليوم. وفي بلدة ابطع نفذت القوات النظامية السورية حملة مداهمات واعتقالات بحثا عن مطلوبين للسلطات السورية وترافقت الحملة مع إطلاق رصاص كثيف مما أدى إلى سقوط جرحى واعتقال تسعة مواطنين. ولفت المرصد إلى أنه تم قطع الاتصالات الخلوية عن المدينة، التي سقط فيها 17 قتيلا بينهم 10 إناث منهم طفلة تبلغ من العمر 12 عاما وطفلان 12 و13 سنة.

وفي دمشق، تحدث ناشطون عن وقوع اشتباكات بين الجيش الحر وقوات النظام في كفرسوسة بدمشق وفي حرستا بريف دمشق. وذكر الناشطون أيضا أنه سمع في العاصمة دمشق بها دوي انفجارات خلال الليل بينما أغلق الطريق الرئيسي المؤدي جنوبا من دمشق إلى درعا بإطارات مشتعلة وسمع في الوقت نفسه صوت انفجار شديد في حي نهرعيشة وانفجار آخر في حي الزاهرة الجديدة وثالث في مدينة حرستا كان مصدره منطقة البساتين الفاصلة بين حي برزة بدمشق وحرستا التي شهدت اشتباكات عنيفة.

ولفت اتحاد تنسيقيات الثورة أن إضرابا شبه كامل شهده حي العسالي في دمشق تنديدا بالمجازر التي يرتكبها النظام في درعا والقابون وبقية المدن المنكوبة وحدادا على شهداء حي القدم.

وفي محافظة اللاذقية قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن شخصين قتلا إثر القصف الذي تتعرض له مدينة الحفة وقرى مجاورة لها من قبل القوات النظامية السورية التي تحاول اقتحام المنطقة منذ 4 أيام كما قتل خلال القصف والاشتباكات 33 مواطنا مدنيا بينهم 3 نساء و17 مقاتلا من الكتائب الثائرة المقاتلة وقتل ضابط منشق وتكبدت القوات النظامية خسائر فادحة بالأرواح والعتاد وأكدت مصادر طبية المعلومات وأن عدد الذين سقطوا من القوات النظامية خلال الاشتباكات في منطقة الحفة خلال الأيام الـ4 الفائتة بلغ 46 عنصرا بينهم ضباط كما أصيب أكثر من 120 بجروح. وهذا ما أكده أيضا، عمار الحسن، عضو اتحاد التنسيقيات لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «لليوم الخامس على التوالي يشتد القصف على منطقة الحفة من قبل قوات النظام التي تستخدم كل أنواع الأسلحة ولا سيما القصف المدفعي والمروحي والهاون، لافتا إلى وقوع انفجارات متنقلة في الحفة ومعظم القرى المجاورة، فيما كانت سحب الدخان تغطي المنطقة». وأضاف: «في حين لا تزال الاشتباكات مستمرة منذ الصباح، نجح الجيش السوري الحر في الاستيلاء على آليات (باردي إم) ومصفحتين لقوات النظام». ولفت الحسن إلى أن عدد القتلى بين المواطنين في الحفة وصل إلى 65 قتيلا، خلال خمسة أيام، فيما قتل من الجيش النظامي ما لا يقل عن 200 عنصر. وشدد على أن أهالي الحفة يعيشون أوضاعا معيشية مأساوية، ويستنجدون بالعالم لمساعدتهم في ظل غياب المعونات والمساعدات الغذائية والحليب وغياب الكهرباء والماء. وفي دوما، ذكر اتحاد تنسيقيات الثورة أن قوات النظام نفذت انتشارا أمنيا بأعداد كبيرة على طول شارع جمال عبد الناصر وعمليات دهم على معظم البيوت في منطقة خلف البلدية واعتقالات واسعة في صفوف الشباب والرجال.

وسمع اللبنانيون، في المنطقة الحدودية المحاذية لوادي خالد في شمال لبنان، أصوات رشقات رصاص وقذائف داخل المنطقة السورية، حيث أفيد عن اشتباكات عنيفة وقعت بين الجيش السوري النظامي ومجموعات مسلحة.

في المقابل، وفي حين قال مسؤولون في الأمم المتحدة إنهم يعتقدون بأن القوات الحكومية تقف وراء الهجوم الذي وقع في قرية تسكنها غالبية سنية محاطة بتجمعات علوية موالية للرئيس بشار الأسد، أعلنت الأمم المتحدة أن المراقبين الدوليين الذين توجهوا إلى موقع مجزرة القبير في سوريا رأوا آثار دماء على الجدران واشتموا «رائحة قوية للحم محترق»، إلا أنهم غير قادرين على تأكيد عدد القتلى.

ولفت المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نيسيركي في بيان إلى أن المراقبين رأوا آثار آليات مصفحة ومنازل متضررة بشكل كبير نتيجة قصف لصواريخ وقذائف يدوية وأسلحة أخرى، وأضاف المتحدث بحسب ملخص الزيارة التي أجراها المراقبون إلى القبير: «في بعض المنازل، كان بالإمكان رؤية دم على الجدران والأرض، وكان ثمة نيران خارج بعض المباني وانتشرت في الهواء رائحة قوية للحم محترق». مع العلم أن البلدة كانت فارغة من سكانها خلال زيارة المراقبين الذين لم يتمكنوا بالتالي من التحدث مع أي شاهد على المجزرة. وفي وقت نقل فيه عن ناشطين أن القوات الحكومية نقلت الجثث الخميس بينما كان المراقبون الدوليون يحاولون التوجه إلى القرية، أشار نيسيركي إلى أن سكانا من القرية المجاورة توجهوا للقاء مراقبين و«أخبروهم بما سمعوه وتحدثوا عن أقارب فقدوهم»، وأوضح المتحدث الدولي أن «الظروف المحيطة بهذا الهجوم لا تزال غير واضحة، فهوية وعدد الأشخاص القتلى لا يزال غير مؤكد، والمراقبون يواصلون العمل للتحقق من بعض الوقائع». مؤكدا أن حواجز الجيش السوري أوقفت المراقبين «وفي بعض الحالات طلبت منهم العودة».

إلى ذلك أكد شهود عيان في البقاع، أمس، أن دبابة للجيش النظامي السوري دخلت إلى الأراضي اللبنانية في خراج بلدة ينطا (قضاء راشيا) الحدودية مع سوريا، في اختراق يُسجل لأول مرة على هذا الصعيد في هذه المنطقة الحدودية الواقعة في البقاع الغربي. ونقل موقع «لبنان الآن» الإلكتروني عن شهود عيان قولهم إن الدبابة «تمركزت في محلة دف اللوز، حيث عمل العناصر السوريون على نصب خيمة عسكرية قربها».

وفي سياق منفصل، أدخل ثمانية جرحى سوريين إلى مستشفيين في بعلبك وطرابلس، بعد نقلهم صباح أمس من محلة مشاريع القاع، وبين الطرق الجبلية إلى داخل الأراضي اللبنانية.