«الجنائية الدولية» تطالب ليبيا بإطلاق 4 من موظفيها الدوليين

ليبيا تتهم محامية أسترالية تابعة للمحكمة بمحاولة نقل وثائق مريبة لسيف الإسلام القذافي

العجمي علي الطريفي قائد الكتيبة التي قبضت على سيف الاسلام القذافي في المؤتمر الصحافي الذي عقد في مدينة زلتان أمس ومعه وثيقة يقول إن محامية استرالية حاولت نقلها لسيف الاسلام (رويترز)
TT

في حين يتجه المجلس الانتقالي لإعلان تأجيل الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة في 19 من الشهر الحالي، ألقت السلطات الليبية القبض، أمس، على المحامية الأسترالية، مليندا تايلور، من المحكمة الجنائية الدولية لقيامها بحمل ما وصفته بوثائق «مريبة» عن سيف الإسلام القذافي، الابن المعتقل للزعيم الراحل معمر القذافي، بحسب ما ذكره محام ليبي.

وتردد أن المحامية الأسترالية حاولت تسليم وثائق «تشكل خطرا على المجتمع الليبي»، بينما كانت في زيارة لسيف الإسلام في مركز الاعتقال، وفقا لما نقلته وكالة أنباء التضامن الليبية المستقلة عن المحامي أحمد الجهاني.

من جانبها قالت المحكمة الجنائية الدولية التي تتخذ من لاهاي بهولندا: إنه منذ يوم الخميس 7 يونيو (حزيران)، يتعرض أربعة من موظفي المحكمة الجنائية الدولية للاحتجاز في ليبيا، ومن خلال بيان وزعته المحكمة وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه طالب رئيس المحكمة، القاضي سانغ ـ هيون سونغ، بالتحرير الفوري لكل موظفي بعثة المحكمة المحتجزين حاليا قائلا: «نحن في غاية القلق على سلامة موظفينا، في ظل انقطاع الاتصالات معهم. هؤلاء الموظفون الدوليون الأربعة يتمتعون بالحصانة في نطاق عملهم لصالح المحكمة، في خدمة العدالة الدولية. أطالب السلطات الليبية بأن تتخذ دون إبطاء كل الإجراءات الضرورية لضمان أمنهم وسلامتهم ولتحريرهم فورا». وتتواصل المحكمة مع الجهات المختصة لتحريرهم على الفور. وكانت البعثة قد وصلت إلى ليبيا يوم الأربعاء، الماضي إنفاذا لقرار الدائرة التمهيدية، الصادر بتاريخ 27 أبريل (نيسان) 2012. وكان أحد أهدافها أن يعقد المكتب العمومي لمحامي الدفاع، المعين حاليا للدفاع عن سيف الإسلام القذافي، لقاء خاصا معه في الزنتان. كما تضمنت البعثة موظفين من سجل المحكمة بهدف مباحثة سيف الإسلام في إمكانية أن يختار محاميا له. وكانت ليبيا قد أكدت، في مذكرة قدمتها إلى الدائرة التمهيدية الأولى، تسهيلها لقاء سيف الإسلام القذافي بمحاميه. وتم تأكيد هذا الاتفاق لاحقا في إطار الاتصالات التي انعقدت بين الحكومة الليبية وسجل المحكمة. وبناء على القرار 1970 المتخذ بإجماع أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي أحال الوضع الليبي على المحكمة، فإن على ليبيا موجبا قانونيا بالتعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك التزام النظام القانوني الذي تتضمنه اتفاقية روما والذي يشدد على حق المشتبه بهم باحترام خصوصية تواصلهم مع محاميهم. وتأمل المحكمة الجنائية الدولية أن يتم حل هذا الوضع في أقصى سرعة وضمن روحية التعاون التي سادت حتى الآن بينها وبين السلطات الليبية. وقالت السلطات الليبية إنها أوقفت المحامية الأسترالية ميليندا تايلور التي كانت ضمن أعضاء وفد من المحكمة زار نجل القذافي في محبسه، في بلدة الزنتان الجبلية، بغرب ليبيا، منذ اعتقاله في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بتهمة محاولة نقل رسائل ووثائق إليه من مساعده الفار محمد إسماعيل.

وقال أحمد الجهاني، الذي يعد همزة الوصل بين الحكومة الليبية والمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي: «إن تايلور حاولت خلال الزيارة تسليم نجل القذافي وثائق لا علاقة لها بالقضية وتمثل خطرا على أمن ليبيا»، مشيرا إلى أن تايلور «تخضع للإقامة الجبرية في الزنتان، وتخضع لتحقيق من السلطات»، مضيفا: «إنها ليست في السجن، ولكنها محتجزة في دار ضيافة ومعها زملاؤها».

وعما إذا كان سيفرج عنها قريبا، قال الجهاني إنه يأمل أن يكون ذلك يوم أمس، لكن السلطات الليبية قالت في المقابل إنها ستفرج عن تايلور بعد انتهاء التحقيقات معها.

وطبقا للرواية التي قدمها آمر كتيبة خالد بن الوليد، التي تتولى حراسة سيف الإسلام القذافي، في مؤتمر صحافي عقده أمس بحضور مسؤولين حكوميين، فإن وفد الجنائية الدولية طلب الانفراد بنجل القذافي، حيث اشترطت الكتيبة أن يبقى رجل مسن للمراقبة البصرية باعتباره لا يتحدث الإنجليزية، في حين أن المسن يجيد أربع لغات.

وأضاف: «اطمأن الوفد وبدأ يتحدث بطلاقة، وأبلغ سيف الإسلام أن براءته مضمونة، وأنهم لن يخذلوه، متهمين الحكومة والمجلس الانتقالي بالغباء وعدم القدرة على إدارة شؤون الحكم، متحدثين عن رسائل بحوزتهم وأجهزة سيتم زرعها!!».

وتابع: «هنا أبلغ المسن الحرس وتم ضبط المجموعة، وبتفتيش إحدى السيدتين من قبل شرطية تبين أنها تخفي رسائل مكتوبة بخط اليد من محمد إسماعيل سكرتير نجل القذافي وأقرب مساعديه.

وقال أحمد الجهاني، منسق العلاقات بين ليبيا والمحكمة الجنائية الدولية، إن الوفد الذي زار سيف القذافي مكون من أربعة أفراد يحملون جوازات سفر الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن الزيارة تمت بموافقة النائب العام الليبي عبد العزيز الحصادي.

وقضت المحكمة الجنائية الدولية مؤخرا بإمكانية بقاء نجل القذافي قيد الاعتقال في ليبيا حتى تتخذ قرارا بشأن ما إذا كانت محاكمته تدخل في نطاق ولايتها القضائية أم لا.

وأصدرت المحكمة أمرا باعتقال سيف الإسلام في يونيو (حزيران) الماضي بعد اتهامه بالضلوع في قتل محتجين خلال الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بوالده، في شهر أكتوبر ( تشرين الأول) الماضي، بعد أن حكم ليبيا بقبضة حديدية لمدة 42 عاما.

جاء ذلك بينما تجددت الاشتباكات المسلحة بين قبيلة التبو والقوات المرتبطة بالجيش الليبي في الكفرة جنوب شرقي ليبيا، مما أسفر عن سقوط 15 شخصا ما بين قتيل وجريح.

إلى ذلك، تبادل مقاتلون من قبيلة التبو وثوار موالون للجيش الليبي الاتهامات بشأن المسؤولية عن تجدد القتال بين الطرفين في مدينة الكفرة الجنوبية، مما أدى (وفقا لإحصائيات أولية) إلى مقتل خمسة أشخاص وجرح عشرة آخرين.

وزعم أحد زعماء قبيلة التبو، عيسى عبد المجيد، أن قبيلته تعرضت للقصف من قبل كتيبة درع ليبيا، التي تضم ثوارا سابقين تحت قيادة الجيش الليبي، مشيرا إلى أن المعارك أوقعت خمسة قتلى على الأقل وعشرة جرحى، وأضرمت النيران في عدد من منازل حي قبيلة التبو.

لكن وسام بن حميد، أحد قادة كتيبة درع ليبيا قال في المقابل إن رجاله «ردوا على هجوم للتبو على أحد مراكز المراقبة»، التي تتولاها كتيبته.

وأكد النقيب مشاء لله عبد الحميد، رئيس اللجنة الأمنية في الكفرة، أن مجموعة من التبو التابعين لعيسى عبد المجيد المطلوب القبض عليه من رئاسة أركان الجيش الليبي، أطلقت نيران أسلحتها على تمركز لقوات درع ليبيا بشارع الداخلية، مما أدى إلى إصابة أربعة عناصر من قوات درع ليبيا بجروح.

إلى ذلك، أعلن المجلس الانتقالي في ليبيا، يوم الأحد، أنه قد يؤجل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في التاسع عشر من الشهر الحالي، وفقا لما انفردت «الشرق الأوسط» بنشره مؤخرا.

وقال محمد الحريزي، الناطق الرسمي باسم المجلس، إن المجلس سينظر في جلسته المقبلة في طلب المفوضية الوطنية العليا للانتخابات تأجيل موعد انتخابات المؤتمر الوطني العام لمدة قصيرة، لم يحددها.