عدد المجازر يتصاعد بالتوازي مع تصاعد الضغوط الدولية

مجزرة الحولة نقطة تحول في سلسلة القتل الجماعي المروع

لوحة ضخمة ليد ترفع شارة النصر، نفذها المتظاهرون في مدينة بنش (تنسيقية بنش)
TT

يلاحظ المتابع للوضع السوري أن عدد المجازر التي يرتكبها نظام الأسد تصاعد بالتوازي مع تصاعد الضغوط الدولية المطالبة للأسد بالرحيل، ويقول أحد الناشطين في التنسيقيات إن «المجازر المروعة زادت مع ازدياد الضغوط الدولية على نظام الأسد ومطالبته بالرحيل»، ولذا فهو يتوقع المزيد من المجازر في الأيام المقبلة.

ولم تكن المجازر قد توقفت بعد عندما نفذ المتظاهرون الشباب في مدينة بنش لوحة فنية ضخمة ليد ترفع شارة النصر، وهي عبارة عن قطع تحمل كل واحدة منها اسم مجزرة من المجازر التي ارتكبها النظام خلال عام ونحو أربعة أشهر من عمر ثورتهم، كان ذلك يوم «جمعة أطفال الحولة» الموافق 1 يونيو (حزيران) الماضي، بعد أسبوع من وقوع مجزرة الحولة في 25 مايو (أيار) الماضي، وراح ضحيتها أكثر من 110 أشخاص، بينهم خمسون طفلا و36 امرأة، منهم من قضى ذبحا بأدوات حادة ومنهم بإطلاق رصاص قريب. تألفت لوحة شباب بنش (اليد بإشارة علامة النصر) من 27 قطعة، أي 27 مجزرة. وعلى الرغم فداحتها جميعها، فإن مجزرة الحولة شكلت نقطة تحول كبيرة في السياسة الدولية تجاه ما يحصل في سوريا، حيث تنامت فجأة المخاوف من تكرار هذه المجازر البشعة، وتم اتخاذ حزمة إجراءات جديدة تجاه النظام السوري، مع تكثيف التحرك الدبلوماسي، إلا أن ذلك لم يمنع وقوع مجزرة أخرى مماثلة ببشاعتها، فاليوم التالي لمجزرة الحولة قتل نحو أربعين شخصا من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، في قصف عنيف على حي مشاع الفروسية بمدينة حماه، كما قضى أكثر من 28 شخصا في قصف عنيف على منطقة الحفة بمحافظة اللاذقية في 4 من يونيو الحالي، ووجدت ثلاث جثث في الغابة خارج البلدة. وفي يوم 6 يونيو، قتل نحو 78 شخصا في مزرعة القبير في ريف حماه، وثق منهم 56، غالبيتهم من النساء والأطفال، منهم من قتل بالرصاص ومنهم قضى بأدوات حادة أو حرقا في تكرار حرفي لمجزرة الحولة، ومنعت السلطات السورية المراقبين الدوليين من الوصول إلى موقع المجزرة، وقال ناطق باسم الأمم المتحدة إن المراقبين الدوليين الذين تفقدوا موقع مجزرة القبير بريف حماه تحدثوا عن «رائحة لحم محترق وعن آثار دماء على جدران المنازل هناك».

ويقول مراقبون إنه بعد مجازر بابا عمرو في حمص قبل ثلاثة أشهر ومنذ مجزرة الحولة وما تبعها في دير الزور وما سبقها في كفر عويد ولحقها في خان شيخون في إدلب من قتل للمشيعين والأهالي في قصف عنيف، وصولا إلى مجزرة القبير في ريف حماه - بات المجتمع الدولي يعبر جديا عن تخوفه من شيوع نهج القتل الجماعي بأيدي الشبيحة وقوات الأمن السورية، وتنامت المخاوف من اندلاع حرب أهلية على خلفية الطابع الطائفي الذي تتسم به تلك المجازر، سبق مجزرتي الحولة والقبير مجازر مماثلة في حمص في أحياء كرم الزيتون والعدوية والرفاعي، حيث استبق القصف على حي بابا عمرو خلال شهر فبراير (شباط) الماضي بمجزرة في حي الخالدية، قتل أكثر من مائة شخص نتيجة القصف، وعدا الضحايا الذين سقطوا في قصف عنيف استمر 26 يوما على حي بابا عمرو، الذي بلغ أوجه في يوم 22 فبراير، ليبلغ عدد القتلى في هذا اليوم ستين قتيلا، بينهم صحافية أميركية ومصور فرنسي معروفان، كما استخدمت في القصف صواريخ سكود للمرة الأولى. وارتفعت أعداد القتلى مجددا في أيام شهر فبراير الأخيرة، ثم بدأ الجيش بمحاولة اقتحام حي بابا عمرو في 29 فبراير، وفي 1 مارس (آذار) أعلن «الجيش الحر» انسحابه. وفي 12 مارس، ارتكبت مجزرة في حي كرم الزيتون راح ضحيتها ما لا يقل عن خمسة وأربعين مدنيا قتلوا ذبحا بالسكاكين، كما طالت المجزرة حيَّي العدوية والرفاعي المجاورين، وتجاوز عدد القتلى المائة قتيل معظمهم من الأطفال والنساء. وبينهم عائلات بأكملها. وقد تسببت أنباء مجزرة كرم الزيتون والانتهاكات التي جرت هناك في حركة نزوح جماعية ضخمة جدا للمدنيين من أغلب أحياء مدينة حمص، فباتت حاليا أحياء بابا عمرو وباب السباع والصفصافة ومجمل حمص القديمة فضلا عن القصور والخالدية وكرم الزيتون، مناطق شبه مهجورة وخالية من السكان. المتابع لتطور الأحداث في سوريا يلاحظ أن المجازر لم تتوقف في البلاد منذ بدء الأحداث في درعا في 18 مارس 2011، لكنها في الأشهر الأربعة الأخيرة تكثفت، ومنذ مذبحة كرم الزيتون باتت تأخذ طابعا متوحشا، إذ لم يعد القتل الجماعي جراء القصف هو ما يسم المجازر، بل تحولت لتأخذ طابعا طائفيا مروعا، من خلال استخدام أدوات حادة سكاكين وفؤوس بالإضافة للرش بالرصاص، وحرق البيوت بسكانها. ويتهم ناشطون نظام الأسد بدفع البلاد إلى حرب أهلية، التي تمثل له طوق نجاة أخير.