رئيس البرلمان المصري يدافع عن نوابه ويحاول احتواء الأزمة مع القضاة

ميدان التحرير توارى في انتظار أحكام «الدستورية» عن مجلس الشعب والعزل

د. سعد الكتاتني
TT

توارى ميدان التحرير بقلب العاصمة المصرية أمس عن مقدمة المشهد السياسي في البلاد، التي اشتعلت فيها مظاهرات غاضبة على مدار الأسبوع الماضي، احتجاجا على الحكم ببراءة مساعدي وزير الداخلية في قضية قتل المتظاهرين التي أدين فيها الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته.

وبينما بدأ البرلمان جولة من التهدئة السياسية تجاه القضاة بعد أن شن رئيس ناديهم هجوما حادا على نوابه، بدا أن عيون المصريين شاخصة تجاه المحكمة الدستورية العليا التي تفصل في مصير المرحلة الانتقالية يوم الخميس المقبل بحكمين عن دستورية الانتخابات البرلمانية التي استحوذ فيها الإسلاميون على الأغلبية، وتعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية، الذي ينص على استبعاد من عملوا مع مبارك من العمل السياسي، بمن فيهم رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق، المرشح لانتخابات الرئاسة.

وعقد الدكتور سعد الكتاتني، رئيس مجلس الشعب، مؤتمرا صحافيا أمس قال فيه إن البرلمان فوجئ بسيل من التهديدات من المستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة، وصلت لحد التلويح بعدم تطبيق القوانين التي أقرها البرلمان، مضيفا أن المناقشات التي دارت في مجلس الشعب لم تتناول الحكم الذي صدر ضد مبارك ونجليه ووزير داخليته ومساعديه.

وكان الزند شن هجوما حادا على البرلمان قبل يومين، تعليقا على جلسة لمجلس الشعب تناولت حكم القاضي أحمد رفعت في قضية مبارك التي عرفت باسم «قضية القرن».

ودافع الكتاتني عن نواب الشعب قائلا إنهم عبروا عن نبض الشارع والرأي العام، وهو الأمر الذي دفعه إلى مطالبة المستشار حسام الغرياني، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، بتوضيح الأمر الذي قال إنه «يعد تجاوزا واعتداء على السلطة التشريعية»، مضيفا: «لن أرد على ما وجهه المستشار الزند (للبرلمان)».

وحول القضية التي تنظرها المحكمة الدستورية العليا بخصوص بطلان انتخابات مجلس الشعب، قال الكتاتني: «ننتظر حكم المحكمة، ولها أن تقرر ما تشاء وفق ما يمليه عليها ضميرها، ومجلس الشعب لا يتدخل في أحكام القضاء، وسننظر بالتأكيد في تطبيق قرارها أيا كان، وفق قيم إعلاء أحكام القضاء».

واستطرد قائلا: «المحكمة الدستورية ليست جهة تنفيذ، وليست سلطة فوق السلطات، ونحن في مشكلة لأن الإعلان الدستوري الحالي لم يعط لأي جهة أو سلطة الحق في حل البرلمان، ولهذا قلت إننا سندرس حكم المحكمة أيا كان».

وتنظر المحكمة الدستورية الخميس المقبل الطعن في عدم دستورية القانون الذي جرت على أساسه الانتخابات البرلمانية بنظام الثلثين للقوائم الحزبية المغلقة، والثلث للمقاعد الفردية، مع السماح للأحزاب بالمنافسة على المقاعد الفردية أيضا، وهو ما اعتبره تقرير مفوضي المحكمة الدستورية إخلالا بمبدأ تكافؤ الفرص.

وفي غضون ذلك أصدر أكثر من 69 نائبا بمجلس الشعب من مختلف الأحزاب السياسية، بيانا أكدوا فيه أن القضاء هو عماد نهضة الأمة وتقدمها، وأن قضاء مصر سعى دائما لإرساء دعائم العدالة وتحقيق مبدأ العدل الذي به تسود الأمم.

وقال البيان: «لا شك أن التاريخ المشرف لقضائنا لا يخفى على أحد، ومواقفهم النزيهة ضد الظلم والطغيان على مر عقود مضت لا ينكرها إلا جاحد».

وفي المقابل، انتقد البيان التصريحات الصادرة عن المستشار الزند التي قالوا إنها تحمل عدة جرائم يعاقب عليها القانون، وكذلك التهديد بعدم الإشراف على جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية.

وشهد يوم أمس مئات البلاغات التي قدمها قضاة إلى النيابة العامة ضد عدد من أعضاء مجلس الشعب، متهمين إياهم بالسب والقذف في حقهم والتطاول عليهم وتناول الأحكام القضائية بالنقد والتجريح، على نحو يشكل إهانة للسلطة القضائية وتدخلا في أعمالها على نحو يشكل تغولا من السلطة التشريعية على السلطة القضائية.

وقال المستشار الزند في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن قضاة مصر لن يقفوا مكتوفي الأيدي بعد اليوم في مواجهة أي تجاوزات أو مساس بهيبتهم ووقارهم وأدائهم لرسالتهم السامية على الوجه الأكمل».

وتابع الزند أنه بذل طيلة الأيام الماضية جهودا حثيثة لإقناع المئات من رجال القضاء بالعدول عن قرارهم بالاعتذار عن الإشراف القضائي في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية، احتجاجا على الهجمة الشرسة التي تعرضوا لها من جانب عدد من أعضاء مجلس الشعب، وعدد من الذين لا يريدون لمصر أمنا أو سلامة أو استقرارا، على حد قوله.