لافروف: خطة أنان تتعثر.. لكن لا بديل لها

دعا إلى مؤتمر دولي.. وتوقع «انقسام العالم الإسلامي بين الشيعة والسنة» في حال فشل حل الأزمة السورية

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال المؤتمر الصحافي أمس (أ.ب)
TT

أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس، أن بلاده ستدعم «بسرور» تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، إذا توافق السوريون على هذا الأمر. وقال لافروف في مؤتمر صحافي: «إذا توافق السوريون أنفسهم على هذا الأمر، لا يمكننا إلا أن ندعم بسرور حلا مماثلا».

كما أقر لافروف، أمس، بأن خطة أنان تتعثر، إلا أنه أكد أن الكرملين لا يرى بديلا لها. وقال إن «خطة التسوية بدأت في التعثر بشكل خطير.. ولا نرى بديلا لتطبيق هذه الخطة».

كما جدد وزير الخارجية الروسية دعوة بلاده إلى عقد مؤتمر دولي حول الأوضاع في سوريا، بهدف تقديم الدعم اللازم إلى أطراف الأزمة السورية، من أجل بدء الحوار فيما بينهم، والبحث عن السبل اللازمة للخروج من المأزق الراهن. وقال في مؤتمر صحافي دعا (فجأة) إلى عقده مساء أمس إن المؤتمر لا يعني بأي حال من الأحوال الاعتراف بفشل خطة كوفي أنان، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية، مشيرا إلى ما حققه أنان وفريقه من نجاح منذ بدء مهمته في 12 أبريل (نيسان) الماضي.

وطالب الوزير الروسي بانضمام جيران سوريا إلى المؤتمر الدولي المقترح ومنها العراق والأردن ولبنان وتركيا وإيران فضلا عن الجامعة العربية والأقطاب الرئيسيين، التي أشار منها إلى المملكة العربية السعودية وقطر فضلا عن أعضاء مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي.

وقال إن المؤتمر المقترح يمكن أن يتم على مراحل، ومنها عقد مجموعات الخبراء لبحث الشكل الأمثل وتحديد آفاق العمل في هذا الاتجاه، مشيرا إلى ضرورة توفير الأرضية الإعلامية اللازمة لإنجاحه والابتعاد عن تأجيج الأجواء وتصوير نشاط المجموعات المسلحة الإرهابية وكأنه «أعمال بطولية».

وأضاف أنه من الضروري التركيز على الأساليب الرامية إلى حفز الحوار بعيدا عن الدعوات إلى التدخل العسكري الخارجي، وتطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وترديد الاتهامات دون قرائن أو أدلة، والكف عن الحديث حول أن روسيا يمكن أن تضغط على الرئيس السوري بشار الأسد.

وإذ حذر لافروف من مغبة محاولات إحباط خطة المبعوث الأممي أنان، وتأكيد أن النظام السوري عاجز عن السيطرة على الأوضاع هناك اتهم لافروف عددا من الأجهزة والمؤسسات والقنوات الإعلامية العربية بتأجيج الأوضاع، ودعم المعارضة وانتقد قطع إرسال القنوات الإعلامية السورية، واعتبر ذلك تطاولا على الديمقراطية وحرية الكلمة.

وأكد الوزير الروسي أن «موقف بلاده من الأزمة السورية لم يتغير، وأنها لن تسمح بأي حال من الأحوال بأن يوافق مجلس الأمن على استخدام القوة في سوريا»، معيدا إلى الأذهان ما سبق وجرى في العراق وليبيا. وإذ أعرب عن قلق روسيا تجاه اقتراب سوريا من شفا الحرب الأهلية في الآونة الأخيرة، حذر لافروف من نشاط من وصفهم بـ«اللاعبين الخارجيين»، الذين قال: «إنهم يساندون بشكل علني المجموعات المسلحة للمعارضة ويطالبون في الوقت ذاته المجتمع الدولي باتخاذ خطوات حاسمة لتغيير النظام في الجمهورية العربية السورية». وأكد لافروف أن «اللاعبين الخارجيين يشجعون المعارضة على القيام بأعمال قتالية واللجوء إلى «أساليب عنيدة واستمرار العمليات القتالية، الأمر الذي يخلق لدى هؤلاء المعارضين الأمل في تكرار السيناريو الليبي».

وأضاف أن «موسكو تبدي قلقا جديا لازدياد نشاط الشبكات الإرهابية الدولية على الأراضي السورية، مشددا على أن مسؤولية ما يحدث في سوريا لا تقع فقط على عاتق الحكومة. ففي الكثير من الأحيان ما يحدث هو نتيجة لتصرفات من لا يوقف تمويل الميليشيات المسلحة غير القانونية ويجند المرتزقة ويساعد على تهريبهم عبر الحدود، ويسترسل في اللعب مع مختلف أنواع المتطرفين للتوصل إلى أهدافه الجيوسياسية الخاصة». كما أشار إلى أن هذه الأهداف تُحدد بقدر كبير انطلاقا من عامل الطائفية، على حد تعبيره. وكان وزير الخارجية الروسية توقف بالمزيد من التفاصيل عند الاعتداءات على مقار المؤسسات والخبراء الروس في سوريا، مشيرا إلى مسؤولية المجموعات المسلحة عن هذه الاعتداءات، وإن لم ينف مسؤولية الحكومة السورية، التي قال إنها تتحمل «المسؤولية الأكبر».

ولم يستبعد المسؤول الروسي احتمالات اللجوء إلى «السيناريو اليمني» شريطة أن يتفق أطراف الحوار حول مثل هذا السيناريو، معيدا إلى الأذهان أن ما حدث في اليمن كان نتيجة اتفاق الأطراف اليمنية حول هذا الحل الذي نص على رحيل الرئيس. ونفى لافروف إمداد بلاده للنظام السوري بأي أسلحة يمكن استخدامها ضد المتظاهرين، مؤكدا أن موسكو لن تقدم مثل هذه الأسلحة حتى في حال طلبها.

وقال إن ما تقدمه بلاده إلى سوريا هو أنظمة دفاعية ومعظمها في مجال الدفاع الصاروخي وبموجب عقود موقعة في السابق، ولا تتعارض مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية. وبهذا الصدد تندر لافروف بما سبق وجرى بالنسبة لليبيا حيث التزم الجميع بالحظر المفروض على صادرات السلاح إلى ليبيا، في نفس الوقت الذي كانت تقوم فيه بعض الدول بإمداد المعارضة بكل أنواع الأسلحة، بينما أشار أيضا إلى وجود مثل هذه الدول والمصادر التي تقوم اليوم بإمداد المعارضة والمجموعات المسلحة السورية، ليس فقط بالأسلحة، بل وبكل أنواع العتاد والمال. وأشار إلى أن ما يسمى بمجموعة «أصدقاء سوريا» هو في واقع الأمر مجموعة «أصدقاء المجلس الوطني». وحول انضمام إيران إلى المؤتمر الدولي، أشار لافروف إلى ضرورة ذلك، وهو ما بحثه نائباه ميخائيل بوغدانوف وغينادي غاتيلوف مع فريد هوف مبعوث الخارجية في موسكو. وقال إن «إيران دولة فعالة وذات تأثير على الحكومة السورية»، مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية المعروفة ببراغماتيتها سبق وتعاملت مع إيران، واتفقت معها حين كان الأمر يتطلب تأمين قواتها في العراق.

وكان لافروف حذر من أخطار انهيار الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي من أجل وضع حد للأزمة الراهنة في سوريا، مشيرا إلى أن موسكو تتوقع وفي حال احتمالات الفشل «انقسام العالم الإسلامي بين الشيعة والسنة»، على حد قوله.