أمين عام الرئاسة الفلسطينية يلمح لنوايا أميركية لتكرار سيناريو التخلص من عرفات

الطيب عبد الرحيم ردا على ما نسب لأوباما: لم نفهم معناه.. ولا نريد أن نذهب بعيدا

صحافي فلسطيني مرتديا كمامة غاز يسجل بكاميرا كومبيوتره الاحتجاجات الفلسطينية ضد مصادرة الأراضي في بلدة كفر قدوم شمال نابلس (أ.ف.ب)
TT

بعد تصريحات اتسمت بالحذر، بل مالت إلى التشكيك أو حتى النفي، عادت الرئاسة الفلسطينية تتحدث عن تصريحات نسبت إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، تتهم السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس (أبو مازن) بعدم الرغبة في السلام. وخرج أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم بتصريحات حذر فيها من تكرار سيناريو التخلص من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ملمحا إلى أن تصريحات أوباما تلك تصب في السياق نفسه.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نسبت إلى أوباما القول، أمام زعماء الاتحاد الأرثوذكسي اليهودي في أميركا الأسبوع الماضي، إنه ليس من الواضح ما إذا كان رئيس السلطة يرغب في التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، أم لا. وقال عبد الرحيم «أقول بصراحة إننا لم نفهم معنى التصريح، فالرئيس أوباما هو صاحب الرؤية بوقف الاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، فهل غيرنا نحن موقفنا؟.. أم أن هناك متطلبات ومقتضيات تستلزمها الانتخابات الأميركية؟.. نتساءل خاصة أنه لم يصدر نفي رسمي».

واللافت أن السلطة هي التي نفت صحة تصريح أوباما بعد 24 ساعة من الصمت، وليس البيت الأبيض، وعقب عبد الرحيم على ذلك قائلا في احتفالية لوكالة الأنباء الرسمية «وفا» بمرور 40 عاما على تأسيسها «راجعنا بدورنا الإدارة الأميركية، ومع أنهم قد أخبرونا بأنه تم تحريف تصريحات الرئيس أوباما وتطوعنا بالنفي لما قالته الصحيفة الإسرائيلية، فقد قيل لنا إن نص تصريح الرئيس أوباما هو أن «الطرفين لديهما معوقات داخلية تمنعهما من التقدم بالمسار السياسي». وأضاف «نؤكد أن مجرد المساواة بيننا وبين الجانب الإسرائيلي في تعطيل عملية السلام هو ظلم وإجحاف وتجن على الجانب الفلسطيني بالنظر إلى ما أعلنه الرئيس أوباما نفسه كأسس للعملية السلمية». وتابع القول «نأمل أن نكون مخطئين، ولا نود أن نذهب بعيدا في استعادة سيناريوهات سابقة إلى الأذهان عندما قالوا عن الرئيس الخالد ياسر عرفات إنه ليس شريكا. لا نريد أن نذهب بعيدا لأننا حريصون على العلاقات مع الولايات المتحدة ومع الرئيس أوباما».

وبهذا التصريح يلمح عبد الرحيم إلى التصريح الشهير للرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، الذي قال فيه إن عرفات قوض عملية السلام، وإنه أصبح «ليس ذا صلة»، وهو التصريح الذي اعتبر ضوءا أخضر لإسرائيل لحصاره في مكتبه في رام الله، والتخلص منه لاحقا.

ودافع عبد الرحيم عن الموقف الفلسطيني، بما فيه عدم العودة إلى طاولة المفاوضات، قائلا «طالبنا، ومعنا العالم كله، إسرائيل، بالكف عن سياساتها الاستيطانية المدمرة لعملية السلام فلم نجد استجابة منها. ما زالت الحكومة اليمينية في إسرائيل ترفض الاعتراف بحدود عام 1967 أساسا للمفاوضات حول الدولة الفلسطينية، وما زالت تعارض أي وقف أو تجميد للاستيطان، ولها مفهوم للأمن هو أقرب للتشريع للاحتلال والإقرار به، فعلى ماذا نتفاوض إذن؟». وأضاف «لا بد أن يدرك البعض أن شعبنا لن يتوقف عن الوصول إلى هدفه، وأنه لا سبيل في عالم اليوم إلى غطرسة القوة والسلاح، ولا مكان للطغاة في هذا العصر الذي نعيش».

وفيما يشير حديث أمين عام الرئاسة الفلسطينية إلى توتر في العلاقات السياسية مع واشنطن، فإن التعاون الأمني على الأرض لم يتأثر كما يبدو. إذ أعلنت وزارة الدفاع الأميركية عن تعيين منسق أمني جديد بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وهو الأميرال بول بوشونغ، الذي يأتي خلفا للجنرال مايكل مولرز. وحسب البيان فإن بوشونغ سيواصل المهمة في بناء القوات الأمنية التابعة للسلطة وسيزاول عمله من مقر القنصلية الأميركية العامة في القدس.

وجاء قرار تعيين منسق أمني جديد في المنصب الذي استحدث في فترة ولاية بوش، في الوقت الذي أعلنت فيه السلطة حاجتها الماسة إلى تزويد أجهزتها الأمنية بأسلحة جديدة. وقد أبدى أبو مازن الاستعداد للقاء نتنياهو والتحاور معه وليس التفاوض مقابل الإفراج عن الأسرى والسماح باستيراد أسلحة للشرطة.

ومنعت إسرائيل السلطة من التزود بأسلحة جديدة في الأعوام الماضية، بما في ذلك تلقي مساعدات عسكرية من روسيا. وأكد مسؤول في فتح، أمس، أن الأجهزة الأمنية بحاجة إلى أسلحة جديدة لحفظ الأمن، بسبب أقدمية الموجود حاليا، وبعد فقدان عدد كبير منها في الانتفاضة.

غير أن فوزي برهوم، المتحدث باسم حركة حماس في قطاع غزة، اعتبر تعيين منسق أمني جديد بين السلطة وإسرائيل «يهدف إلى خلق (ترويكا) أمنية جديدة بين السلطة وأميركا وإسرائيل تثبت قدرتها على الاستمرار في حماية أمن إسرائيل وتعزيز الانقسام وتجريد السلطة من مهامها الوطنية، وجعلها سلطة بوليسية قمعية وأداة في يد الاحتلال، وتحديدا في ظل نجاح جهود المصالحة والربيع العربي والنهضة الإسلامية التي ستصب جميعها بالفعل في صالح القضية الفلسطينية».