المجلس الوطني السوري يتوافق على عبد الباسط سيدا رئيسا جديدا له

قال لـ «الشرق الأوسط»: اختياري دليل على أن السوريين تجاوزوا الطائفية التي يحاول النظام تغذيتها

رجل يقف أمام بيت دمرته قوات النظام في مزرعة القبير التي زارها المراقبون أول من أمس (رويترز)
TT

في اليوم الأول لاجتماع الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري، الذي يعقد في إسطنبول، بات من الواضح توافق المكتب التنفيذي على عضو المجلس الكردي، عبد الباسط سيدا، الذي وصف بـ«التصالحي» و«النزيه» و«المستقل»، لتولي الرئاسة خلفا لبرهان غليون، الذي استقال نتيجة الانتقادات الواسعة التي تلت انتخابه للمرة الثالثة على التوالي، وذلك منذ تأسيس المجلس في أكتوبر (تشرين الأول) 2011.

وفي حين أكد سيدا لـ«الشرق الأوسط» التوافق عليه بين أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس، لفت إلى ضرورة انتظار إجراء الانتخابات التي قد تشهد مفاجآت غير متوقعة.

وردا على سؤال حول أهمية اختيار شخصية كردية لتولي المجلس، قال هذا الاختيار دليل واضح على أن السوريين بلغوا درجة عالية من النضج التي تضع المواطنة في الأولوية وتجاوزوا النعرات والانقسامات الطائفية التي يحاول النظام تغذيتها وصولا إلى الحرب الأهلية»، مضيفا: «من هنا نؤكد أن المجتمع السوري لا يزال محصنا ضد الطائفية ومتوافقا على مبادئ الثورة للوصول إلى وطن ديمقراطي مدني يجمع كل الطوائف والأحزاب».

وفي حين ثمن سيدا عمل المجلس الوطني برئاسة برهان غليون في المرحلة السابقة، أكد المضي قدما للعمل في سبيل تحقيق أهداف الثورة والتواصل مع مختلف فصائل المعارضة بهدف توحيدها، وهذا ما كان قد بدأ العمل عليه ليكون مقدمة للقاء أو مؤتمرا موسعا يكون تحت رعاية الجامعة العربية».

من جهته، قال زهير سالم، الناطق الإعلامي باسم الإخوان المسلمين في سوريا، لـ«الشرق الأوسط»: «كل أعضاء المكتب التنفيذي في الأمانة العامة للمجلس يتمتعون بالمواصفات التي تؤهلهم لتولي الرئاسة، إضافة إلى أن العمل في المجلس الوطني ليس فرديا بل جماعي. مع العلم أنه في الدورة السابقة انتخب برهان غليون، أما اليوم ففضلوا الانتقال من الانتخاب إلى التوافق الذي لا بد منه في نهاية المطاف، ونحن كإخوان مسلمين، ليس لدينا مشكلة مع الأكراد ولا نعتبرهم أقلية، ولا نرى في عبد الباسط سيدا إلا الشخصية المعارضة المحترمة التي تتمتع بمصداقية وتقدير من قبل الجميع، بعيدا عن أي اعتبارات عنصرية لأن عقيدة الإنسان وفكره يحددان شخصية الفرد وليس انتماءه الديني».

ورفض سالم القول إن الإخوان المسلمين كانوا وراء عدم انتخاب جورج صبرا، قائلا: «الخلفية الدينية لم ولن يكون لها دور في هذا الاختيار، لكن يبدو أنه دائما هناك نزعة لإلقاء اللوم على الإخوان المسلمين، ولم نكن إلا الرقم المرجح، في وقت حصل فيه صبرا على 11 صوتا وغليون 21 صوتا. وعن عدم ترشيح «الإخوان» أي عضو منهم لموقع الرئاسة، أجاب سالم: «نرى أن الوقت الآن ليس مناسبا لذلك، ولا بد للإنسان أن يمتلك الحكمة في ذلك، ولا سيما في ظل موجة التخويف من الإسلاميين، التي لا تمت إلى الواقع بصلة، لذا نفضل اليوم، وبعد 40 سنة من تشويه الصورة التي يقوم بها النظام، التأكيد على أننا مواطنون حقيقيون يسعون للمصلحة العامة بعيدا عن الطائفية والمذهبية، وذلك من خلال تواصلنا مع المواطنين وكل مكونات المجتمع».

من جهته، قال وائل مرزا، عضو المجلس الوطني، لـ«الشرق الأوسط»: «تم التوافق على عبد الباسط سيدا، وهو شخصية أكاديمية معارضة له علاقات مميزة مع مختلف الأطراف المعارضة»، مضيفا: «على المجلس الوطني مهمة أساسية في المرحلة المقبلة، وهي أن يباشر في عملية الإصلاح الداخلي كخطوة أولية وليلحق بتحركات الشعب السوري الذي يتفاعل بسرعة تفوق تلك التي نعمل عليها».

ويؤكد مرزا أن أطرافا معارضة مختلفة ستعلن في الفترة المقبلة انضمامها إلى المجلس الوطني، وأهمها رجال الأعمال والمثقفون والثوار والفنانون والجاليات في مختلف البلدان، لا سيما في أميركا حيث كان لهم تعاون ملحوظ في الثورة السورية، مشيرا إلى أن المجلس الوطني سيبقى منفتحا على الجميع بهدف الوصول إلى توحيد المعارضة. كذلك، قال عضو بالمكتب التنفيذي المعارض جورج صبرا والمرشح السابق لرئاسة المجلس: «أعتقد أن سيدا يستطيع أن يحصل على موافقة كل مكونات المجلس، فلديه علاقات جيدة مع الجميع». بدوره، قال منسق العلاقات الخارجية في المجلس منذر ماخوس: «الإخوان المسلمون مؤيدون لغليون، لكن نظرا لتطور الوضع، ولأن لجان التنسيق تعارضه فمن غير المرجح أن تمارس بعض الهيئات نفوذها لإبقائه في منصبه». وأشار إلى «ضرورة إعادة هيكلة المجلس وتوسيعه ليستقطب مكونات من المعارضة وشخصيات رمزية وذات تاريخ نضالي في المجتمع السوري». كما قالت مسؤولة العلاقات الخارجية في المجلس بسمة قضماني إنه «نظرا للصعوبة التي تواجهها الأحزاب في فرض مرشحها، فإنه يستفيد من وضعه كمستقل»، مبينة أن «سيدا وفي جدا لسورية وللقضية الكردية لكنه معتدل، هذه إذن رسالة موجهة إلى الأكراد وإلى كل الأقليات».