بن حلي: الحل السياسي غائب لدى أطراف الأزمة في سوريا

نائب الأمين العام للجامعة العربية لـ «الشرق الأوسط» : نسعى مع الأمم المتحدة لعقد مؤتمر لمجموعة الاتصال الدولي قبل نهاية الشهر في جنيف

أحمد بن حلي
TT

كشف نائب الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي، عن إجراء الجامعة العربية والأمم المتحدة اتصالات لعقد مؤتمر لمجموعة الاتصال الدولي قبل نهاية الشهر الحالي في جنيف، لبحث سبل وأطر حل الأزمة السورية. كما تحدث في حوار مع «الشرق الأوسط» عن المقترح الروسي الخاص بعقد مؤتمر دولي تشارك فيه إيران ودول جوار سوريا، والتعقيدات والمخاطر التي تشهدها الساحة السورية حاليا. وأكد أن من يراهن على الحل الأمني والعسكري يعرض مستقبل الدولة السورية للانهيار، ووصف هذه الحالة بالكارثية، كما حذر من الحروب الأهلية والطائفية، وقال إن الحل لا بد أن يكون سوريا، وبدعم عربي، ورفض التدخل الإيراني في الشأن العربي أو تهديد الأمن العربي أو حتى الخليجي..

والى نص الحوار..

* كيف ترون المبادرة الروسية التي تستهدف عقد مؤتمر دولي تشارك فيه إيران ودول جوار سوريا لبحث الأزمة السورية؟

- الجامعة العربية والأمم المتحدة تبحثان عقد مؤتمر لمجموعة الاتصال بنهاية الشهر الحالي في جنيف، برئاسة مشتركة للأمينين العامين للجامعة والأمم المتحدة، وتشارك فيه الأطراف المعنية بالأزمة، بما فيها الاتحاد الأوروبي وبعض الأطراف الدولية، وسوف ينعقد المؤتمر على المستوى الوزاري لمساندة البنود الأساسية في خطة المبعوث المشترك كوفي أنان وهي إطلاق الحوار ووقف إطلاق النار ودعم الشعب السوري في تحقيق طموحه في التغيير والاستقرار.

* هل يعد هذا المؤتمر - مجموعة الاتصال الدولي - آلية لتبني خطة أنان قبل أن تفشل، ومحاولة لتطويرها؟

- مؤتمر مجموعة الاتصال يهدف لتفعيل عدد من العناصر في خطة أنان لأن بعضها لم ينفذ، وفي الوقت نفسه أخذ زمام المبادرة بشكل عملي في ظل تعدد المبادرات التي تطرح حاليا من قبل بعض الأطراف الدولية، وهذا المؤتمر يعد له الآن من خلال قيام الأمين العام بالاتصالات مع الأطراف المختلفة وبحث كل الاحتمالات وتقييم ما اتخذ من قبل.

* متى سيعقد هذا المؤتمر؟

- قبل نهاية الشهر الحالي، وقد تم الاتفاق على ذلك بعد إجراء اتصالات مع روسيا والصين وإيطاليا، وكل الخطوات تتم بالتنسيق مع بان كي مون وكوفي أنان.

* ألا ترى أن فكرة عقد مؤتمر مجموعة الاتصال هي نفسها فكرة المؤتمر الدولي الذي تطرحه روسيا؟

- هذا هو الجهد الذي تبذله الجامعة العربية.. أما الدور والموقف الروسي فهو حتى الآن يدور في إطار الاتصالات والتشاور مع الأمين العام والدول العربية.

* هناك زيارة مرتقبة للأمين العام إلى روسيا، وقد سبق أن أعلن أثناء وجوده بالدوحة مؤخرا أنها ستكون في غضون عشرة أيام.. هل من جديد؟

- لم يتحدد بعد موعد زيارة الأمين العام للجامعة العربية إلى روسيا.

* أقر المجتمع الدولي والعربي وكل المراقبين بفشل خطة كوفي أنان.. وفي الوقت نفسه يعقد مؤتمر للدفع بالخطة وتبني أهدافها!! - دعيني أقل إن خطة أنان ربما فشلت على مستوى المراقبين، وهم لم يتمكنوا حتى الآن من تحقيق شيء ملموس لأن دورهم مجرد تسجيل ما يحدث في سوريا دون تدخل، وبيان من اخترق وقف إطلاق النار، ومن دون شك فإن تقاريرهم مهمة، وكان هناك توجه أن يتم تطوير عمل المراقبين كي يصبحوا قوات حفظ سلام وهذا طرح موجود.

* هذا لم يتخذ بشأنه قرار؟

- ربما يتقرر الشهر المقبل بعد انتهاء فترة الأشهر الثلاثة لعمل المراقبين وربما يعاد النظر في طبيعة عملهم إذا كانوا سيستمرون في عملهم بنفس التكليف أم سيتم تطوير المهمة إلى قوات حفظ سلام؟

* قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إنه من الصعب التجديد لمهمة بعثة الجامعة والأمم المتحدة إذا لم يتم إحراز تقدم.. كيف تفسرون ذلك؟ وإذا كان عنصر التقدم غير متوافر حتى الآن فهل سيكون التمديد في إطار فكرة قوات حفظ سلام أم بمهام جديدة؟

- من دون شك كل الأفكار مطروحة، إما سيتم التمديد برؤية جديدة أكثر حسما أو بتحويلها إلى قوات حفظ سلام أو غير ذلك، وأقصد أنه ستكون هناك وقفة حقيقة بعد عمل البعثة لمدة ثلاثة أشهر.

* وماذا أنتم فاعلون مع استمرار القتل والتدمير في سوريا واستهداف المراقبين بالمروحيات؟

- مع الأسف نحن أمام وضعية في منتهى الخطورة، فالحكومة السورية تراهن على الحل العسكري والأمني ومن دون قراءة لتطورات الأوضاع ونتائج هذا الحل الذي ثبت فشله، والمعارضة كذلك تراهن على إسقاط النظام عن طريق الحل الأمني أيضا، وعليه غابت الرؤية السياسية وهذه هي المشكلة الآن، وإذا استمر هذا الوضع وفق رؤية المراقبين وغيرهم فسوف يتطور الوضع في سوريا إلى حرب طائفية مع ما يتردد حول بداية لحرب أهلية. وقد بدأت المؤشرات تتسبب في انتقال سكان من مناطق إلى مناطق أخرى للحماية الطائفية، وهذا اخطر ما يمكن. إذن نحاول الاستفادة من مبادرة عقد مؤتمر مجموعة الاتصال من الناحية السياسية وتفعيل المسار السياسي وتضافر جهود المجتمع الدولي والإقليمي في اتجاه منحى آخر ، ونسعى أيضا لعقد مؤتمر المعارضة السورية.

* كان من المفترض أن يعقد اجتماع تحضيري أو يتم تشكيل لجنة تحضيرية تعد لوحدة موقف المعارضة السورية يوم تسعة الشهر الحالي ماذا حدث؟

- توجد اتصالات حاليا بعد انتخاب رئيس جديد للمجلس الوطني السوري وكذلك مع كل القوى السياسية المعارضة والتجمعات والتيارات والتنظيمات الأخرى، ونتواصل مع كل هذه الأطراف للوصول إلى عقد اجتماع وطني للمعارضة والخروج ربما بآلية أو صيغة جديدة حتى نمهد للدخول للمرحلة السياسية، ويبقى للأسف الواقع الميداني المؤلم والمقلق هو عدم الالتزام بوقف إطلاق النار.

* أين عنصر الزمن وهل ينتظر الوضع الميداني هذا المشهد المؤلم التحرك السياسي الذي تتحدث عنه؟

- مهما كان الوضع والتطورات لا يمكن إهمال الجهد الدولي والإقليمي لحل الأزمة في سوريا ، وأيضا موضوع المعارضة التي يجب أن تكون لها رؤية للحوار، والاستعداد للمرحلة الانتقالية التي نعتبرها ضرورية والحديث عن حكومة تشرف على المرحلة الانتقالية وإدارتها لتحقيق طموحات الشعب السوري في الحرية والديمقراطية والتغيير.

* كيف ترى تلميح روسيا إلى فكرة تنحي الرئيس الأسد؟

- من دون شك الجميع يدرك الآن أهمية الحل السياسي ودعم الجميع له لأنه في نهاية المطاف لا يمكن لأي قوة أن تفرض حلا جذريا بعدما وصلت الأوضاع إلى هذه الحالة في سوريا.

* هل من بين الحلول التوصل إلى وقف فعلي لإطلاق النار والذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكرة؟

- كل السيناريوهات مطروحة، لكن كيف تكون الاستجابة من النظام والمعارضة في سوريا؟

* الشعب السوري يقول ما هو العدد المطلوب لقتلنا حتى يكون هناك حل في سوريا؟ وإلى أين وصل الضغط الدولي الذي طالب به وزراء الخارجية العرب في الدوحة مؤخرا؟ وما هو المتاح مرة أخرى بعد سحب عدد من الدول الغربية لسفرائهم في سوريا؟

- لا يوجد في العالم من يدافع عن مصلحة شعب آخر سوى الشعب نفسه، والخاسر الآن في سوريا هو الشعب السوري مع انهيار الدولة السورية وهي الكارثة. الشعب والدولة والعرب كلهم خاسرون، وبالتالي لا بد أن يعي الجميع أهمية التنازل للوصول إلى قاسم مشترك يتم بموجبه التوافق بين السوريين، لتحقيق المطالب والطموحات الخاصة بالديمقراطية وتداول الحكم الرشيد، وهذا كله بيد السوريين بعيدا عن الضغط أو التدخل الدولي.

* كيف ترى الدور الذي تقوم به إيران ضد دول الخليج لتخفيف الضغط عن سوريا ومساعدة النظام.. ألا تخشى من تصدير أزمات للدول العربية عبر إيران؟

- الجامعة العربية تعارض بكل قوة أي تدخل في الشأن العربي أو تصريحات معادية لأي دولة عربية، ولا يمكن فرض هيمنة أو رؤية أمنية على دول الخليج من قبل أي طرف من دون وجود توافق بين كل الدول، وأمن دول الخليج والدول العربية هو بيد دولها ولا يمكن أن يكون بيد إيران أو أي دولة أخرى فرض رؤيتها على دول المنطقة. والحل يكون بالحوار والتقارب بين العالم العربي وجيرانه في إطار المصلحة المشتركة والأمن الإقليمي الذي يعد وحدة واحدة للدول العربية. أما في ما يتعلق بالموضوع السوري فإن أي دعم للعنف في سوريا والرهان على الحل الأمني هو رهان خاسر، ولهذا تحدثت عن أهمية إعادة قراءة واقعية للأوضاع، وكذلك المنطلقات الدولية والإقليمية، وحل المشكلة في إطار سوري بدعم عربي. وحتى الإخوة في سوريا يرون أن الإطار العربي ما زال الأنسب والأقرب إلى طموحات سوريا المستقرة للحفاظ على مقومات الدولة، وبالتالي فالرهان على الحل العسكري أو التدخل العسكري أو تحالفات إقليمية هذا لن يفيد سوريا وشعبها، وسيؤدي إلى مخاطر بالغة والدفع إلى المجهول بمستقبل سوريا.

* هل طلبت سوريا من الأمم المتحدة فض الشراكة في الحل والاكتفاء بدور الأمم المتحدة؟

- سوريا ترى أنها ما دامت عضويتها معلقة في الجامعة العربية فإنها لا تتعامل مع الجامعة العربية بحكم أن ما يجري في الجامعة يتم في غيابها، لكن هذا غير سليم، لأن الجامعة العربية مهما كانت ليست لها أجندة خاصة بها، وإنما تهدف إلى المحافظة على سوريا ومقومات الدولة وإمكانياتها التي تهدر ليس فقط من ناحية سقوط الضحايا المدنيين وإنما مقومات الدولة التي تهوي نحو الانهيار. وكنا في السابق نعتبر أن قوة سوريا هي قوة للعرب أجمع.

* هل ستشارك سوريا في مؤتمر مجموعة الاتصال؟

- الاتصال من خلال المبعوث المشترك كوفي أنان وليس عبر المشاركة الرسمية، وكذلك الاتصال بالمعارضة.