الدستورية العليا بمصر تقضي بعدم دستورية قانون العزل وتحل مجلس الشعب

شفيق يخوض إعادة الرئاسة.. والإسلاميون يمنون بهزيمة قاسية

ضباط جيش أثناء نقاشهم مع متظاهرين ضد المرشح الرئاسي احمد شفيق أمام المحكمة الدستورية العليا أمس (أ.ف.ب)
TT

أسدلت المحكمة الدستورية العليا بمصر أمس الستار على الجدل الذي شهدته الساحة السياسية المصرية مؤخرا على خلفية تعديلات قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعروف إعلاميا باسم قانون العزل، والذي كان يهدف إلى إقصاء المرشح الرئاسي الفريق أحمد شفيق من جولة الإعادة التي سيبدأ التصويت فيها غدا (السبت)، بالإضافة إلى مدى دستورية بعض النصوص القانونية المتعلقة بانتخابات مجلس الشعب الأخيرة.. وقضت المحكمة أمس بعدم دستورية تعديلات قانون العزل، وعدم دستورية النصوص القانونية التي أجريت بموجبها انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، على نحو يقتضي معه حل مجلس الشعب بالكامل، وهو ما يمثل هزيمة قاسية للإسلاميين الذين حازوا أغلبية مقاعد البرلمان.

وتتضمن التعديلات في شأن قانون العزل السياسي التي قضي بعدم دستوريتها، وقف مباشرة الحقوق السياسية بالنسبة لكل من عمل خلال العشر سنوات السابقة على 11 فبراير (شباط) 2011 رئيسا للجمهورية أو نائبا له أو رئيسا للوزراء أو رئيسا للحزب الوطني الديمقراطي المنحل أو أمينا عاما له أو كان عضوا بمكتبه السياسي أو أمانته العامة، وذلك لمدة عشر سنوات ابتداء من التاريخ المشار إليه.. وقضت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بعدم دستورية التعديلات التي طرأت على قانون مباشرة الحقوق السياسية والمعروفة إعلاميا بقانون العزل السياسي.

وكانت لجنة الانتخابات الرئاسية قد سبق لها وأن قررت السماح لشفيق بخوض الانتخابات الرئاسية، وأحالت الطعن المقدم منه على دستورية ذلك القانون إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر فيه. وبموجب الحكم الصادر أمس، يكون من حق أحمد شفيق الاستمرار في جولة الإعادة، كما أنه يدل على أن المحكمة قد أخذت بصحة إحالة لجنة الانتخابات الرئاسية لقانون العزل.

وقالت المحكمة في أسباب حكمها إن لجنة الانتخابات الرئاسية تعد من الهيئات ذات الاختصاص القضائي وفقا للإعلان الدستوري، بما يؤكد صحة إحالتها لقانون العزل السياسي إلى المحكمة الدستورية. وأضاف الحكم أن لجنة الانتخابات توافر لها المعيار الموضوعي كهيئة قضائية وفقا لنص المادة 6 من قانون الانتخابات الرئاسية رقم 174 لسنة 2005.

وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن قانون العزل استحدث عقوبة الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية عن واقعات سابقة لصدوره، بالمخالفة لقاعدة عدم رجعية العقوبات. فضلا عن أنه أنشأ قرينة قانونية بفرض جزاء بغير حكم قضائي؛ وعلى مجرد صفات دون أفعال محددة، مشيرة إلى أن المادة 19 من الإعلان الدستوري أكدت أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي.

وقالت المحكمة إن القانون خالف مبدأ المساواة أمام القانون بأن ميز بين من تقلد وظائف بعينها والبعض الآخر، حيث نص على عزل من تقلد مناصب نائب رئيس الجمهورية أو رئيس وزراء أو نائب رئيس وزراء لمدة عشر سنوات؛ بما يتضمن تمييزا لا يستند لأسس موضوعية.

كما قضت المحكمة أيضا في ذات الجلسة بعدم دستورية ما ورد بنصوص قانون مجلس الشعب، من عدم قصر الانتخاب الفردي على المرشحين المستقلين غير المنتمين لأي حزب من الأحزاب السياسية، بما يترتب على ذلك من مزاحمة مرشحي الأحزاب السياسية لهم في المقاعد التي يجب أن تخصص لهم، وهو الطعن الذي يهدد صحة وشرعية مجلس الشعب الحالي.

وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها عدم دستورية المواد المتعلقة بالتقدم للترشيح لعضوية مجلس الشعب بالنظام الفردي للمنتمين للأحزاب السياسية إلى جانب المستقلين غير المنتمين لأحزاب سياسية. وكذلك تلك التي تنص على تضمين الكشف النهائي للمرشحين بالنظام الفردي بيان الحزب الذي ينتمي إليه المرشح. وقالت المحكمة في أسباب حكمها إن الإعلان الدستوري الصادر في 25 سبتمبر (أيلول) 2011 نظم حق الترشيح لمجلسي الشعب والشورى بنظام انتخابي يجمع بين النظام الفردي والقوائم الحزبية بنسبة الثلث للأول والثلثين للثاني لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وقواعد العدالة، مشيرة إلى أن المشرع قصد من ذلك تحقيق التنوع في التوجهات الفكرية والسياسية للمجلس حتى يكـــــون معبرا عن رؤى المجتمع.

وأوضحت المحكمة أن القانون أعطى للأحزاب فرصتين للفوز بعضوية مجلس الشعب إحداهما بالقوائم الحزبية المغلقة والثانية عن طريق النظام الفردي، في حين جاءت الفرصة الوحيدة أمام المرشحين المستقلين غير الحزبيين عن طريق النظام الفردي، وهو ما يخالف نص المادة 38 من الإعلان الدستوري. موضحة أن العوار الدستوري الذي أصاب النصوص المطعون عليها يمتد للنظام الانتخابي الذي سنه المشرع بكامله.

من جانبه، قال المستشار ماهر سامي، المتحدث باسم المحكمة الدستورية العليا، إنه بتطبيق الأحكام الصادرة أمس تجرى جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة بوضعها الحالي بعد التأكد من صحة ترشيح الفريق أحمد شفيق، مشيرا إلى أن قرار حل مجلس الشعب لا ينطبق عليه طعن قانوني في صحة ترشيح الدكتور محمد مرسي، الذي خاض الانتخابات ممثلا لحزب الحرية والعدالة، لكونه حائزا على مقاعد برلمانية.

وقال سامي في مؤتمر صحافي له أمس إن تشكيل مجلس الشعب باطل منذ انتخابه، والمجلس غير قائم بقوة القانون لعدم دستورية انتخابه دون حاجة لأي إجراء آخر. وأشار إلى أن الحكم لم يطل مجلس الشورى، لأنهم مقيدون بحدود الدعوى المقامة ضد مجلس الشعب وليس الشورى، وهناك نص أمام القضاء الإداري ببطلان المقاعد الفردية أيضا، مؤكدا أن القوانين التي صدرت قبل الحكم ستظل صحيحة وقائمة ولا يطالها أي عوار دستوري، موضحا أن المحكمة في مداولات منذ 3 أسابيع.

ولم يحضر الجلسة المستشارون فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا، وماهر البحيري النائب الأول، وعدلي منصور النائب الثاني، وعقدت برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، واستمرت قرابة الساعة ونصف الساعة، احتشد خلالها المئات من النشطاء السياسيين أمام المحكمة منذ الصباح رافعين لافتات تحمل شعارات تطالب بتطهير القضاء وعزل الفريق شفيق.