منظمة العفو الدولية تتهم القوات السورية بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية»

قانوني في المجلس الوطني لـ «الشرق الأوسط»: التقارير الحقوقية تساهم في الضغط على الأسد

TT

اتهمت منظمة العفو الدولية سوريا بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية باسم الدفاع عن المصلحة العليا للدولة، للانتقام من المجموعات التي يشتبه أنها تدعم المعارضة». وكشفت في تقرير أصدرته بعنوان «عمليات انتقام دامية»، عن «توافر أدلة جديدة لديها تفيد أن جنودا سحبوا أشخاصا بمن فيهم أطفال إلى خارج منازلهم وقتلوهم وعمدوا في بعض الأحيان إلى حرق جثثهم».

وأوضحت المتخصصة في أوضاع الأزمات في منظمة العفو الدولية دوناتيلا ريفيرا، لدى عرض التقرير المؤلف من 70 صفحة أن «هذه الأدلة الجديدة المقلقة لتصرفات منظمة تقوم على تجاوزات خطيرة، تلقي الضوء على الضرورة الملحة للقيام بتحرك دولي حاسم». وأشارت إلى إجراء المنظمة مقابلات مع أشخاص في 23 مدينة وقرية سورية خلصت إلى أن «القوات والميليشيات السورية ارتكبت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ومخالفات كبيرة للقانون الإنساني الدولي وصلت إلى حد الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب». وقالت ريفيرا: «في كل مكان ذهبت إليه، التقيت أشخاصا يائسين سألوني لماذا لم يفعل العالم شيئا حتى الآن؟».

ووصفت منظمة العفو في تقريرها «كيف أقدم جنود وعناصر من (الشبيحة) على إضرام النار في منازل وممتلكات وإطلاق النار العشوائي في المناطق السكنية، فقتلت وأصابت عددا من المارة». واتهمت النظام السوري «بتعذيب المعتقلين بمن فيهم المرضى والمسنون بشكل منهجي»، مطالبة «مجلس الأمن الدولي بنقل القضية إلى مدعي محكمة العدل الدولية وفرض حظر على بيع الأسلحة إلى سوريا».

ونقلت «رويترز» عن ريفيرا قولها إنها «توصلت إلى نماذج متكررة من الوحشية ضد المدنيين خلال شهرين من زيارات دون تصريح إلى شمال غربي سوريا». وقالت: «في كل بلدة وقرية ذهبت إليها كان هناك نمط مشابه.. الجنود يدخلون بأعداد كبيرة ويقومون بمداهمات قصيرة لكنها وحشية للغاية ويقومون بعمليات إعدام خارج القانون لشبان ويحرقون منازلهم. ومن يعتقلونهم يتعرضون للتعذيب في الحجز».

وأضافت: «الأمر تكرر بالفعل في كل بلدة وقرية زرتها»، مؤكدة أن «معظم الانتهاكات كانت ترتكبها قوات الأمن التابعة للحكومة السورية والميليشيات الأمنية الموالية لها ضد السكان المدنيين».

من ناحيته، قال مدير المكتب القانوني في المجلس الوطني السوري الدكتور هشام مروة لـ«الشرق الأوسط» إن «صدور تقرير منظمة العفو الدولية يأتي في إطار انكشاف النظام السوري أكثر فأكثر أمام المجتمع الدولي»، لافتا إلى أن «منظمة العفو كانت من بين المنظمات الحقوقية السباقة في كشف جرائم النظام السوري، أكثر من السياسيين والدبلوماسيين الذين تحركهم مصالحهم واستراتيجيات دولهم».

وأشار إلى أن «هذا التقرير مضافا إلى تقارير سبقته، صادرة عن منظمات حقوقية تعمل نصرة لقيم الإنسان والدفاع، إنما تساهم في ممارسة الضغط السياسي على نظام الأسد وتوجيه رسائل للمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية حول وجود مشكلة كبيرة على الأرض»، لافتا إلى أنه «انطلاقا من هول المجازر والانتهاكات التي تلحق بالمدنيين تجد هذه المنظمات ألا خيار أمامها إلا برصد هذه الحالات وتوثيقها».

وأضاف مروة: «الوقائع واضحة أمام المنظمات الحقوقية بوجود جرائم ترتكب ضد الإنسانية في سوريا واعتماد النظام لسياسة قتل ممنهج لأهداف سياسية وتوجيه رسائل قاسية»، مشددا على أن «المنظمات الحقوقية بدأت تضغط اليوم وتطالب المجتمع الدولي بمواقف جدية بعدما تبين أن الحلول السياسية والدبلوماسية تعطي النظام فرصا إضافية». ودعا مروة «أبناء الشعب السوري الذين يعيشون مع بعضهم البعض إلى العمل معا لتسليط الضوء على هذه الانتهاكات»، مؤكدا أنه «لا يجوز لأي سوري القبول بأن يستخدمه النظام كأداة لقتل جاره أو ابن قريته أو القرية المجاورة لأن ذلك لا يمكن أن يساهم في بناء مجتمع سليم».

ويأتي تقرير منظمة العفو الدولية بعد يومين على اعتبار مساعد الامين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام ايرفيه لادسو، وهو أكبر مسؤول في المنظمة الدولية، أن «سوريا في حرب أهلية الآن».

وكانت منظمة العفو الدولية، في تقريرها السنوي الصادر في 24 مايو (أيار) الفائت، قد اتهمت «النظام السوري بتعذيب وقتل معتقلين ومتظاهرين سلميين والقيام بأعمال قد تشكل جرائم ضد الإنسانية». وقالت إن «القوات الحكومية استخدمت القوة المميتة، وغيرها من صنوف القوة المفرطة، ضد المحتجين السلميين الذين خرجوا إلى الشوارع بأعداد غير مسبوقة للمطالبة بالإصلاح السياسي وإسقاط النظام».

وفي شهر مارس (آذار) الماضي دعت المنظمة عقيلة الرئيس السوري أسماء الأسد إلى أن «توظف نفوذها لصالح التأثير إيجابا في مجال حقوق الإنسان». وفي السياق عينه، اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقرير أصدرته مطلع شهر مايو الفائت «القوات الحكومية السورية بقتل ما لا يقل عن 95 مدنيا وإحراق وتدمير مئات المنازل أثناء عمليات عسكرية استغرقت أسبوعين في شمالي محافظة إدلب، بين 22 مارس و6 أبريل (نيسان) الماضيين، أي قبل وقف إطلاق النار بقليل، فيما كان مبعوث الأمم المتحدة إلى دمشق كوفي أنان يفاوض الحكومة السورية على وقف القتال». ووثق التقرير العشرات من «عمليات الإعدام خارج نطاق القانون، وقتل المدنيين وتدمير الممتلكات المدنية»، فيما اعتبرته «يرقى لكونه جرائم حرب».

وفي الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) الفائت، أكدت «هيومن رايتس ووتش» في تقرير آخر أنه «مهما حاول الرئيس الأسد أن ينأى بنفسه عن المسؤولية وعن قسوة حكومته الغاشمة، فإن زعمه بأنه لم يأمر بالقمع لا يعفيه من المسؤولية الجنائية».