فقهاء قانون: قرارات البرلمان «المنحل» سارية بالكامل.. بما فيها «الجمعية التأسيسية»

رئيس لجنة التعديلات الدستورية: لا يجوز لـ«العسكري» استعادة السلطة التشريعية

TT

أكد فقهاء القانون في مصر من قضاة وخبراء أن حكم المحكمة الدستورية العليا الذي صدر أمس، وقضى بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب بسبب الثلث الفردي، يعني حل مجلس الشعب بالكامل مع عدم بطلان أي قوانين أو قرارات صدرت عن المجلس خلال فترة انعقاده، من 23 يناير (كانون الثاني) الماضي وحتى حله، بما فيها تشكيله للجمعية التأسيسية للدستور الجديد.

وشدد الخبراء الدستوريون في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» على أن حل مجلس الشعب، وهو حكم واجب النفاذ فورا، خلق فجوة كبيرة في الحياة السياسية وإدارة المرحلة الانتقالية، فيما يتعلق بالسلطات التشريعية، التي كانت في يد المجلس العسكري ثم سلمها إلى مجلس الشعب، وأن ذلك لا يعني استعادتها تلقائيا؛ خاصة في ظل رئيس جديد منتخب سيأتي بنهاية الشهر الحالي.

وقالت المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، إن حكم الدستورية ببطلان انتخابات الثلث الفردي في انتخابات مجلس الشعب يعني بطلان المجلس بأكمله، حيث إن البطلان يشوب المجلس كله بشأن انتخاب جميع أعضائه. مشيرة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «منطوق الحكم يوضح أن انتخابات مجلس الشعب قد أجريت على نصوص ثبت عدم دستوريتها، مما يعني أن تكوين المجلس كله باطل منذ انتخابه».

وأوضحت الجبالي أن «الحكم نافذ، ودون حاجة إلى إجراءات أخرى لتنفيذه وفقا لقانون المحكمة، مما يعني حل البرلمان فورا، فهو حكم دستوري يحمل سلطاته في ذاته، وملزم لكل سلطات الدولة، خاصة أن قوة الحكم الدستوري مستمدة منه وليس لها علاقة بأي أزمات سياسية».

وفيما يتعلق بالجمعية التأسيسية للدستور الجديد، التي شكلها البرلمان منذ أيام، قالت الجبالي إن «الجمعية وضع آخر.. وحكم المحكمة الدستورية يحصن القوانين التي تصدر عن البرلمان في فترة انعقاده».

من جهته، قال الفقيه القانوني الدكتور طارق البشري، رئيس لجنة التعديلات الدستورية السابقة، لـ«الشرق الأوسط» إن «المجلس العسكري فقد السلطة التشريعية يوم 23 يناير الماضي، بتولي مجلس الشعب هذه السلطة. وعندما يحل مجلس الشعب، لا يوجد في الإعلان الدستوري الحالي ما يمكن المجلس العسكري من أن يسترد سلطاته التشريعية من جديد في الفترة المقبلة، خاصة أن رئيس الجمهورية الجديد سيختار وينصب في مصر الأسبوع المقبل، وأن المجلس العسكري سيسلم السلطة وفقا للإعلان الدستوري في 30 يونيو (حزيران) الحالي».

وأوضح البشري أن «نقطة الخلاف الآن تتعلق بالسؤال الآتي: هل سيكون من صلاحيات الرئيس الجديد إصدار قرارات لها قوة القانون في فترة غياب السلطة التشريعية أم لا؟.. وهذه هي النقطة التي لم يعالجها الإعلان الدستوري القائم، وتحتاج إلى نظر من رجال القانون لأنه لا بد أن توجد سلطة تتولى تشريع القوانين في تلك الفترة».

وأكد البشري أن «أحكام المحكمة الدستورية التي تتعلق ببطلان نظم الانتخابات في مؤسسات معينة، تصحح في الوقت نفسه كل الإجراءات التي تمت قبل صدور حكمها فيما يتعلق بالمجلس الذي يحل، وبالتالي كل ما جرى في هذا المجلس يعتبر صحيحا خلال فترته القانونية»، وبالتالي فإن «تأسيسية الدستور، ووفقا للسوابق، تستمر بشكل عادي، وكذلك كل الإجراءات التي اتخذها مجلس الشعب».

ويضع حكم المحكمة الدستورية أمام الرئيس الجديد المنتخب مشكلة كبيرة، تتعلق بنص المادة 30 من الإعلان الدستوري، بأن يحلف الرئيس المنتخب اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب وفي هذه الحالة وفي ظل غياب مجلس الشعب لن يكون هناك بديل إلا بصدور إعلان دستوري مكمل لإدخال بعض التعديلات التي تقنن وضع رئيس الدولة الجديدة.. لكن البشري، أوضح أن «الرئيس القادم يمكن أن يتولى السلطة بالأمر القائم، حتى يأتي مجلس شعب جديد». بدوره، نوه المحامي الإخواني وعضو مجلس الشعب صبحي صالح إلى أن رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني قال منذ شهرين من فوق منصته بالمجلس إنه أًبلغ وفي حضور سامي عنان نائب رئيس المجلس العسكري أن «حكم حل البرلمان في الدرج»، وكان هذا الكلام قبل فتح الملف، وبالتالي فإن رئيس مجلس العشب «لم يكذب.. وكان صادقا فيما قال».

وأوضح صالح، وهو عضو بلجنة التعديلات الدستورية الأخيرة، وعضو في الهيئة التأسيسية للدستور الجديد، أن «الطعن أمام المحكمة كان على ثلث أعضاء المجلس، وبالتالي فإن المحكمة حكمت في أكثر من المعروض عليها، وأنه إذا كان المحكوم بعدم دستوريته هو الثلث.. فما ذنب الثلثين»، مشيرا إلى أن «الحكم يتجاوز نطاق المعروض عليه من الخصومة وسلم الدولة بالكامل للمجلس العسكري مرة أخرى على طبق من ذهب، ويدعو الشعب لثورة أخرى». وشدد صالح على أن «الحكم أعادنا إلى 12 فبراير (شباط) 2011، وألغى الحياة السياسية في مصر واعتبرها كأن لم تكن»، موضحا أن المجلس العسكري «لم يعلم أن هناك ثورة حدثت في مصر، أو لا يريدون تصديق أن هناك ثورة».