إحراج وليس إدانة بعد 6 ساعات من الاستجواب لرئيس وزراء بريطانيا

ديفيد كاميرون بدا مرتبكا بسبب علاقاته الحميمة بمؤسسة ميردوخ

TT

لم يكن هناك أدلة دامغة على أن جريمة ما قد اقترفت. ولهذا فيمكن القول إن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي مثل، أمس، أمام لجنة ليفيسون التي شكلها نفسه قبل عام تقريبا للنظر في أخلاقيات الصحافة، بعد اندلاع فضيحة القرصنة التليفونية، نجا بجلده بعد يوم كامل من الاستجواب.

لكن كاميرون لم يشعر بالراحة مطلقا عندما تناولت الأسئلة القضايا الشخصية، خصوصا عندما قرأ روبرت جي، محامي اللجنة، بعض المراسلات الإلكترونية بينه وبين ريبيكا بروكس، المديرة التنفيذية ورئيسة تحرير سابقة لاثنتين من صحف روبرت ميردوخ، «ذي صن» و«نيوز أوف ذي وورلد»، التي أغلقت قبل عام على خلفية الفضيحة. وعلق نيك روبينسون محرر الشؤون السياسية في «بي بي سي»، قائلا إن كاميرون عندما غادر قاعة المحكمة العليا، حيث تعقد جلسات لجنة التحقيق، صافح وشكر جي، الذي بدت عليه علامات الراحة.. «لكن كاميرون كان على عجلة من أمره لمغادرة هذا المكان لتناول شيء قوي لتهدئة أعصابه، بعد ست ساعات من الاستجواب».

وكان قد وصل كاميرون من داونينغ ستريت إلى مبنى المحكمة وهو يرتدي قميصا أبيض وبدلة غامقة وربطة عنق زرقاء، ولوح بيده إلى المصورين الذين كانوا بانتظاره لحظة دخوله قاعة المحكمة، وصاح أحدهم قائلا: «ألا تندم على قرارك تشكيل لجنة التحقيق؟!».

وقال روبنسون: «كاميرون لم يتنبأ أبدا بأن هذه اللجنة التي قرر تشكيلها بنفسه قبل عام ستتحول إلى محكمة تقييم أحكامه الشخصية والسياسية».

ويقصد روبنسون هنا قرار الحكومة بمنح مؤسسة روبرت ميردوخ رخصة الاستحواذ على صفقة «بي سكاي بي»، التي قدرت بـ12 مليار دولار، وكذلك توظيفه في داونينغ ستريت اندي كولسون، الذي عمل رئيس تحرير الصحيفة المتهمة بالتنصت وكذلك علاقته الحميمة والقريبة جدا من ريبيكا بروكس.

الاعتقاد السائد بأن هذه العلاقات كانت قائمة على مصلحة متبادلة، وهي الدعم الإعلامي من قبل صحف ميردوخ لحزب المحافظين، وفي المقابل تدعم الحكومة صفقة الاستحواذ على «بي سكاي بي»، هو ما نفاه كاميرون في أجوبته.

وحاول كاميرون أن يقلل من قوة الصحافة المكتوبة، وقال إن «الإعلام المتواصل على مدار الساعة (بسبب تكنولوجيا الإنترنت) حمل الصحف على الإسهاب في الحديث عن أصغر الأحداث». ومن هنا، جاءت قضية التنصت من أجل كتابة قصص الإثارة التي تخص المشاهير.

ونفى أن يكون حزبه عقد أي صفقة مع إمبراطور الإعلام روبرت ميردوخ، لكنه اعترف بأن سياسيين بريطانيين أقاما علاقات مقربة جدا من صحف ميردوخ، مؤكدا أن العلاقة يجب أن تنظم بشكل أفضل. وأضاف أنه يجب أن تتوفر في المستقبل «شفافية أكبر، وتنظيم أفضل، وأن تكون هناك مسافة أكبر» بين الجانبين. واعترف بأنه عقد أكثر من 1000 لقاء مع شخصيات متنفذة في وسائل الإعلام منذ أن أصبح زعيما لحزب المحافظين.

وقال كاميرون إن «فكرة وجود صفقات علنية هي فكرة سخيفة»، في رد على تلميحات بأن حزبه تساهل مع إمبراطورية ميردوخ، مقابل الحصول على تغطية منحازة له في صحفها.

وأضاف: «أنا لا أومن كذلك بنظرية وجود اتفاق سري». وكان يقصد كاميرون بهذا رئيس الوزراء السابق غوردون براون، الذي مثل أمام اللجنة هذا الأسبوع، واتهم حزب المحافظ بعقد مثل هذه الصفقات مع مؤسسات ميردوخ.

وعلى الرغم من الإحراج الذي بدا واضحا عليه، عندما قرأ المحامي جي المراسلات مع ريبيكا بروكس، التي تظهر درجة عالية من الحميمية والصداقة، وصف كاميرون ريبيكا بروكس، المتهمة رسميا من قبل الجهاز القضائي بعرقلة سير العدالة، بأنها «صديقة شخصية ومحترفة». وسوف تبدأ محاكمة بروكس يوم الجمعة المقبل، وإذا أدينت فستعاقب بالسجن لعدد من السنين. لكن كاميرون أشار إلى صعوبة تخلي الشخص عن صداقاته.

تعيينه عام 2007 لآندي كولسون، رئيس التحرير السابق لصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» التي أغلقت في أعقاب فضيحة التنصت على الهواتف كمتحدث إعلامي باسمه، سبب إحراجا آخر لرئيس الوزراء. وترك كولسون عمله في داونينغ ستريت في أوائل العام الماضي، ويواجه حاليا إجراءات قانونية فيما يتعلق بإنكار علمه بأي تنصت أو تصرف غير قانوني من جانب الصحافيين في «نيوز أوف ذي وورلد»، بينما كان رئيسا للتحرير. والتهم الموجهة له هي الحنث باليمين في قضية ضد سياسي اسكوتلندي تخص فضيحة التنصت. وإذا أدين هو الآخر فسيزج به للسجن عددا من السنين.