معارضة واشنطن لمشاركة طهران باجتماع حول سوريا تعرقل عقده

مكتب أنان يؤكد: ما زلنا في مشاورات حول موعد ومكان وقائمة المشاركين

المراقبون الدوليون أثناء زيارتهم للحفة التي وجدوها تقريبا مهجورة أمس (رويترز)
TT

قال أحمد فوزي، المتحدث باسم كوفي أنان، المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية، إن «أنان يشارك في مشاورات مكثفة بين كافة الدول الأعضاء من أجل التوصل إلى توافق آراء حول شكل وصيغة اجتماع فريق الاتصال». وأضاف فوزي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إننا في مرحلة مشاورات تشمل مناقشة موعد ومكان وقائمة المشاركة والنتيجة المرجوة من هذا اللقاء، وهذا كل ما يمكنني قوله في الوقت الراهن».

وأشار دبلوماسيون بالأمم المتحدة إلى احتمال عقد اجتماع لمجموعة الاتصال لمناقشة الأزمة في سوريا في جنيف في 30 يونيو (حزيران)، وسط اعتراض أميركي قوي لمشاركة إيران في ذلك الاجتماع، وهي القضية الشائكة التي تعوق التوصل إلى اتفاق في تشكيل مجموعة الاتصال التي اقترحها المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان الأسبوع الماضي.

وقال دبلوماسي لوكالة «رويترز»: «هذا غير مؤكد، لكن الناس يعملون من أجل شيء في 30 يونيو، لكن ليس هناك شيء مؤكد».

وحذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من «عواقب وخيمة» بسبب الدعم الذي تقدمه موسكو لنظام بشار الأسد لقمع الشعب السوري. وقالت كلينتون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها الهندي أول من أمس «لقد كنت واضحة في قلقنا بشأن العلاقة العسكرية المستمرة بين موسكو ونظام الأسد، ونحث مرارا الحكومة الروسية على قطع هذه العلاقة العسكرية ووقف أي دعم وأي توريد للأسلحة، ومن الواضح ونحن نعرف أنهم مستمرون في توريد الأسلحة». وأضافت كلينتون «نعتقد أن التطورات تسير إلى حرب أهلية، وحان الوقت للجميع في المجتمع الدولي بما في ذلك روسيا، وجميع أعضاء مجلس الأمن للتحدث بصوت واحد مع الأسد، والإصرار على وقف العنف، والعمل مع كوفي أنان لتنفيذ خطة الانتقال السياسي».

ووجهت كلينتون تحذيراتها لروسيا قائلة «تقول روسيا إنها تريد استعادة السلام والاستقرار، وإنها ليس لديها محبة خاصة للأسد، وتدعي أن لها علاقات ومصالح حيوية في المنطقة وتريد استمرارها، وإذا لم تتحرك بصورة بناءة في الوقت الراهن فإن ذلك كله في خطر».

واستنكرت كلينتون تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الولايات المتحدة تقوم بتسليح المعارضة بشكل غير شرعي، وقالت «أؤكد أن الولايات المتحدة لم تقدم أي دعم عسكري للمعارضة السورية، لا شيء، كل ما قدمناه كان دعما طبيا وإنسانيا لتخفيف معاناة الشعب السوري، وقدمنا 52 مليون دولار حتى الآن، ومعدات اتصال».

وأكدت كلينتون على العلاقة الوثيقة بين موسكو وواشنطن، وقالت «لدينا علاقة شاملة جدا مع روسيا، وعملنا بشكل جيد بشأن مجموعة من القضايا المهمة في السنوات الثلاث ونصف السنة الماضية، وقاد الرئيس أوباما والرئيس ميدفيديف مناقشات بناءة وإيجابية». وأضافت وزيرة الخارجية الأميركية «نحن نختلف مع روسيا حول سوريا، حيث تتصاعد أعمال العنف وتشارك الحكومة السورية في الاعتداءات الوحشية ضد المدنيين العزل، وشجعنا روسيا على دعم خطة كوفي أنان، وقمنا بجهد كبير مع الكثير من الدول لترجمة تلك الخطة إلى خطوات ملموسة، وتوجيه رسالة واضحة للأسد بأنه حان الوقت ليشارك في إنقاذ بلده من دوامة عنف كبيرة».

وأبدت كلينتون مخاوفها على أمن وسلامة بعثة الأمم المتحدة في سوريا، وقالت «نعتقد أن الأحداث التي جرت الأسبوع الماضي تضع المراقبين في خطر، حيث تعرضوا لهجوم، إما عن قصد أو عن غير قصد في خضم الصراع، بما يدعو للقلق وكل هذه المخاوف يجب معالجتها، وحان للمجتمع الدولي بما في ذلك روسيا، للجلوس على طاولة لمحاولة إيجاد سبيل للمضي قدما».

إلى ذلك اتصلت أمس وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون هاتفيا برئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي وتناقشا حول التطورات في المنطقة والعنف في سوريا وتأثيراته على الأوضاع في لبنان. كما عبرت كلينتون عن قلقها حول الأحداث التي شهدها لبنان مؤخرا وتقديرها للجهود التي تبذلها الدولة اللبنانية للسيطرة على الأوضاع.

وفي غضون ذلك نفى السفير السوري لدى روسيا رياض حداد، إمداد روسيا لنظام الأسد بطائرات هجومية، نافيا اتهامات وجهتها كلينتون إلى روسيا يوم الثلاثاء الماضي بقيامها بإمداد الأسد بطائرات لقمع المعارضة. وقال حداد في تصريحات صحافية أمس (الخميس)، إن «روسيا لا تمد الحكومة السورية بطائرات هليكوبتر هجومية، وإنما ترسل أسلحة دفاعية». وتقول روسيا إنها تستكمل تنفيذ عقود قائمة لإمدادات خاصة لأنظمة دفاع جوية دفاعية يتم استخدامها لصد هجمات خارجية ولأنها لا ترسل أسلحة لسوريا يمكن استخدامها في الصراع الداخلي.

ونقلت «رويترز» عن مصدر بشركة «روسوبورن إكسبورت» الروسية لتصدير الأسلحة، أنه لا توجد عقود أبرمت في الآونة الأخيرة بين روسيا وسوريا لتوريد طائرات هليكوبتر هجومية إلى دمشق، لكن كلينتون ربما كانت تشير إلى 5 طائرات هليكوبتر عسكرية تم إصلاحها في روسيا.

من جانبها، عبرت وزارة الخارجية الصينية عن تحفظات بشأن اقتراح فرنسي لفرض خطة مبعوث الأمم المتحدة للسلام كوفي أنان، وقالت أمس (الخميس)، إنها تعارض أي أسلوب يميل إلى فرض العقوبات والضغط. وقال ليو وي مين، المتحدث الصحافي باسم الخارجية الصينية «نعتقد أن تصرفات المجتمع الدولي إزاء سوريا يجب أن تفضي إلى تحسن الأوضاع هناك، وتفضي إلى حل سياسي للأزمة السورية، وترفض الصين أسلوب الميل للعقوبات والضغط». وأضاف «في ظل الظروف الحالية نعتقد أن على كل الأطراف يجب أن تدعم جهود كوفي أنان للوساطة، ونحث كل الأطراف في سوريا على تنفيذ قرار مجلس الأمن وخطة أنان المكونة من 6 نقاط».

وحول مجموعة اتصال سوريا وإمكانية مشاركة إيران في الاجتماع، قال دبلوماسي غربي بالأمم المتحدة، إن «إيران تريد الحفاظ على نفوذها في سوريا وتريد أن تلعب دورا في منطقة الشرق الأوسط لحماية مصالحها، وتشتيت الانتباه عن برنامجها النووي». وأضاف الدبلوماسي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأداة المتبقية في يد السلطات الإيرانية هي زيادة المخاوف من الصراع الذي طال أمده في سوريا، وتحرص إيران على أن يكون لها صوت في مجموعة الاتصال التي دعا إليها أنان ليكون لها يد في تشكيل الأحداث والنتائج الخاصة بسوريا، وأن تضمن أن الثورات الشعبية التي اجتاحت المنطقة لا تنتشر شرقا إلى داخل إيران». وشدد الدبلوماسي الغربي على أن إيران تأمل أن تجبر الحكومات الغربية على التراجع عن تغيير النظام في سوريا.

وتشكك الدبلوماسي الغربي في قدرة كوفي أنان على تغيير رأي واشنطن واعتراضها على مشاركة إيران في مجموعة الاتصال، في حين أشار الدبلوماسي إلى أن المجتمع الدولي ينظر الآن إلى روسيا التي تتحمل العبء والمسؤولية في إيجاد مخرج للأزمة السورية، بينما تستريح كل من الصين وإيران وراءها. وأكد الدبلوماسي، أن «إيران تبحث عن مصلحتها وربما تكون أكثر استعدادا للتخلي عن مساندتها للأسد مقابل الإبقاء على جهازها الأمني ونفوذها داخل المنطقة، لكن تخطيطها لما بعد بشار الأسد وقدرتها على التواصل والعمل مع الجهات المعارضة السورية، ما زالت غير واضحة».

وفي توقيت متزامن، أعلن فريق المراقبين التابعين للأمم المتحدة تمكنهم من الوصول إلى بلدة الحفة بعد عدة أيام من الاشتباكات العنيفة بين القوات الحكومية والمقاتلين المتمردين. وأشار المراقبون إلى أنهم وجدوا البلدة شبه مهجورة والمباني الحكومية محترقة والجثث ملقاة في الشوارع. وأفاد تقرير للمراقبين الدوليين إلى منظمات الأمم المتحدة بارتفاع حاد في أعمال العنف وتحول خطير في التكتيكات من قبل الجانبين في سوريا. وقال التقرير إن السيارات المفخخة والتفجيرات الانتحارية أصبحت شائعة بشكل متزايد في سوريا، وإن المواجهة بين القوات الحكومية والجماعات المعارضة أصبحت تميل إلى المواجهة العسكرية وتستهدف هجمات جماعات المعارضة المسلحة المباني الأمنية وحافلات الشرطة ورموز نظام بشار الأسد.