اللجنة القانونية تعيد «الصوت الواحد» لمشروع قانون الانتخابات في الأردن

توصياتها ترفع لمجلس النواب لاقرارها

TT

جاءت الصيغة التي أقرتها اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني، أمس، لمشروع قانون الانتخابات للعام الحالي، مخيبة لآمال وتطلعات الأحزاب السياسية والحراك الشعبي الذي طال انتظاره. ومن المقرر أن يتم رفع هذه التوصيات إلى مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها، وذلك تنفيذا لرغبة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بإجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي.

ويرى مراقبون أن مهمة اللجنة في إنجاز مشروع القانون لم تكن سهلة وميسرة، بعدما طفت على السطح خلافات بين أعضائها أثناء مناقشتهم بعض مواد الصيغة الواردة في المشروع، الذي كانت قد تقدمت به حكومة عون الخصاونة المستقيلة، خاصة المادة الثامنة المتعلقة بعدد الدوائر الانتخابية وأصوات الناخبين.

وللخروج من هذا المأزق عقدت اللجنة لقاءات مكثفة مع مختلف أطراف المعادلة السياسية، لاستطلاع آرائها حول المشروع، فضلا عن الاجتماعات الماراثونية التي عقدتها طيلة الأيام القليلة الماضية، التي كان بعضها خارج قبة البرلمان، بقصد الخروج بصيغة توافقية تحظى برضا الأحزاب السياسية والحراكات الشعبية المطالبة بقانون عصري يضمن مشاركة واسعة في الانتخابات البرلمانية.

غير أنه وخلافا لتوقعات الأحزاب السياسية وفي مقدمتها أحزاب المعارضة، والشارع الأردني، المتطلع لقانون انتخابات عصري يمهد الطريق لتشكيل حكومات تقودها الأغلبية البرلمانية، جاءت الصيغة المقترحة مخيبة للآمال وبعيدة عن مطالب هذه القوى بمختلف توجهاتها؛ القومية واليسارية والوسطية والإسلامية والمستقلة.

وظلت هذه القوى والأحزاب متشبثة بإلغاء نظام «الصوت الواحد» المعمول به في الأردن منذ تسعينات القرن الماضي، وكذلك إقرار مبدأ القوائم النسبية، الذي ترى فيه «معيارا ديمقراطيا راسخا في الأنظمة الانتخابية دوليا».

وكان مشروع القانون الذي أحالته حكومة الخصاونة إلى مجلس النواب، ينص على اعتماد صوتين للدائرة المحلية وصوت للقائمة الحزبية وتتكون من 15 مقعدا، قبل أن تعدله اللجنة القانونية، باعتمادها صوتا للدائرة وصوتا آخر للقائمة بواقع 17 مقعدا على صعيد الوطن. ووفق الصيغة الجديدة، فإن عدد أعضاء مجلس النواب سيرتفع إلى 140 عضوا، موزعين على 108 مقاعد، تتنافس في 45 دائرة انتخابية، و15 مقعدا للكوتا النسائية، فضلا عن القائمة الحزبية، وقوامها 17 نائبا.

وفور الإعلان عن هذه الصيغة، توالت ردود فعل القوى السياسية والحزبية التي اتهمت اللجنة بتجاهل مطالبها بضرورة «دفن» نظام «الصوت الواحد» وإقرار مبدأ القوائم النسبية. ورأت في الصيغة المقترحة «عاملا طاردا للمشاركة في الانتخابات المقبلة، وضربة ستوجه لمسار الإصلاح السياسي» بالبلاد و«إعادته إلى المربع الأول».

واعتبرت هذه القوى، في تصريحات صحافية أمس، اعتماد اللجنة لـ«صوت واحد» للدائرة الانتخابية وآخر للقائمة الوطنية في النظام الانتخابي «ردة على مسار الإصلاح السياسي، وإعادة إنتاج للصوت الواحد المجزوء»، وأن اعتماد الصوتين «غير دستوري»، لما ينطوي عليه من تفتيت للأصوات، والعودة إلى نظام «الصوت المجزوء»، كما جاء على لسان نمر عساف القيادي بحزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وأبرز أحزاب المعارضة الأردنية. وقال عساف إن «كل تلك الصيغ لا تشجع على المشاركة في الانتخابات، وذلك ليس بالنسبة للحركة الإسلامية فقط، بل للحراكات والقوى السياسية المختلفة»، مؤكدا أن «الحزب غير معني بمناقشة تفاصيل مشروع القانون لأن المبدأ بالمجمل مرفوض». وشدد أيضا على تمسك الحزب بالنظام المختلط، وفق قائمة نسبية مغلقة للوطن وبين الدوائر الانتخابية «المتعادلة والمتقاربة».

من جهته، رأى الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب، أن كل المقترحات المتعلقة بالنظام الانتخابي تعيد إنتاج «الصوت الواحد»، وأن التوجه نحو إقرار صوتين المشابه لـ«الصوت الواحد»، سينعكس على قرارات القوى السياسية في المشاركة بالانتخابات. وتساءل ذياب عن جدوى المشاركة في ظل الصيغ القائمة للآن، مشيرا إلى أن ذلك «سيدفع القوى السياسية لمقاطعة الانتخابات، باعتبار أن أسباب المقاطعة في مواسم سابقة تتم إعادة إنتاجها ضمن شكل جديد من أشكال التحايل».

واعتبر الأمين العام لحزب الجبهة الأردنية الموحدة، أمجد المجالي، أن الصيغة التي أقرتها اللجنة القانونية «لا تمثل حالة توافقية لدى القوى السياسية والحزبية، وأنها لا تغادر مربع الصوت الواحد»، مشددا على تمسك حزبه بضرورة اعتماد ثلاثة أصوات؛ أحدها لقائمة وطنية تتضمن ما لا يقل عن 30% من مقاعد مجلس النواب الأصلية.

أما أمين عام حزب حركة اليسار الاجتماعي، خالد الكلالدة، فيرى أن صيغة مشروع قانون الانتخاب التي أقرتها اللجنة القانونية «مخيبة للآمال» وتعيد القوى السياسية إلى المربع الأول عند قانون الصوت الواحد، مؤكدا تمسك حزبه بضرورة اعتماد النسبية، سواء على مستوى دوائر المحافظات أو القائمة الوطنية.

بدوره، اعتبر الأمين العام للحزب الشيوعي، منير حمارنة، أن الصيغة التي أقرتها اللجنة «عودة لقانون الصوت الواحد»، وأن ما توصلت إليه حول «قائمة الوطن» صيغة «ديكورية» لن تؤثر على نتائج الانتخابات. وقال إن «هذه تعد انتكاسة لتوجهات الإصلاح في البلاد، ومن الواضح أن الإصلاحات والقوانين التي تم إقرارها وقفت جميعا أمام قانون الانتخاب لأنه المدخل الحقيقي للإصلاح».