رسالة طالباني تعيد خلط الأوراق.. وتضارب التصريحات بشأن حوار هاتفي بين الصدر والمالكي

قيادي في حزب الرئيس لـ «الشرق الأوسط»: لدينا معلومات لم يأت أوان كشفها

عراقيتان تمران أمام عنصر أمن وملصق كبير لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في طريقهما إلى مرقد موسى الكاظم في الكاظمية ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

اعتبر ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن «سلسلة المواقف الأخيرة التي عبر عنها رئيس الجمهورية جلال طالباني أعادت التوازن إلى المشهد السياسي بعد سلسلة الهزات التي تعرض لها في الآونة الأخيرة من خلال الإصرار على سحب الثقة من قبل مجموعة اتفاق أربيل - النجف». وقال عضو البرلمان العراقي عن دولة القانون شاكر الدراجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» تعليقا على الرسالة التي وجهها أمس الرئيس جلال طالباني إلى قادة اجتماع الرباعي «أربيل - النجف» إن «رسالة طالباني كانت واضحة حيث إنه لم تتوفر الأسباب الحقيقية لمن دعوا إلى سحب الثقة عن الحكومة لا من حيث العدد أو الدوافع»، مشيرا إلى أن «الخيار الذي انتهى إليه رئيس الجمهورية هو أن يعيد التوازن إلى المشهد السياسي من خلال تأكيد الدعوة إلى الاجتماع الوطني مع المحافظة على الدستور ووضع الحكومة والالتزامات المتقابلة التي بنيت عليها». وأضاف الدراجي أن «الاجتماع الوطني وهو كان مطلب الجميع هو الفيصل في كل شيء لا سيما على صعيد حل المشاكل السياسية الجديدة فضلا عن المبادرات والاتفاقات السابقة ومنها اتفاقية أربيل الأولى والثانية واتفاق النجف حيث إننا منفتحون على كل هذه المسائل من دون ضغوط أو إملاءات». وأشار إلى أن «الإخوة الذين أصروا على موضوعة سحب الثقة فاتهم أننا لسنا أقلية حتى يمكن سحب الثقة منا كما فاتهم أننا لدينا خيارات أخرى خصوصا أنهم لجأوا إلى لغة التهديد والوعيد وهو أمر لا يستقيم مع متطلبات الحوار السياسي البناء».

وكان الرئيس جلال طالباني قد أبلغ قادة الاجتماع الرباعي أن موقفه في اجتماع أربيل الأول كان محايدا تماشيا مع منصبه كرئيس للجمهورية وأنه لم يوقع على الورقة التي أعدها مستشاره فخري كريم ولم يسمح لأحد من قياديي الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه بالتوقيع عليها. وأشار طالباني إلى أنه قال في معرض تعليقه خلال اجتماع أربيل على اعتبار سحب الثقة ورقة ضغط وتخويف «إذا رفض التحالف الوطني أو رئيس الوزراء الالتزام بالمبادئ والأطر الواردة في الاتفاقات السابقة فسأطلب من مجلس النواب سحب الثقة». وبين رئيس الجمهورية: «إن التركيز كان على ضرورة تنفيذ الاتفاقات السابقة والمطالب اللاحقة»، مخاطبا قادة اجتماع أربيل «لكنكم حولتم الموضوع برمته إلى سحب الثقة. وأكد طالباني أنه لو كان راغبا في إفشال مشروع سحب الثقة لما أضاف تواقيع نواب حزبه»، مطالبا أطراف اجتماع أربيل بالكف عن استفزازه وتوجيه الإهانات والاتهامات إليه، قائلا: إنه «يملك الرد المفحم على ذلك. وجدد رئيس الجمهورية دعوته إلى عقد الاجتماع الوطني، مؤكدا بالقول «إذا رفض التحالف الوطني ورئيس الوزراء الاتفاقات السابقة والمطالب المشروعة حينئذ سأسحب الثقة دون الحاجة إلى تواقيع النواب». وحدد طالباني عدة أسباب لرفضه توقيع طلب سحب الثقة عن المالكي، أولها أن «رئاسة الوزراء من نصيب الأكثرية النيابية فلا يجوز القفز عليها بطلب سحب الثقة وإنما ببذل الجهود لإقناعها بتبديل ممثلها لرئاسة الوزراء». والسبب الثاني «أنني لم ولن أقف ضد الأكثرية الشيعية ومطالبها واستحقاقاتها، ومع كل الاحترام للتيار الصدري إلا أنه لا يمثل إلا ربع عدد نواب الشيعة في البرلمان». أما «السبب الثالث أن التحالف الوطني أبلغني استعداده التام لتنفيذ الاتفاقات والأخذ بنظر الاعتبار والاحترام اتفاقات أربيل الأولى والثانية».

من جهته اعتبر القيادي في القائمة العراقية ومقرر البرلمان محمد الخالدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «القائمة العراقية ستعد ردا على ذلك ولكن يمكننا القول إجمالا أنه في حال تمت الدعوة مجددا إلى المؤتمر الوطني من أجل حل الأزمات العالقة وتنفيذ الاتفاقات السابقة كأولوية أولى قبل سحب الثقة فإن ذلك يجب أن يرتبط بسقف زمني».

على صعيد متصل فقد تضاربت التصريحات بين نواب من التيار الصدري وائتلاف دولة القانون بشأن المكالمة الهاتفية بين الصدر والمالكي. ففيما أكد القيادي في ائتلاف دولة القانون عبد الحليم الزهيري أن الصدر هو من أجرى الاتصال بالمالكي فقد نفى القيادي في التيار الصدري جواد الحسناوي ذلك مشيرا إلى أن المالكي هو من اتصل بالصدر. وبينما أكد القيادي في دولة القانون كمال الساعدي أن الاتصال الهاتفي بين الرجلين تناول الأزمة الراهنة فإن رئيس كتلة الأحرار في البرلمان بهاء الأعرجي أكد أن المكالمة تناولت فقط تفجيرات الأربعاء الماضي ولم تتطرق إلى الأزمة السياسية.

إلى ذلك نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر في مكتب الصدر أن زعيم التيار الصدري ورئيس الوزراء بحثا الأزمة السياسية في اتصال هاتفي من دون أن يتم الاتفاق على إنهائها. واستدرك المصدر «لكن الطرفين بحثا إيجاد طرق لإنهائها». وهذا أول اتصال يعلن عنه بين الجانبين منذ لقائهما في إيران في مارس (آذار) الماضي. وفي وقت لاحق، أعلن المصدر في مكتب الصدر في النجف أن «الأيام القليلة المقبلة ستشهد لقاء بين زعيم التيار الصدري ورئيس الوزراء من أجل البدء بنقاشات لإنهاء الأزمة». وأضاف: «يمكن أن يكون اللقاء ثنائيا أو يجمع طرفا ثالثا من الجهات السياسية المطالبة بسحب الثقة من المالكي مثل القائمة العراقية أو غيرها». وتابع: «لم يحدد مكان اللقاء حتى الآن، فإما أن يذهب الصدر إلى المنطقة الخضراء أو أن يأتي رئيس الوزراء إلى النجف، لبحث الأزمة القائمة».

إلى ذلك، أكد آزاد جندياني، المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، لـ«الشرق الأوسط»، أن نص الرسالة التي وجهها الرئيس طالباني إلى أطراف اجتماعات أربيل والنجف «لم يتسرب من قيادة الاتحاد الوطني، وأن نشره وبتلك الصورة الانتقائية يدفعنا إلى نشر النص الكامل لمضمون تلك الرسالة في الساعات القليلة القادمة»، مشيرا إلى أنه «فضلا عن بيان الرئيس طالباني لموقفه من الأزمة السياسية الحالية، فإن لديه معلومات تمس الأطراف المجتمعة على سحب الثقة من المالكي ولكنه يدخرها ليوم معلوم».