أمين لجنة المبادرة الخليجية: هناك أطراف تسعى لجعل اليمن ملفا أمنيا مفتوحا

الشيخ نبيل الخامري في حوار مع «الشرق الأوسط»: إعادة هيكلة الجيش أهم ما يمكن إنجازه في المبادرة الخليجية

نبيل الخامري
TT

اتهم رجل السياسة والاقتصاد الشيخ نبيل الخامري، أمين عام اللجنة الوطنية لدعم تنفيذ المبادرة الخليجية، أطرافا في اليمن بالسعي لإفشال تطبيق المبادرة الخليجية، وقال في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، إن بعض الأطراف اليمنية تسعى إلى بقاء اليمن ملفا أمنيا مفتوحا للمتاجرة به، ورحب الخامري بقرار مجلس الأمن الأخير (2051) بشأن اليمن، وأكد أن كل من يتمردون على «الشرعية الدستورية» ممثلة في قرارات الرئيس عبد ربه منصور هادي سوف يكونون تحت طائلة العقوبات الدولية التي لوح بها مجلس الأمن الدولي.

ويتطرق الحوار مع الشيخ الخامري إلى ما تم تنفيذه من المبادرة الخليجية والعوائق التي تقف أمامها والأشخاص والجهات التي تعمل على عرقلة التسوية السياسية القائمة في اليمن، فإلى نص الحوار:

* ما هو تقييمكم لما تم تنفيذه، حتى اللحظة، من المبادرة الخليجية؟

- كتقييم عام، أعتقد أنه تم تنفيذ غالبية بنود وفقرات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ولكن كما تعلم ويعلم الجميع أننا ما زلنا في فترة انتقالية، وصحيح أن الفترة الزمنية أصبحت في مرحلة دقيقة وأعتقد أنه على جميع الفرقاء السياسيين على الساحة السياسية اليمنية أن يأخذوا في الاعتبار المرحلة الانتقالية والزمن المحدد لها، ولهذا يتطلب من الجميع العمل بجد واجتهاد من أجل إيجاد نتائج تخرج المواطنين مما عانوه خلال الأحداث التي شهدها البلد العام الماضي.

* ما الذي لم يتم تنفيذه من المبادرة الخليجية باعتقادكم؟ وما هي المعوقات؟ ومن يعوقون تنفيذ المبادرة؟

- أولا بالنسبة للأطراف التي تقوم بإعاقة وعرقلة تنفيذ المبادرة وآليتها التنفيذية، فأعتقد أن هناك أطرافا لها مصلحة في استمرار النزاع في اليمن ومن بقائه، من الناحية الأمنية، كملف مفتوح للصراعات وعدم استقرار الملف الأمني، لأن هذه الأطراف هم ممن لا يحبذون وجود وميلاد الدولة المدنية الحديثة التي خرجنا من أجلها إلى الساحات والتي تم تقديم تضحيات كبيرة وجسيمة من أجلها من دماء الشباب والجنود، وجميع هذه الدماء يمنية في الأول والأخير وخرجوا من أجل أهداف نبيلة، ومن أبرز هذه الأهداف الانتقال السلمي للسلطة، كهدف رئيسي خرج الشباب ينشدونه، وأيضا خرجوا لتشكيل حكومة الوفاق الوطني التي من خلالها يتم تجسيد وترجمة التدوير الوظيفي للوظائف العامة للدولة، وهناك بعض البنود التي جرى تحقيقها والبعض الآخر ما زال لم يحقق ونسمع يوميا تغييرات وتعيينات جديدة، ومن المنطلق العام أعتقد أن الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي قادر في هذه المرحلة على أن يتعامل بجدية بطريقة تملأ منصب كرسي الرئاسة من خلال إصدار القرارات المناسبة لإخراج اليمن مما هو فيه.

* لم تجبني عن سؤالي عن أبرز البنود التي لم تنفذ من المبادرة الخليجية حتى اللحظة؟

- غالبية البنود تم تحقيقها ونعرف أن المبادرة هي على مرحلتين: الأولى تكوين اللجنة العسكرية وإعادة هيكلة الجيش، واللجنة هي خاصة بإزالة جميع المظاهر المسلحة الموجودة في العاصمة صنعاء وإخراج المسلحين وإنهاء الانشقاق الحاصل في الجيش وإعادة جميع الوحدات العسكرية المنتشرة في العاصمة صنعاء وباقي المحافظات إلى ثكناتها ومعسكراتها وإزالة المتاريس والخنادق والموانع وقطع الطرقات كما يجري حاليا، وعملية إعادة هيكلة الجيش اليمني لم تتم، حتى اللحظة، بالشكل المتكامل والمتعارف عليه، ومن منظوري أن هيكلة الجيش هي إعادة المهام الأساسية للجيش وإعادته إلى طبيعته وإلى مكانه المناسب الذي من أجله تم تأسيس هذا الجيش، وهو حماية الوطن وحماية مكتسبات ومقدرات هذا البلد، ونتمنى أن تكتمل الهيكلة ومتابعتها حتى الأخير، وهناك مشاورات بين الجيش اليمني والجيش الأميركي في هذا المضمار للاستفادة من تجاربهم، من أجل بناء جيش وطني قوي، يكون انتماؤه للبلد وليس لانتماءات فردية أو شخصية أو عائلية.

* أنتم كلجنة وطنية يمنية تعنى بالمبادرة الخليجية، هل هناك تنسيق بينكم وبين مجلس التعاون الخليجي؟

- أولا من مهام وأساسيات اللجنة الوطنية لدعم تنفيذ المبادرة الخليجية التواصل مع جميع الأطراف الخليجية والإقليمية والدولية وممثلي جميع المنظمات الحقوقية والعاملة داخل اليمن وسفراء الدول الراعية للتسوية السياسية، أيضا لدينا تواصل مع الدكتور عبد اللطيف الزياني، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، بصفة دائمة ومستمرة ونطلعه على جميع الأمور التي تتم على الساحة السياسية اليمنية بحكم علاقتهم الوطيدة واهتمامهم الكبير بنجاح المبادرة الخليجية، وكذلك نتواصل مع بقية الأطراف، ونقوم بمهام أخرى من خلال الدوائر المتخصصة في اللجنة التي تقوم بحشد رأي عام جماهيري محلي لفهم بنود وفقرات المبادرة الخليجية ومنحها الحشد الكبير الذي يساعد في إنجاح تطبيق بنود المبادرة.

* لكن هناك من يعترض على المبادرة من الكيانات الشبابية في ساحات الاعتصام.

- في اعتقادي الشخصي أن الناس لا تجتمع على قلب رجل واحد، عادة، ولو اجتمع الناس على موضوع واحد أو قضية واحدة لفسدت الأرض، لكن الخلاف بين الناس هو شيء طبيعي وصحي، وبما أنني أحد قيادات الشباب والساحات وكان لي دور مع إخواني الشباب في النضال من أجل تحقيق أهداف من ضحوا بأنفسهم وأرواحهم رخيصة من أجل البلد، أقول إن البعض طرح أن المبادرة الخليجية صممت لإنقاذ الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وأنا ومن معي في اللجنة من دوائر وأقسام أقمنا فعاليات وحاولنا أن نشرح لهم أننا جميعا ثوريون، وأن المعتقدات السياسية أو العامل السياسي يرتكز على أن الأحزاب السياسية من أهم مهامها وأجنداتها الحوار أو التحاور السياسي مع الأطراف الأخرى للنهوض بالبلد، ونحن كمواطنين أو كشباب وشابات في الساحات من واجبنا ليس الحوار السياسي وإنما الحسم الثوري.

* هل تعتقد أن الأطراف الخليجية راضية عما جرى تنفيذه من المبادرة حتى الآن؟

- أعتقد أن الأطراف الخليجية ترى، كما نرى نحن، أن هناك عرقلة في تطبيق بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وأعتقد أن من هذه البنود ما نعيشه هذا الشهر وهو تمرد بعض القيادات في بعض الألوية العسكرية في الحرس الجمهوري، الأمر الذي اضطر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر إلى رفع هذا التمرد إلى مجلس الأمن في تقريره الأخير، الأمر الذي أدى إلى إصدار القرار «2051»، وهذا القرار كان ممتازا في أغلب فقراته ونحيي مجلس الأمن الدولي لأنه أصدر مثل هذه الفقرات في القرار وحذر كل من يتمرد على قرارات الأخ الرئيس (عبد ربه منصور هادي) أو سيعرقل الشرعية الدستورية التي تمت من خلال التسوية السياسية في ضوء المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، بأنه سيتم اتخاذ قرارات من مجلس الأمن ضد كل هذه الشخصيات.

* هل تعتقد أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح والقوى التي معه سوف تترك التسوية السياسية تسير بصورة طبيعية، خاصة بعد تهديده بالأمس باتخاذ أساليب أخرى بشأن محاولة الاغتيال التي تعرض لها في يونيو (حزيران) الماضي؟

- بالنسبة للرئيس السابق صالح ومعاونيه ومن عمل معه في المراكز القيادية في المرحلة السابقة، فأعتقد أنه على الرئيس الجديد، عبد ربه منصور، وحكومة الوفاق الوطني والأحزاب والتنظيمات السياسية والجميع، عدم المضي في نفس المعايير التقليدية العتيقة والقديمة ونستمر في الانجرار إلى الماضي كما استمر صالح خلال العهد الماضي وهو ينتقد في خطاباته حكم الإمامة الذي انتهى قبل أكثر من 50 عاما، وأن نحمل الفشل الرئيس السابق، وأعتقد أنه على حكومة الوفاق الوطني أن تختار أولا، القيادات ذات الكفاءة والمؤهلة التي لديها «كاريزما» لقيادة مؤسسات الدولة وإعداد برنامج حكومي لإعطاء نتائج ملموسة لدى الناس والمواطنين، والمواطن اليمني على مستوى الشارع لا يهمه الرئيس السابق أو العهد الجديد بقدر ما يهمه ما هي المنجزات التي تمت بعد الثورة وفي عهد حكومة الوفاق الوطني، التي أوجدها وأوجد الوزراء والرئيس تضحيات الشباب الذين خرجوا بصدور عارية أمام أعتى الأسلحة الثقيلة واستطاعوا أن يصنعوا المحصلة الرئيسية وهي التغيير الذي حدث في اليمن. وفي ما يتعلق بحادثة النهدين وتفجير ميدان السبعين في مايو (أيار) الماضي وتفجير أبراج الكهرباء، أدعو حكومة الوفاق إلى تعيين قضاة يتمتعون بالنزاهة والحياد للنظر في هذه القضايا ومحاكمة المتورطين بصورة عادلة ونزيهة وشفافة من أجل أن نشعر أن الوطن وأننا جميعا نعيش تحت طائلة النظام والقانون، ومن هذا المنطلق سوف نصل إلى بر الأمان، ولكن إذا استمرت حكومة الوفاق ووزراؤها في المناكفات والمشادات بين الأطراف السياسية ومع النظام السابق، فهذا مناخ سيئ سيهيئ وسيفرد مناخا آخر لوجود العناصر الإرهابية في البلد وسيعطي مناخا للأطراف السياسية بالانشغال بالأمور الثنائية بعيدا عن مسألة بناء الوطن واستغلال الإرهابيين هذه الانشغالات الجانبية، مما سيجعل اليمن يدفع الثمن غاليا وعدم التمكن من القضاء على هذه العناصر الإرهابية.

* هل تعتقدون أن اليمن مرشح لحرب أهلية؟

- أعتقد أن هذا الأمر انتهى، ومن راهنوا على صوملة اليمن أو عرقنته أو أفغنته، كانوا واهمين، وهم تجار حروب ويتاجرون بالبلد من أجل المصالح الذاتية الضيقة، وأظن أن المجتمع الدولي والإقليمي والخليجي ودول الجوار يدركون أن موقع اليمن استراتيجي، وأن الفاتورة ستكون كبيرة على الجميع إذا ما انزلق اليمن إلى أتون حرب أهلية وتحول إلى بؤرة للإرهاب.