سو تشي تتفادى الحديث الصريح عن حقوق مسلمي الروهينغا في ميانمار

حظيت باستقبال حار في سويسرا ثم انتقلت لتسلم «نوبل» الممنوحة لها منذ 1991

جنديان يقفان أمس وسط آثار منازل محترقة في سيتوي عاصمة ولاية راخين التي تشهد منذ أسبوع مواجهات دامية بين البوذيين والمسلمين (أ.ب)
TT

زارت زعيمة المعارضة في ميانمار أونغ سان سو تشي أمس البرلمان السويسري، حيث لقيت استقبالا حارا، قبل أن تتوجه إلى أوسلو المحطة الثانية في جولتها الأوروبية. وخلال زيارتها القصيرة هذه، صفق أعضاء المجلس الوطني (النواب) بحرارة للناشطة المدافعة عن الديمقراطية، وحرص رئيس المجلس هانسيورغ فالتر على التذكير بأنها أول زيارة لها إلى أوروبا منذ 25 عاما، وقال «إن اختيار سويسرا كأول بلد أوروبي تزوره شرف كبير». كما حرص على تهنئة المعارضة على جائزة نوبل للسلام التي منحت لها في عام 1991 لكنها لم تتمكن من تسلمها إلا خلال جولتها الحالية.

وبعد محطتي سويسرا والنرويج، ستزور سو تشي بريطانيا وآيرلندا وفرنسا. وأعلن وزير الخارجية السويسري ديدييه بوركهالتر، مساء أول من أمس، عن فتح سفارة سويسرية لدى ميانمار في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. كما تلتزم سويسرا ببرنامج للمساعدة على التنمية إلى ميانمار بقيمة 25 مليون فرنك سويسري (26.2 مليون دولار).

وكانت أونغ سان سو تشي وصلت مساء الأربعاء إلى جنيف، المحطة الأولى من جولتها التاريخية على أوروبا والتي تستمر 15 يوما. وقد استهلت جولتها بخطاب في الأمم المتحدة أمام المؤتمر الدولي للعمل، حيث صفق لها طويلا نحو أربعة آلاف مندوب من 185 بلدا. وانتهزت الفرصة لتوجه نداء إلى المجتمع الدولي للاستثمار في ميانمار والدعوة إلى مساعدة شباب بلادها الذين حرموا فرصة التعلم ويعانون من بطالة مستشرية. وفي اليوم نفسه أعلنت شركة «كوكاكولا» عودتها إلى ميانمار بعد غياب استمر أكثر من ستين عاما، على أثر تخفيف العقوبات الأميركية على حكومة ميانمار.

ولم تزر أونغ سان سو تشي أوروبا منذ 1988 بعد السنوات التي أمضتها قيد الإقامة الجبرية في بلادها. وتشكل هذه الزيارة محطة جديدة في الإصلاحات السياسية التي أدخلها النظام الجديد شبه المدني بعد عقود من الحكم العسكري الذي انتهى السنة الماضية.

وغادرت أونغ سان سو تشي رانغون فيما تشهد البلاد أعمال عنف دينية بين البوذيين ومسلمي الروهينغا خلفت عشرات القتلى ودفعت بالرئيس ثان سين إلى التحذير من الإخلال بعملية الإصلاحات الهشة. وفي جنيف، واجهت سو تشي أسئلة متكررة من الصحافيين حول هذه المواجهات، إلا أن البرلمانية البارعة في السياسة شددت خصوصا على أهمية دولة القانون التي «من دونها، لا يمكن أن يستمر نزاع كهذا». وامتنعت عن تقديم دعم حقيقي لـ800 ألف من إثنية الروهينغا في هذا البلد. وتقيم هذه الأقلية في شمال ولاية راخين، ولا تعد من الأقليات العرقية التي تعترف بها السلطة وقسم كبير من سكان ميانمار. كما تعتبرها الأمم المتحدة إحدى أكبر المجموعات المضطهدة في العالم. وقال محمد إسلام، ممثل لاجئي الروهينغا في مخيم في مدنية تكناف على الحدود مع بنغلاديش «نوجه نداءنا إلى الأمم المتحدة والدول الأجنبية والحكومة البورمية خصوصا سو تشي». وأضاف أن سو تشي «لم تفعل ولم تقل شيئا لنا، بينما الروهينغا بمن فيهم والدي قاموا بحملة لمصلحتها خلال انتخابات 1990».

ويعد الملف شائكا بالنسبة للمعارضة التي تحاول تقديم نفسها على أنها وجه موحد للأقليات العرقية في البلاد. وقد ضاعفت الحكومة الجديدة الإصلاحات منذ حل السلطة العسكرية في مارس (آذار) 2011، ووقعت اتفاقات مع عدد من المجموعات المتمردة التي لم تقم أي علاقات سلمية مع الدولة منذ استقلال البلاد في 1948. لكن المعارك مستمرة في أقصى الشمال مع الكاشين، بينما زاد اندلاع أعمال العنف في ولاية راخين على الحدود الغربية من هشاشة الوضع في البلاد. وقال أونغ ناين أو المحلل في معهد فاو للتنمية «إنه وضع قابل للانفجار، ومن يهتم بالمشكلة فعليه أن يمشي على خيط رفيع جدا».

ويفترض أن تلقي المعارضة البورمية اليوم السبت الخطاب المخصص لحفل تسلمها جائزة نوبل للسلام في 1991. ويرى خبراء أنها يمكن أن تنتهز الفرصة لتحاول تهدئة التوتر. وقال نيكولاس فاريلي، من الجامعة الوطنية الأسترالية، إن «كثيرين يريدون أن يعرفوا ما إذا كانت تعتبر الروهينغا مواطنين يستحقون الحقوق والحماية التي يؤمنها هذا الوضع». وأضاف أنها إذا تجاهلت الملف، فستخيب أمل الذين «كانوا يتطلعون إليها كقائدة، لكن إذا دعمت الروهينغا فيمكنها أن «تغضب بعض البوذيين» في ميانمار.