عيون العالم على الأوضاع المصرية

الصحافة والمحللون يتابعون «الانقلاب الناعم» من «الحلم التركي» إلى «السيناريو الجزائري»

TT

بعد يوم عامر بالأحداث السياسية والقانونية أسفر في نهايته عن حل مجلس الشعب المصري واستمرار الفريق أحمد شفيق في سباق الرئاسة المصرية، مع وعد من المجلس العسكري الحاكم بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر اليوم وغدا، خرجت الصحف الغربية في أغلبها أمس تشير إلى التقلبات الحادة في الوضع المصري، كما انشغلت الأوساط الدبلوماسية الدولية بالحدث، ولم تخف في تعليقاتها - المطالبة بـ«وضوح الموقف» - نبرة القلق.

دبلوماسيا، كانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أول المعلقين على التطورات المصرية، وقالت في تصريح سريع ليلة أول من أمس إنه «لا يمكن العودة إلى الوراء في ما يخص الانتقال الديمقراطي الذي يطالب به الشعب المصري».

وعلى ذات المنوال، طالب الاتحاد الأوروبي أمس بتوضيح فيما يخص الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا في مصر ببطلان الانتخابات البرلمانية التي جرت قبل أربعة أشهر. كما طالب متحدث باسم الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، في بروكسل، بإجراء انتخابات رئاسية «حرة ونزيهة» في جولة الإعادة، وتسليم سريع للسلطة لحكومة مدنية، موضحا أن الاتحاد الأوروبي سيتابع الانتخابات عن كثب.

وقال المتحدث: «إننا نرغب في توضيح العواقب المحددة للحكم بأن الانتخابات البرلمانية قامت على أساس غير دستوري.. تقرير مستقبل مصر أمر يخص المصريين؛ ونحن نؤكد أهمية نقل السلطة إلى حكومة مدنية في أسرع وقت ممكن، ووفقا للخطة الزمنية المعلنة حتى الآن». وأضاف المتحدث أنه يتعين أن تكون هناك «تلبية قوية لمطالب الشعب نحو الحرية والديمقراطية والفرص الاقتصادية».

من جانبه، دعا وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله إلى الاستمرار في عملية التحول الديمقراطي في البلاد. وقال فيسترفيله -على لسان متحدث باسم الخارجية الألمانية - أمس: «لا ينبغي أن ينشأ الآن فراغ ديمقراطي». مؤكدا ضرورة أن تكون هناك خطة موثوقة لتسليم السلطة ليد مدنية، ومضيفا أن بلاده تنتظر من الفائز في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة المصرية الاعتراف بصدق بالتحول الديمقراطي في البلاد.

وفي غضون ذلك، رأى محللون غربيون أن الجيش المصري منح نفسه من خلال «انقلاب دستوري»، نفذه عشية الدور الثاني الحاسم من الانتخابات الرئاسية، الوسائل الكفيلة بتمكينه من أن يظل لاعبا رئيسيا في السلطة وأن يتصدى لخصومه الإسلاميين.

ويعتقد الخبير في شؤون العالم الإسلامي، في جامعة تولوز الفرنسية، ماثيو غيدار أن «الإطار القانوني العام في كل هذه المسألة لا يستقيم» حتى لو لم يحدث «انقلاب»، مضيفا لوكالة الصحافة الفرنسية أن «المؤسسة العسكرية أعدت استراتيجية سياسية تم رسمها بجدية وبروية للإبقاء على كل الخيارات مفتوحة؛ أيا كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية».

وأكد مراقبون أن القرار الذي أعلنه وزير العدل المصري عادل عبد الحميد بمنح رجال المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية حق الضبطية القضائية للمدنيين (وهو إجراء يمكن الجيش من التدخل السريع للسيطرة على أي اضطرابات محتملة)، يعضد فرضيات المحللين السياسيين.

ويقول أنطوان بصبوص، مدير مرصد الدول العربية في باريس: «نشاهد إعادة مستترة للنظام العسكري - السياسي المصري»، مضيفا: «الجيش ليس مستعدا لترك السلطة ليقوم الإخوان بإلقاء الجنرالات في السجون وإعادة العسكريين إلى ثكناتهم كما حدث في تركيا».

أما في الصحافة الدولية، فقد أشارت «الفايننشيال تايمز» البريطانية إلى أن المرحلة الانتقالية السياسية في مصر مُنيت بتقلبات ومنعطفات غير متوقعة، وقالت إن «قرار محكمة مكتظة بالمعينين من النظام السياسي المبعد يعتبر بالنسبة لكثير من المصريين الخطوة الأكثر إضرارا من ثورة مضادة مدروسة أدارها بكفاءة المجلس العسكري الحاكم وفلول النظام القديم».

وأشارت إلى أن هذا القرار سيعيد إلى الأذهان ذكريات الجزائر عام 1991 عندما ألغى الجيش جولة الانتخابات الثانية لعرقلة فوز حزب إسلامي، وهو ما أغرق البلد في حرب أهلية دامت عقدا من الزمن.

كما نشرت صحيفة «الإندبندنت» مقالا للكاتب اليستر بيتش تحت عنوان «الديمقراطية الهشة في مصر في مأزق بعد حل المحكمة الدستورية مجلس الشعب». وركز المقال على قرار المحكمة الدستورية العليا، ويرى الكاتب أن من شأن القرار أن يجر البلاد إلى أزمة خطيرة لا تحمد عقباها.

وفي المقال، رأى بعض المحللين السياسيين، أن المجلس العسكري الذي كان من المفترض أن يسلم السلطة هذا الشهر سيقوم الآن بدور مجلس الشعب، مشيرا إلى أن الأسباب التي كانت وراء حله هي «بطلان» طريقة انتخاب ثلث أعضاء المجلس المستقلين، الأمر الذي يعني بطلان المجلس وحله فورا وإجراء انتخابات جديدة.

أما «الغارديان»، فنشرت على صفحتها الأولى تقريرا بعنوان «غضب شديد بعد قرار المحكمة الدستورية حل مجلس الشعب»، ركز على ردود الفعل وموجة الغضب التي أحاطت به من قبل العديد من المعارضين المصريين.