مدير شركة «روس أوبورون إكسبورت» يؤكد أن روسيا زودت سوريا بأنظمة صاروخية

يمكن أن تستخدم في إسقاط الطائرات أو إغراق السفن

متظاهرون يطالبون بتنحي الأسد بهامبورغ شمال ألمانيا أمس (أ.ف.ب)
TT

قال كبير مصدري الأسلحة في روسيا أول من أمس إن شركته كانت تزود سوريا بأنظمة دفاع صاروخية يمكن أن تستخدم في إسقاط الطائرات أو إغراق السفن في حال رغبة الولايات المتحدة أو الدول الأخرى في محاولة التدخل من أجل منع العنف المنتشر في البلاد. وقال أناتولي إيسايكين، المدير العام لشركة «روس أوبورون إكسبورت» في مقابلة: «أود أن أقول إن هذه الآليات من وسائل الدفاع الجيدة الفعالة في التصدي للهجمات الجوية أو البحرية. إن هذا ليس تهديدا، لكن على كل من يعتزم شنّ هجوم أن يضع هذا في الاعتبار». ورغم أن هذه الأنظمة ليست متقدمة كثيرا، تحمل تصريحات إيسايكين معنى من الناحية الرمزية أكثر مما تحمل من الناحية العسكرية. لقد ساهمت تلك الأنظمة في الحرب الباردة التي هيمنت على العلاقات بين واشنطن وموسكو قبيل أول اجتماع بين الرئيس أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش اجتماع قمة العشرين في لوس كابوس في المكسيك الأسبوع المقبل.

وتأتي ملاحظات إيسايكين بعد أيام قليلة من زيادة وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، الضغط على روسيا، الدولة الحليفة لسوريا، من خلال انتقاد الكرملين بسبب إرسال مروحيات إلى دمشق وسط أنباء حول استعدادها إلى إرسال مركبات برمائية ومجموعة صغيرة من القوات الخاصة إلى ميناء طرطوس السوري من أجل تأمين المنشآت العسكرية والبنية التحتية إن استدعى الأمر. ورفض جورج ليتل، المتحدث باسم وزارة الدفاع، التعليق على تصريحات إيسايكين.

وقال ألكسندر غولتز، وهو محلل عسكري مستقل في موسكو، إن المناقشات الروسية حول شحنات الأسلحة الدفاعية هدفها «بلا شك» تحذير الدول الغربية التي تفكر في التدخل العسكري في سوريا.

وأوضح «تستغل روسيا هذه التصريحات كنوع من الردع في سوريا، حيث توضح للدول الأخرى أنها ستعاني من خسائر على الأرجح». وأكدت روسيا خلال الأزمة السورية أن كل الأسلحة التي تزود نظام بشار الأسد المعزول بها هي أسلحة دفاعية وأنها لم تكن تستخدم من قبل النظام في قمع المعارضة. وسلّط إيسايكين الضوء على هذا الأمر، لكن بطريقة يمكن تفسيرها على أنها تحذير للغرب من القيام بعمل عسكري على شاكلة العمل العسكري في ليبيا الذي أطاح بالعقيد معمر القذافي. ونظر بوتين إلى تلك الخطوة باعتبارها انتهاكا للسيادة لا يريد لها أن تتكرر.

وفي الوقت الذي ترد فيه التقارير الإخبارية على المذابح التي يرتكبها النظام تقريبا بشكل يومي من سوريا، بات احتمال قيام الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي بعمل أحادي الجانب خيارا مطروحا للمناقشة أكثر من أي وقت خاصة بالنظر إلى الرفض الروسي القاطع لاتخاذ الأمم المتحدة خطوة عسكرية.

وناقش إيسايكين، وهو من الشخصيات النافذة في صناعة السلاح في روسيا، بصراحة أمر شحنات الأسلحة إلى سوريا ومنها «بانتسير إس 1» وهو نظام صاروخي ومدفعية موجه بالرادار قادر على إسقاط طائرات حربية على ارتفاعات أكبر من الارتفاعات التي تحلق عندها الطائرات خلال القصف وعلى مرمى 12 ميلا. وهناك أيضا الصواريخ المضادة للطائرات «بوك إم 2» القادرة على إسقاط الطائرات الحربية التي تحلق على ارتفاعات أكبر تصل إلى 8200 قدم وتدمير أهداف على مدى أبعد، فضلا عن نظام «باستيون» الصاروخي المضاد للسفن الذي يرتكز على الأرض ويستطيع تدمير أهداف على بعد 180 ميلا من الساحل. وسرعان ما تساءل محللون عسكريون عن فاعلية أنظمة الدفاع الجوي الروسية التي زودت موسكو بها دول الشرق الأوسط ومن بينها سوريا والتي لم تظهر أي منها أي مقاومة ولو رمزية للقوى الغربية.

قال راسلان ألييف، خبير الشؤون العسكرية في مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيا في موسكو، إن غرض تصريحات إيسايكين وآخرين سياسي بحت.

وقد رفضت موسكو تزويد سوريا بأقوى نظام دفاع جوي وهو النظام الصاروخي «إس 300» طويل المدى، وكتب ألييف في معرض إجابته عن الأسئلة في رسالة عبر البريد الإلكتروني: «بحسب ما فهمت، لا تستطيع سوريا حماية نفسها من حلف شمال الأطلسي، مثلما فشلت في حماية منشآتها النووية من الضربة الجوية الإسرائيلية عام 2007. ولا أعتقد أن يكون السلاح الروسي فعالا إلى درجة كبيرة».

ومنذ تصريحات كلينتون، سعى الجانبان إلى التقليل من شأن المروحيات بالقول إنها ليست ذات أهمية كبيرة من الناحية العسكرية. وصرحت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم وزارة الخارجية، يوم الخميس بأن وزيرة الخارجية كانت تشير إلى ثلاث مروحيات تمت إعادتها مؤخرا إلى سوريا بعد تحديثها في روسيا. وقال إيسايكين في مقابلة إن عقد تحديث المروحيات تم توقيعه عام 2008 ولم يكن سريا في أي يوم من الأيام وتعلم به المنظمات الدولية. وأوضح قائلا: «لقد كان عقدا عاديا».

وتنفق سوريا نحو 500 مليون دولار سنويا في شراء الأسلحة الروسية على حد قول إيسايكين خلال مقابلة، ويمثل هذا نحو 5 في المائة من مبيعات شركة «روس أوبورون إكسبورت». وأوضح إيسايكين أن الشركة لم تطن تتلق أي طلبات شراء بنادق أو ذخيرة أو صواريخ أرض - أرض أو مروحيات أو أسلحة تُحمل على متن سفن أو عربات مدرعة من سوريا لنحو عقد من الزمان. وتعد تلك الأسلحة هي الأسلحة الأساسية المستخدمة في الصراع يوشك أن يتطور إلى حرب أهلية. وقال إن الشرق الأوسط «متخم» بالأسلحة الصغيرة سوفياتية الصنع التي عادة ما يكون لها نسخ مقلدة من صنع الصين أو دول أوروبا الشرقية وهو ما يزيح روسيا بعيدا عن هذه السوق. واعتمدت تجارة السلاح الروسي مع سوريا خلال السنوات الأخيرة على الأنظمة المتقدمة المضادة للطائرات. وأوضح أن ذلك لا يمثل مخالفة للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة ولا يمكن أن تستخدم تلك الأسلحة ضد المدنيين في صراع داخلي. نحن فقط نرسل شحنات الأسلحة إلى سوريا، يمكنكم سؤال السوريين عن أوجه استخدامها».

* شاركت في إعداد التقرير إيلين باري

* خدمة «نيويورك تايمز»