اشتباكات واتهامات بالتزوير في جولة الحسم لانتخابات الرئاسة المصرية

تفاوت في الإقبال.. ضبط بطاقات مسودة لصالح مرسي.. «الإخوان» يشتكون من «تجاوزات».. طائرات عمودية تشارك في تأمين الانتخابات.. مد التصويت ساعة أخرى

المرشحان الرئاسيان أحمد شفيق ومحمد مرسي أثناء إدلائهما بصوتيهما في انتخابات الرئاسة المصرية التي انطلقت في عموم البلاد أمس (أ.ب)
TT

وسط أجواء سياسية متوترة واتهامات بالتزوير، توجه أمس ملايين المصريين للإدلاء بأصواتهم في اليوم الأول من يومي جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها الفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، والدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين. وبينما قررت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة تمديد وقت التصويت ساعة كاملة بسبب كثافة الإقبال في بعض المناطق وتأخر افتتاح بعض مراكز الاقتراع في مناطق أخرى، قال رئيس اللجنة فاروق سلطان لـ«الشرق الأوسط»: «لن نتهاون في الحفاظ على سلامة العملية الانتخابية».

وتبدل المشهد السياسي قبل يومين من بدء التصويت، وذلك بعد حكمي المحكمة الدستورية العليا التي قضت بحل البرلمان الذي سيطرت عليه جماعة الإخوان المسلمين، وعدم دستورية قانون العزل وهو ما ترتب عليه استمرار الفريق شفيق الذي ينظر له منافسوه بوصفه مرشح المؤسسة العسكرية، باعتباره جنرالا سابقا.

وشهد اليوم الانتخابي الأول مشاركة شعبية أقل من الجولة الأولى، ومشاحنات واشتباكات أكثر أمام مراكز الاقتراع، في الجولة التي يعتقد المراقبون أنها ستحسم مستقبل البلاد السياسي خلال السنوات المقبلة.

وتواترت خلال ساعات التصويت التي امتدت بين الثامنة صباحا وحتى الثامنة مساء، أنباء وشكاوى عن خروقات وتجاوزات من بينها تأخر بدء عملية التصويت في عدد من اللجان، وهو ما دفع اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات إلى مد التصويت لساعة أخرى، بالإضافة إلى تسويد بعض بطاقات الاقتراع في لجان أخرى، واكتشاف بعض المواطنين أنه تم التوقيع أمام أسمائهم في كشوف الناخبين، كما رصدت منظمات المجتمع المدني المشاركة في مراقبة الانتخابات عمليات شراء الأصوات.

من جانبه قال المستشار فاروق سلطان، إن اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة تجري تحقيقات موسعة مع المسؤولين في المطابع والداخلية بمحافظة الشرقية مسقط رأس مرشحي الرئاسة، وكذلك في العاصمة المصرية القاهرة بعد اكتشاف بطاقات انتخابية مغلفة تم تسويدها لصالح مرشح جماعة الإخوان المسلمين.

وأضاف سلطان أن شكوى قد وصلت إلى المستشار أشرف جميل رئيس اللجنة رقم 36 بمدرسة حيان التابعة لمركز ههيا تفيد باكتشافه بطاقات إبداء الرأي من المطبعة مغلفة وبفتح الغلاف تبين أن هناك أكثر من 24 بطاقة مسودة بقلم جاف لصالح مرسي مرشح الإخوان، وتم تحرير محضر بالواقعة وإبلاغ النيابة العامة، وهو ما تكرر في محافظة القاهرة بعد اكتشاف 33 بطاقة مسودة لصالح ذات المرشح.

وقال سلطان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجنة تتابع عن كثب من خلال غرفة العمليات ورود أية مشاكل قد تطرأ، وتعمل على تذليلها فورا، وأنها لن تتهاون في اتخاذ اللازم نحو سلامة الانتخابات»، مشيرا إلى أن لجنة الانتخابات الرئاسية عاقدة العزم على اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه أي طرف من أطراف العملية الانتخابية تثبت مخالفته للقواعد القانونية أو ارتكابه لأي عمل مجرم قانونا أو خروقات من شأنها أن تؤثر في العملية الانتخابية.

وبدورها شكت جماعة الإخوان مما وصفته بـ«تجاوزات» شابت اليوم الانتخابي الأول، وقالت في بيان لها أمس إن من بين هذه المخالفات اكتشاف أسماء متوفين بكشوف ناخبين في لجنة بمدينة الإسماعيلية شرقي العاصمة، ورصد أوراق انتخاب في سيارة شرطة بمدينة أشمون في محافظة المنوفية، وأضافت أن مجندا في الجيش أدلى بصوته في لجنة بمحافظة القليوبية المتاخمة للقاهرة.

وتدخلت عناصر الجيش المكلفة بتأمين العملية الانتخابية لفض اشتباكات في محافظات الجيزة والشرقية والإسكندرية، بين أنصار المرشحين، وسط مخاوف من تنامي العنف في جولة الإعادة مع التوترات التي تشهدها الساحة السياسية في البلاد.

وشاركت طائرات عمودية تابعة للقوات المسلحة في عمليات تأمين الانتخابات، حيث شوهدت المروحيات تحلق في سماء القاهرة على ارتفاعات منخفضة، لمتابعة سير عمليات الاقتراع.

وبينما شهدت بعض المحافظات إقبالا ضعيفا، قال شهود عيان إن محافظات أخرى شهدت إقبالا ملحوظا، خاصة في أوقات بعد الظهيرة. وزادت أعداد الناخبين بلجان محافظات القناة وسيناء بشكل ملحوظ وشهدت إقبالا وصل إلى نسبة 30 في المائة. ونفى مدير أمن السويس ما تردد عن مزاعم لحزب الحرية والعدالة الإخواني عن استبعاد ضباط شرطة من المعروف عنهم قربهم من التيار الإسلامي في بعض اللجان بعد منتصف نهار اليوم الأول من جولة الإعادة. وكان الإقبال في القطاع الريفي أكثر من المدن.

وقام اللواء محمد فريد حجازي قائد الجيش الثاني الميداني بزيارة إلى مقار لجان انتخابية بمدن القناة. وواصلت غرفة عمليات نادي القضاة بالإسماعيلية عملها وقال المستشار إيهاب عمارة سكرتير النادي إن غرفة العمليات تتلقى أي شكاوى من أكثر من 500 قاض بأنحاء منطقة القناة وسيناء وتعمل على حلها.

وفي محافظات الصعيد وقعت العديد من الاشتباكات والمشاحنات بين أنصار الدكتور مرسي والفريق شفيق في عدد من المحافظات منها قنا والأقصر، بسبب الاحتقان بين أنصار المرشحين. وقالت مصادر أمنية إن أبرز الاشتباكات التي شهدتها اللجان الانتخابية بمحافظة قنا أمام لجنتي 68 و69 بمدرسة النهضة بقرية الرئيسية التابعة لمركز نجع حمادي، مما دفع القاضي إلى إغلاق اللجنة لحين فض الاشتباكات التي لم يسجل فيها وقوع إصابات. وفي قنا أيضا حدثت اشتباكات بين أنصار مرسي وشفيق في نجع رجب التابع لقرية الخرانقة وفي قرية جراجوس نتيجة قيام الطرفين بتوجيه الناخبين لصالح مرشحيهم، مما أدى لتدخل قوات الجيش والشرطة.

ويقول مراقبون إن الإخوان المسلمين يخوضون معركتهم الحاسمة والأخيرة بعد عام ونصف العام من اندلاع الثورة، بعد أن فقدوا بالفعل أغلبيتهم في البرلمان المنحل، وتوقعات بفقدانهم أغلبية الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور المطعون عليها أمام القضاء، الذي أصدر حكما بحل التشكيل الأول للجمعية بسبب هيمنة البرلمانيين عليها.

ويبلغ عدد من يحق لهم التصويت في الانتخابات الرئاسية 50 مليونا و207 آلاف ناخب، موزعين على 351 لجنة عامة في 27 محافظة، في حين تصل عدد اللجان الفرعية 13 ألفا و97 لجنة.

وكانت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية قد جرت نهاية الشهر الماضي وتنافس فيها 13 مرشحا، وشارك فيها نحو 23 مليون ناخب، بنسبة اقتربت من 50 في المائة ممن يحق لهم التصويت.