عصام شيحة لـ «الشرق الأوسط»: انتخابات الرئاسة على «كف عفريت» إذا لم تصادف هوى الإسلاميين

قيادي بحزب الوفد: حل البرلمان جاء بعد تسريبات عن نية «الإخوان» إلغاء المحكمة الدستورية خلال شهر

عصام شيحة («الشرق الاوسط»)
TT

كشف عصام شيحة، القيادي بحزب الوفد المصري، عن وصول تسريبات إلى المحكمة الدستورية العليا التي أصدرت حكما مؤخرا بحل البرلمان، بنية التيار الإسلامي تقليص صلاحيات المحكمة الدستورية نفسها خلال شهر، لافتا إلى أن المخطط الذي كان موضوعا أن يتم تأجيل حكم حل البرلمان لما بعد انتخابات الرئاسة، والقضاء بعدم دستورية قانون العزل السياسي.

وقال شيحة في حوار مع «الشرق الأوسط» إن «حكم الدستورية بحل مجلس الشعب يسري على مجلس الشورى، وإن سبب عدم إعلان ذلك تجنب صدام محتمل بين السلطات والإسلاميين»، مضيفا أن «انتخابات الرئاسة على (كف عفريت) خاصة إذا لم تصادف هوى جماعة الإخوان»؛ لكنه في الوقت ذاته استبعد تزويرها، مؤكدا أن الرئيس المقبل سيجلس على صفيح ساخن، ولن يستمر حتى انتهاء مدته القانونية وهي أربع سنوات. وتحدث شيحة، وهو خبير قانوني أيضا، عن أن الرئيس الجديد عليه أن يصدر قرارا بقانون لتعديل قانون مجلس الشعب بالتوافق مع القوى الوطنية، ثم دعوته للانتخابات البرلمانية من جديد، موضحا أن المجلس العسكري الحاكم سوف «يحيي دستور 1971 بمجرد إعلان اسم الرئيس».

وقال شيحة إن «الإخوان» سيحصلون على 30 في المائة في انتخابات مجلس الشعب المقبلة، وإن الانتخابات الجديدة ربما تعيد الكرة إلى ملعب القوى الليبرالية المدنية من جديد، كاشفا عن استحالة دخول حزب الوفد مع «الإخوان» في تحالف جديد، مدللا على ذلك بأن كل التحالفات التي تمت بين القوى السياسية و«الإخوان» انتهت بالفشل. وفيما يلي أهم ما جاء في الحوار..

* ما رأيك فيما يردده البعض عن أن البرلمان مستمر في جلساته على الرغم من حكم المحكمة الدستورية بحله؟

- هذا كلام عار تماما من الصحة، لأن الحديث عن أن الفصل في عضوية البرلمان من اختصاصات محكمة النقض خطأ، لأن المحكمة الدستورية العليا تختص بالحكم على قوانين وليس الحكم على أفراد، وأن الحكم صدر ضد الطعن على قانون وليس الطعن على صحة عضوية نواب، فحكم الدستورية واجب النفاذ منذ توقيت صدوره من فم قاضي الدستورية، وبالمسودة وبدون إعلان بمجرد صدور الحكم من المحكمة، فبمجرد صدور الحكم أصبح البرلمان كأن لم يكن، بناء على القاعدة القانونية التي تقول «ما بني على باطل فهو باطل»، فضلا عن أن هذا الحكم ليس اختراعا، فقد سبقه حكمان متتاليان لنفس المحكمة في عامي 1984 و1987، ونفس الأسباب التي اعتمدت عليها المحكمة من قبل هي بالطبع نفس الأسباب الحالية.

* وماذا عن قانونية التشريعات الأخيرة التي صدرت عن البرلمان؟

- كل القوانين التي صدرت عن البرلمان خلال المرحلة الماضية صحيحة، فيما عدا الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور، لأن البرلمان من أجل تحصين الجمعية من عدم الطعن عليها أصدر تشريعا لم يصدق عليه المجلس العسكري الحاكم، ولم يعلن في الصحيفة الرسمية، فضلا عن أن التشكيل الجديد للجمعية التأسيسية وقع في نفس أخطاء التشكيل الأول التي قضت محكمة القضاء الإداري بإبطاله، ومن المنتظر أن يصدر حكم قضائي آخر ليحل التشكيل الحالي، وبمجرد سقوط البرلمان أعيد التشريع مرة أخرى للمجلس العسكري الحاكم طبقا للمادة 56 من الإعلان الدستوري (الصادر في مارس/ آذار عام 2011)، ويترتب على ذلك أن الرئيس المنتخب عليه أن يصدر قرارا بقانون يعدل فيه قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972، بحيث تتم تنقيته من شوائب عدم الدستورية، ويتم الاتفاق بين القوى الوطنية على قانون الانتخاب الجديد سواء بنظامي القائمة أو الفردي، ثم يصدر الرئيس القانون، وتعقبه دعوته للانتخابات البرلمانية من جديد.

* في رأيك.. هل سيصدر المجلس العسكري إعلانا دستوريا مكملا قبل إعلان فوز الرئيس الجديد؟

- بمجرد إعلان اسم الرئيس، سيتم إحياء دستور عام 1971، (ومن المقرر إعلان اسم الرئيس الفائز في انتخابات الرئاسة يوم 21 يونيو/ حزيران الجاري)، والإعلان الدستوري الذي من المنتظر أن يصدره المجلس العسكري سيحدد الجمعية التأسيسية الخاصة بوضع الدستور، لأنه عقب حل البرلمان أصبحت مهددة بسبب مخالفتها الحكم القضائي الخاص بعدم تضمنها أيا من أعضاء مجلس الشعب، وهو ما خالفه البرلمان بوجود 20 برلمانيا داخل الجمعية التأسيسية التي تم تشكيلها.

* وهل يسري حكم حل مجلس الشعب على مجلس الشورى؟

- الحكم يسري على مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان)، كل ما في الأمر، أن التفكير الضيق تحدث عن حل مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان)، حتى لا تدخل السلطات في صدام آخر مع الإسلاميين، فالجميع كان يعلم أن الحكم بحل البرلمان مقبل لا محالة، وكان المخطط أن يتم تأجيل حكم حل البرلمان لما بعد انتخابات الرئاسة، وكذا القضاء بعدم دستورية قانون العزل السياسي؛ لكن تسريبات وصلت إلى المحكمة الدستورية العليا، بأن جماعة الإخوان المسلمين لديها مشروع دستور جاهز، وهذا المشروع تضمن العمل بما يسمي «القضاء الموحد»، الذي يقضي بإلغاء المحكمة الدستورية ومجلس الدولة، ولو كان تم تأجيل حكم الدستورية، كانت الجماعة ستعلن هذا القرار خلال شهر، فالمحكمة الدستورية، التي هي من الأساس محكمة سياسية، أدركت هذا المخطط وسعت لإصدار الحكم للحفاظ على استقرار الأوضاع بعد ذلك.

* وهل تدخل المجلس العسكري في إصدار الحكم؟

- أنا على يقين من أن المجلس العسكري الحاكم (الذي وعد بتسليم السلطة لرئيس منتخب نهاية يونيو الجاري)، كان بعيدا عن الحكم.

* وكيف ترى جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة؟

- أتمنى أن تجرى الانتخابات في هدوء؛ لكن يبدو في الأفق أن هناك غيوما شديدة، وأن عدم إقرار جماعة الإخوان في أي مرحلة من مراحل الانتخابات بأنها سوف تعترف بنتيجة الانتخابات، يعني أنها على «كف عفريت» خاصة إذا لم تصادف هوى الجماعة؛ لكن أستبعد أن تزور الانتخابات.

* ولماذا يرفض «الإخوان» الاعتراف بالنتيجة؟

- لو اعترفت بالنتيجة ستخرج من «الملعب»، فمبدأ «الإخوان» طول تاريخها في الانتخابات، لو نجحوا فهي نزيهة، أما لو فشلوا فهي مزورة، فمسألة قبول الآخر أمر حديث العهد في الجماعة، خاصة أن التفهمات التي تمت بين المجلس العسكري و«الإخوان» في أعقاب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) منحتهم آمالا وطموحات كبيرة.

* وهل تتوقع الانفجار من أنصار الفريق أحمد شفيق في حال خسارته؟

- في حالة فوز الدكتور محمد مرسي مرشح «الإخوان» سيكون الانفجار أقل، أيا كان الرئيس المقبل فهو جالس على صفيح ساخن، فالثورة في الميادين، والمناخ العام لن يسمح باستمرار الرئيس المنتخب طوال فترة رئاسته المقررة بأربعة أعوام، بسبب الضغط الشعبي وطموحات الجماهير التي تتخطى طاقة أي رئيس.

* وهل تتوقع حصول «الإخوان» على أغلبية البرلمان المقبل؟

- «الإخوان» سوف يحصلون على أصواتهم الحقيقية التي لن تتجاوز 30 في المائة، لأن الجماعة لم تف بتعهداتها التي طرحتها أمام الرأي العام، ووقعت في إخفاقات كثيرة، فضلا عن أن الناس أدركت أن «الإخوان» لا تسعى لخدمة المجتمع بقدر سعيها لخدمة الجماعة، وأنها لا تسعى إلا لتأسيس «دولة الإخوان».

* في تصورك.. من الفصيل السياسي الذي قد يحل محل «الإخوان» في البرلمان؟

- الأحزاب السياسية وبعض القوى بدأت تستعد من الآن للانتخابات البرلمانية المقبلة، للأسف الشديد الفصيل والحزب الذي علقت الثورة عليه آمالا وطموحات، كان حزب الوفد (الليبرالي) بحكم تاريخه وخبرته السياسية؛ لكن عدم قيامه بدوره في أعقاب الثورة تسبب في أن الثورة تفتتت، وربما يتفادى الوفد أخطاء الماضي، ويكون بيتا للأحزاب والقوى السياسية الداعمة لفكرة المواطنة والدولة المدنية، بشرط أن تتوافر الإرادة لدى الوفديين ليقوموا بهذا الدور، والحوار مع القوى السياسية بوضوح شديد وأن تكون سياسات الوفد أمام الرأي العام المصري معلنة ومعروفة، وتكون قراراته مؤسسية وليست فردية، فالانتخابات المقبلة ربما تعيد الكرة إلى ملعب القوى الليبرالية المدنية من جديد.

* وهل يمكن لـ«الإخوان» الدخول في تحالفات في الانتخابات المقبلة؟

- كل التحالفات التي تمت بين القوى السياسية في مصر و«الإخوان» انتهت بالفشل، خاصة في الفترة من عام 1984 حتى يومنا هذا، لرغبة «الإخوان» في السيطرة؛ لكن الأفضل أن يتم الدخول في توافق وتفهمات بين القوى السياسية، لأن هناك حالة من الشك وفقدان الثقة بين كل القوى الوطنية، ومن المستحيل الوصول إلى تحالف أو توافق، لأن العنصر الرئيسي في التفاهمات، أنه معلن وليس فيه أشياء تتم في الخفاء؛ لكن التحالفات تتم داخل الغرف المغلقة، ولا يتم الإعلان عنها أمام الرأي العام، لذلك فإن نتائجها دائما تكون صادمة، وعلى النخب المصرية خلال هذه التفاهمات أن تدرك الفروق التي أصابت الشعب المصري بعد الثورة.

* في رأيك.. هل يفكر الوفد في الدخول في تحالف مع «الإخوان» مثل انتخابات مجلس الشعب الماضية؟

- مستحيل عمل تحالف بين الوفد و«الإخوان» في الانتخابات المقبلة، لأنه في التحالف الأول (الذي تم في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة) تم بقرار غير مؤسسي؛ لكن في المرحلة المقبلة لن يسمح الوفد لأي شخص بأن يبادر بعقد تفهمات دون علم مؤسساته.