مسؤول ليبي لـ «الشرق الأوسط»: اتصالات دولية متوالية لإطلاق موظفي «الجنائية الدولية»

عبد الجليل يؤكد استقالته من رئاسة «الانتقالي» عقب أول انتخابات تشريعية

متظاهر من بنغازي يحمل لافتة تقول «معارضو المجلس الانتقالي يزدادون يوميا» خلال مظاهرة مساء اول من امس للاعتراض على عدد المقاعد المخصصة لبنغازي (رويترز)
TT

بينما يتعرض المجلس الانتقالي وحكومته المؤقتة في ليبيا لضغوط دولية متزايدة من أجل الإفراج عن فريق المحكمة الجنائية الدولية المحتجز منذ أيام، بتهمة محاولة تسليم سيف الإسلام نجل العقيد الراحل معمر القذافي وثائق تشكل خطرا على أمن ليبيا، أعلن المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي، أنه سيستقيل من منصبه بمجرد الإعلان عن نتائج انتخابات المؤتمر الوطني (البرلمان) المقرر إجراؤها في السابع من الشهر المقبل.

وقال مسؤول حكومي ليبي لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصالات التي ترد للمستشار مصطفى عبد الجليل ورئيس الحكومة الدكتور عبد الرحيم الكيب لا تتوقف وكلها تحمل طلبا واحدا: «أطلقوا سراح الوفد فورا».

واعتبر المسؤول الذي طلب عدم تعريفه، أن المجلس والحكومة يشعران بالحرج إزاء ما سماه بهذه الضغوط الرهيبة من جهة، ومن جهة أخرى لعدم قدرتهما على إقناع ثوار الزنتان بالإفراج عن الفريق، مشيرا إلى أن ثمة مفاوضات غير معلنة تجرى مع ثوار الزنتان للقبول بنقل أعضاء الفريق إلى طرابلس لاستكمال التحقيقات معهم. وتوقعت مصادر ليبية الإفراج عن الفريق المتهم بمحاولة نقل رسائل مشبوهة إلى سيف الإسلام النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي في محبسه في بلدة الزنتان الجبلية خلال الأسبوع المقبل.

وكان ناصر المانع الناطق باسم الحكومة الليبية قد أعلن أن مؤشرات التحقيقات الأولية مع أعضاء الفريق كشفت عن حدوث ما وصفه باختراق أمني من طرفهم.

وقال المانع في العاصمة طرابلس إن مكتب عبد العزيز الحصادي، النائب العام، على تواصل مع المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية حول هذه القضية، مجددا حرص حكومته على احترام القوانين الدولية، وبناء علاقات إيجابية مع المجتمع الدولي ومع المؤسسات الدولية، لكنه استدرك قائلا: «نؤكد في نفس الوقت أن هذا الحرص لن يكون على حساب المصالح العليا لليبيا، ولا على حساب أمنها القومي». ودعا المانع محكمة الجنايات الدولية إلى أن تتفهم هذه الإجراءات القانونية، مبديا استعداد حكومته للتعاون المباشر مع المحكمة.

إلى ذلك، قال المستشار عبد الجليل إن دور المجلس الانتقالي الذي يترأسه منذ اندلاع الثورة الشعبية ضد القذافي العام الماضي، سينتهي بقوة القانون عقب الإعلان عن نتيجة أول انتخابات برلمانية من نوعها تشهدها ليبيا منذ عقود.

وأضاف عبد الجليل في تصريحات له من طرابلس: «لن يكون للمجلس أي دور بمجرد انتخاب رئيس للمؤتمر الوطني في الأيام الأولى بعد الانتخابات»، معتبرا أن الظروف التي تمر بها ليبيا حاليا منعته من الاستقالة حفاظا على مصلحة ليبيا، وهي مصلحة وطنية وليست مصلحة شخصية».

ولفت عبد الجليل إلى أن المجلس جاء بطريقة توافقية، وقاد ليبيا في فترة حرجة كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات البرلمان التي كانت مقررة في 19 من الشهر الحالي، ولكن الهيئة العليا للانتخابات طلبت لأسباب فنية تمديد الفترة إلى الشهر المقبل. وقال عبد الجليل إنه كان يرغب في تقديم استقالته في هذا الوقت، ولكنه بسبب الظروف والأوضاع الأمنية غير المستقرة، أرجأ ذلك حتى يقوم المؤتمر الوطني المنتخب، حفاظا على مصلحة ليبيا، مضيفا: «إنها مصلحة وطنية وليست مصلحة شخصية».

وجاءت تصريحات عبد الجليل ردا على الجدل المثار في الشارع الليبي حاليا حول ماذا كان سيلتزم بالتعهد الذي قطعه على نفسه قبل بضعة شهور بالتخلي عن منصبه نهائيا والتقاعد من الحياة العامة إذا تم تأجيل الانتخابات البرلمانية.

ولم يعلن عبد الجليل عن أي خطط تتعلق بمستقبله السياسي، لكنه تعهد في السابق بعدم لعب أي دور سياسي في الحياة العامة عقب تشكيل البرلمان الذي سيعين حكومة جديدة ويختار جمعية تأسيسية لكتابة الدستور الجديد للبلاد.

إلى ذلك، اعتبر الملتقي العام للقبائل الليبية الذي يترأسه على الأحول المعروف بولائه لنظام القذافي السابق أن استمرار سياسة تهجير القبائل والمناطق داخل ليبيا وتهجير أكثر من مليون و800 ألف مواطن خارجها انتقاما لمواقف سياسية أو ثأرا لمواقف اجتماعية سابقة، هو أمر ترفضه المواثيق والعهود الدولية ومبادئ العدل والمساواة بين أبناء الوطن الواحد. وطالب الملتقى في بيان لـ«الشرق الأوسط» بوقفة جادة من كل المنظمات الدولية والإقليمية والدول التي ما زالت ترفع شعارات حقوق الإنسان وحماية الأفراد من العسف والجور والاضطهاد والعنصرية والتصفية العرقية.

كما دعا هذه الجهات إلى التدخل وممارسة مهامهم لوقف ما وصفه بـ«الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان»، لافتا إلى أن الميليشيات المسلحة مستمرة في سياسة التصفية العرقية والتهجير لقبائل المشاشية في منطقة مزدة.

واعتبر الملتقى الذي يقول إنه يضم كل القبائل الليبية، أن هذه سياسة إبادة جماعية بامتياز واضطهاد واضح للعيان حيث إن عشرات الآلاف أصبحوا بلا مأوى.

في غضون ذلك، قتل شخص واحد وأصيب ثلاثة آخرون في اشتباكات جرت بين تجار السلاح، مساء أول من أمس، في سوق العشية بمدينة بنغازي، ثاني كبرى المدن الليبية، بينما قالت مصادر أمنية إن السلطات اعتقلت الجناة وصادرت كميات من قطع السلاح والذخيرة.

كما سقط أمس 18 شخصا ما بين قتيل وجريح في اشتباكات قبلية بين منطقتي مزدة والشقيقة، فيما قالت وكالة الأنباء الليبية في المنطقة إن الأهالي والمسعفين ونظرا لتزايد أعداد الضحايا، اضطروا لنقل الجرحى في السيارات المدنية إلى المستشفيات المحلية.

وعقدت لجنة مصالحة تضم أعيان مختلف مناطق ليبيا سلسلة من الاجتماعات مع طرفي النزاع بهدف وقفه، لكنها لم تتمكن حتى أمس من حسم الأمور.