نايف بن عبد العزيز.. مؤسس «الأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها»

تبنى جائزة تعكس عمق رؤيته للأمن الوطني والنفسي والفكري للمواطن

TT

لم يكن رجل الأمن الأول والمسؤول عن الأمن الداخلي بجميع تفاصيله في السعودية، الأمير نايف بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، غافلا عن توطين الوظائف في القطاع الخاص على وجه التحديد، وأسس برامج «السعودة» ودعمها، الأمر الذي يعني بكل تأكيد عمق رؤيته الأمنية التي لم تقف عند المعالجات الأمنية فقط، وإنما امتدت رؤيته تلك إلى الأمن الوظيفي والنفسي والفكري للمواطن.

ورفع الأمير نايف بن عبد العزيز هذا الدعم إلى مستوى رعايته لجائزته السنوية الخاصة بهذا الشأن، والمتمثلة في «جائزة الأمير نايف بن عبد العزيز للسعودة» في المنشآت الخاصة، التي من شأنها تأسيس منظومة حضارية متكاملة تضع رعاية الوطن والمواطن في عيشه وأمنه وحياته في صلب اهتماماتها.

كان شخصية أمنية بكل ما تعنيه الكلمة، لإيمانه الكامل بأن مسؤولية الأمن لا تعني التربص بالمخالفين وإيقاع العقوبات عليهم فقط، وإنما تمتد إلى قراءة واقعهم ومعرفة الأسباب والدوافع التي قادتهم إلى الخروج عن النظام العام، أو الإخلال بأمن المجتمع والدولة، من هنا كانت وزارة الداخلية منذ سنوات سباقة إلى العمل بهذا المفهوم الحضاري المتطور، الذي لا يعزل الفعل أيا كان عن أسبابه ودوافعه، ابتداء من الجنح وحتى الجرائم.

ولما كانت البطالة من بين الأسباب والدوافع التي قد ترمي بالشباب في أحضان الجريمة، فقد بادر الأمير نايف بن عبد العزيز برعاية جائزته لـ«السعودة» في القطاع الخاص، بغية دفع هذا القطاع إلى مشاركة الدولة والإسهام بدور فاعل في استيعاب شباب الوطن، وفتح أبواب التوظيف لهم من منطلق أن الوطن لا يبنى إلا بسواعد أبنائه، على اعتبار أنها مسؤولية وطنية يجب أن يتصدى لها الجميع.

ولعل أهمية هذه الجائزة أنها لا تصدر عن جهاز اقتصادي أو إداري، إنما تأتي ضمن عناوين الأمن العام، وهي صيغة حضارية تعني رقي مفهوم الأمن في البلاد إلى ما وراء الحدث نفسه لتلافي الدوافع، وهذا يمثل في حد ذاته رسالة واضحة، وهي أنه لا يتم التعامل في هذا الوطن مع الأمن على أنه مجرد جهاز شرطة يتعقب المخالفين دون النظر في الأسباب التي دفعت بهم إلى ذلك، وإنما هو مسؤولية وطنية تستهدف حماية أبناء الوطن قبل الوقوع في الجريمة، والنأي بهم عن أي سبب قد يقودهم إليها، وتأمين الحياة الحرة الكريمة والعيش الكريم الذي يجنبهم تلك الانحرافات.

إن حضور العامل الاقتصادي على خط الأمن الوطني متمثلا في جائزة الأمير نايف بن عبد العزيز التي باتت مطلبا لكل المنشآت الخاصة، هو بكل تأكيد باب من أبواب الحصانات الاجتماعية التي يسعى إلى توفيرها لشباب الوطن عبر تكافؤ الفرص في التوظيف، ودعم القطاع الخاص على فتح كل أبوابه لاستيعاب أبناء الوطن وبناته، وتسهيل توظيفهم وفق عوائد مجزية.

وأسهمت هذه الرؤية الناضجة في تحفيز مؤسسات القطاع الخاص للعمل من أجل الظفر بجائزته، لما لها من معان وطنية كبرى، ولأنها أيضا أصبحت تشكل حيزا للمنافسة، ليس لإعلان الالتزام بهذا المنهج من باب المنافسة المجردة، ولكن لأنها خاصة بعدما تبلورت في سياقات التدريب والتأهيل وبدأت تأخذ شكلها الطبيعي حتى على سبيل الدافع الاقتصادي لهذه المؤسسات وفق معطى جديد يوفر على تلك المنشآت كثيرا من الالتزامات التي تستنفدها مع العمالة الوافدة ومشكلاتها.

وليس بمستغرب ذلك التصريح الذي أدلى به الأمير نايف بن عبد العزيز، في وقت سابق، حول نية الدولة خفض أعداد العمالة غير السعودية، وذلك بتحديد سقف أعلى للعمالة الوافدة ومرافقيها في المملكة كنسبة مئوية من السكان السعوديين لا تتجاوز 20 في المائة في مدة لا تتجاوز 10 سنوات، مع إجراء توازن بين جنسيات العمالة الوافدة ومرافقيها، بحيث لا تزيد نسبة أي جنسية على 10 في المائة من مجموع العمالة الوافدة، وذلك للأسباب التي أشار إليها الأمير نايف سابقا والمتمثلة في إيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين بشكل استراتيجي، إذ لا تقتصر مشكلة التوظيف على الوقت الحاضر فقط، بل إن المقصود معالجة المشكلة في الحاضر والمستقبل، فهذه المشكلة قد تتفاقم وتزداد إذا لم توجد لها الحلول الجذرية. بالإضافة إلى تزايد أعداد الخريجين في الجامعات والمعاهد، والحد من أعداد التحويلات المالية الكبيرة للعاملين غير السعوديين التي قد تصل سنويا إلى 50 مليار ريال.

وكان الأمير نايف بن عبد العزيز يشرف، وبصفة مستمرة، على إقامة الندوات التي تحث المواطنين على الالتحاق بالعمل في القطاع الخاص والمهن الحرة، وكان يحرص على حضور هذه الندوات التي تقام في الجامعات والمعاهد المتخصصة، دعما منه لتفعيل أهداف تلك الندوات، لتوفير الوظائف والمهن وإحلال السعوديين مكان غيرهم.