فقيد الأمة الأمير نايف.. رائد مكافحة الإرهاب

دعا إلى تجفيف منابع الإرهاب واستئصال الجريمة

الأمير نايف بن عبدالعزيز والأمير محمد بن نايف في أحدى المناسبات
TT

تولى فقيد الأمة الأمير نايف بن عبد العزيز زمام أمور وزارة الداخلية منذ أكثر من 36 عاما وتصدى خلالها للعديد من القضايا الكبرى والملفات العظمى، ومن تلك القضايا قضية الإرهاب في العالم التي تفشت وانتشرت بشكل كبير، وعلى وجه الخصوص في البلاد الإسلامية.

أدار الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - التعامل مع العديد من المحاولات الإرهابية، ومنها عملية اقتحام الحرم المكي الشريف من قبل «جهيمان» حيث واجه الحادثة بعد توليه زمام وزارة الداخلية بخمس سنوات، وكان موقفه حينها صارما، واستطاع أن يثبت للعالم موقف المملكة من مواجهة الإرهاب، وكانت تلك المواجهة فاتحة لاستراتيجية جديدة في المواجهات الأمنية والفكرية.

ومن جهوده في مكافحة الإرهاب، قيامه بعمل برنامج لتأهيل الموقوفين في قضايا الإرهاب بحيث تتم مناصحة الموقوفين تحت التحقيق وقبل المحاكمة وخلال تنفيذ الحكم، ورعايتهم اللاحقة، والتأهيل النفسي والميداني لإعادة دمج الموقوفين في المجتمع، ولقي هذا البرنامج الكثير من الإشادات العالمية، وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، حيث ثمن هذه الجهود في تأهيل ومناصحة الموقوفين، ودعا إلى تعميمها عالميا، والاستفادة منها، إضافة إلى إشادات الكثير من الدول والمنظمات، التي طلبت الاستفادة من هذه الخبرة، لأن العلاج الفكري قد حقق الكثير من النجاحات بفضل الله تعالى.

ورعى الأمير نايف بن عبد العزيز العديد من المؤتمرات لمكافحة الإرهاب ومن ضمنها مؤتمر «فكر التطرف وتطرف الفكر» في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وأكد في هذا المؤتمر محاربة التطرف والغلو والإرهاب الذي يهدد حياة الإنسان، وينتهك حرمة الدين، ويعرض مقدرات الفرد والأمة للخطر، ويعد هذا هو منهج المملكة العربية السعودية المنطلق من واجبها الديني والأخلاقي، حيث إنها كانت سباقة في كشف مخاطر الإرهاب والتطرف الفكري، ومواجهته بقوة الردع، ومنهجية الارتداع.

وأشار الأمير نايف بن عبد العزيز في حديثه إلى أن «ردع الإرهاب يحتاج لقوة توقفه وتقضي عليه، لأن ارتداع الفكر يحتاج لمنهجية تكافحه وتوقي الشباب منه، وتحفظ المجتمع من شره، فيبدأ الإرهاب بتطرف فكري، ثم يتطور لتطرف فعلي، ويسنده في هذه المرحلة فكر متطرف، وعليه فتبدأ المعادلة بتطرف لـ(الفكر) ثم ينمو ليصبح فكرا لـ(التطرف)، يؤيده ويسانده، ويبرر له أقواله، ويسوغ له أعماله، ولذا فإذا أردنا أن نكافح التطرف فلنكافح فكره، وإذا أردنا أن نكافح فكره فلنكافح منابعه الفكرية والبشرية، فكم من عمليات إرهابية بدأت بأفكار عدها البعض من باب الغيرة والاحتساب، وإذا بها تتطور إلى أن تستبيح الكبائر!».

كان للأمير نايف بن عبد العزيز الدعوة في تجفيف منابع الإرهاب، وأشار إلى أنه في حال لم يعمل الجميع على تجفيفها، فإن الإرهاب سوف يتواصل ويظل قائما، وقال «لكن نحتاج من المخلصين القادرين أن يبحثوا عن هذه المنابع أولا، ويقدموا التوصيات على وسائل تجفيفها ثانيا»، ضاربا الأمثال ببعض القنوات الفضائية التي تسقي القلوب الحائرة تطرفا، بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر برامج تضلل الناس، وتحرضهم ضد الواقع، وتجيشهم تجاه المجتمع، إضافة للإنترنت الذي يعد اليوم في البلاد العربية المنبع الأول للإرهاب، وشدد على افتتاح مراكز بحثية ورقابية وتوعوية عبر الإنترنت، لتقوم بدورها الواجب في توظيف جميع آليات التقنية لمصلحة الوسطية والاعتدال.

وسعى الأمير نايف بن عبد العزيز لإنجاز الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة من قبل وزراء الداخلية والعدل العرب، وبذل الجهود ليجعل وزارة الداخلية أكثر التصاقا بالمواطن والعمل على حل مشاكله، وعمل على استئصال الجريمة ووقاية المجتمع من كل ما يهدد أمن وسلامة المملكة حتى أصبحت المملكة نموذجا يحتذى به في البلدان العربية والعالمية من ناحية الأمن والأمان.