قوات الأمن تحاصر وتقصف الآلاف في حمص وريفها وناشطون يتحدثون عن «إبادة جماعية»

استهداف الرستن بأكثر من 300 قذيفة مدفعية.. واستغاثات بالأمم المتحدة لإجلاء الأهالي

الأدخنة تتصاعد من مباني حمص أمس نتيجة القصف المتواصل لعدة أيام (أ. ب)
TT

بعد يوم من تعليق بعثة المراقبين الدوليين عملها في سوريا، ووسط استمرار التصعيد العسكري للقوات النظامية في سوريا، أعرب عدد من الناشطين عن تخوفهم من رفع النظام السوري وتيرة العنف والقتل باعتبار أنه لا يوجد من يراقب أعماله ميدانيا. وأفادت لجان التنسيق المحلية أمس بمقتل ما يزيد على 43 شخصا معظمهم في ريف دمشق وحمص، بالتزامن مع استمرار عملية الحصار التي تنتهجها قوات الأمن، بحسب الناشطين في حمص وريفها.

وفي هذا الإطار، قال عضو لجان التنسيق المحلية في حمص سليم قباني إن آلاف العائلات محاصرة في مدينة حمص وريفها، معربا عن تخوفه من «عمليات إبادة جماعية يسعى النظام لتنفيذها، كونه يقصف وبقوة وبكل أنواع الأسلحة هذه التجمعات السكنية حيث يستهدف المدنيين وبشكل مباشر».

وأوضح قباني أن 20 صاروخا سقطت على قلعة الحصن الأثرية، فيما أفاد لـ«الشرق الأوسط» عن استهداف الرستن بما يزيد على 300 قذيفة مدفعية، وقال: «يتم قصفنا بصواريخ لم نتمكن حتى الساعة من تحديد نوعيتها».

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن حي الخالدية وأحياء أخرى في مدينة حمص «تتعرض للقصف منذ يوم السبت من قبل القوات النظامية السورية التي تحاول اقتحام هذه الأحياء»، لافتا إلى أن مدنيا قتل صباح أمس في الخالدية نتيجة القصف، فيما قتل مقاتل معارض في حي كرم شمشم في المدينة إثر اشتباكات مع القوات النظامية، ومقاتل آخر في أحد أحياء حمص القديمة برصاص قناص. وقال ناشطون إن مواطنين اثنين قتلا في قصف وإطلاق نار من القوات النظامية على تلبيسة في ريف حمص، وآخرين في قصف على مدينة الرستن.

وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» لفت في وقت سابق إلى أن القصف المستمر يحاصر أكثر من ألف عائلة في أحياء حمص، داعيا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى «التدخل الفوري» لوقف القصف و«إجلاء وحماية» العائلات والجرحى. بدوره، قال الناشط أبو بلال من حمص القديمة إن «القصف لم يتوقف علينا، والحصار خانق». وأضاف: «إذا دخلت القوات النظامية الأحياء المحاصرة، ستتم إبادة الأشخاص العالقين فيها». وتحدث أبو بلال عن أن «الأدوية تنفد، وهناك نقص كبير في الغذاء والماء»، مشيرا إلى أن عشرات الجرحى «سيموتون إذا لم يحصلوا على العلاج، ولا يمكننا إخراجهم من المدينة».

كما أشار ناشط آخر إلى أن هناك مئات الأشخاص العالقين والمصابين بإصابات خطيرة، وأضاف أن العالقين هناك يخشون ارتكاب القوات النظامية مجزرة بحال نجحت في اقتحام تلك الأحياء لفرض سيطرتها. وأوضح الناشط صعوبة التواصل عبر شبكة الإنترنت الفضائية والجوالات الدولية، قائلا إنه بمجرد تشغيل أي جهاز اتصال فضائي تنهمر القذائف مثل المطر على الموقع، وعبر عن مخاوفه من موت العالقين في الأحياء المحاصرة دون أن يتمكن أي أحد منهم من إبلاغ العالم الخارجي بما يجري.

وأظهر شريط فيديو نشره ناشطون على شبكة الإنترنت سحبا كثيفة من الدخان ترتفع من حي جورة الشياح في حمص، فيما يؤكد صوت مسجل على الشريط أنها «منازل تحترق جراء القصف»، بينما يمكن في شريط فيديو آخر سماع أصوات إطلاق نار من رشاشات ثقيلة في حي الخالدية. وبدت الشوارع مقفرة في الحيين، وسط ركام ودمار كبير في الأبنية التي تحمل آثار فجوات كبيرة، إلى جانب سيارات محترقة أو محطمة في الطريق. وكان المجلس الوطني السوري حذر السبت الماضي من وقوع «مجزرة كبيرة» في حمص، مشيرا إلى أن المدينة محاصرة بثلاثين ألفا من «الجنود والشبيحة».

وفي القصير، تجدد القصف العنيف على المدينة والقرى المحيطة بها منذ ساعات الصباح الأولى، لا سيما قرى جوسية والنزارية والصالحية، وعاد ليتجدد بعد الظهر وليصل إلى أربع قذائف في الدقيقة الواحدة، مما أدى إلى تدمير عدد من المنازل وسقوط العديد من الجرحى في صفوف المدنيين.

وبالتزامن، أشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى سقوط قتلى أيضا في كل من حلب ودرعا وإدلب ودير الزور والرقة، مع تأكيدات باستخدام راجمات صواريخ ومدفعيات في محاولة لاقتحام القوات النظامية الريف الغربي في حلب.

وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن القصف العشوائي على بلدة دير العصافير في ريف دمشق أوقع أربعة قتلى و20 جريحا، إصابة بعضهم حرجة. وقال ناشطون إن مدن وقرى ريف دمشق شهدت أمس قصفا مدفعيا عنيفا وعمليات دهم واعتقال، حيث استمر قصف الجيش النظامي لبلدة المليحة القريبة أيضا من دير العصافير، كما تعرضت جموع من الشبان في زملكا لإطلاق النار من قبل قناصة، وسمع صوت انفجارات ضخمة في أحياء الميدان والزاهرة ونهر عيشة وكفرسوسة وعدة أحياء أخرى من العاصمة دمشق.

ودارت اشتباكات عنيفة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بين القوات النظامية ومقاتلين من الجيش الحر في بلدة المليحة بريف دمشق. كما سُجل، وبحسب شهود عيان، سقوط قذائف ليلا على مدينة دوما التي تعرضت للقصف لأربعة أيام متوالية، وقتل شخص في بلدة مسرابا بريف العاصمة في إطلاق نار.

وأظهرت صور بثها ناشطون على مواقع الثورة السورية على الإنترنت آثار الدمار التي خلفها قصف مدينة دوما. وكان ناشطون أفادوا أول من أمس بأن عشرين شخصا أعدموا رميا بالرصاص وذبحا بالسكاكين في سقبا بريف دمشق.

وفي حلب، التزم السكان يوم الأحد بالإضراب في عدد من أحياء المدينة «تضامنا مع الريف الحلبي»، بحسب ناشطين أفادوا أن هناك «كتابات ثورية تشجيعية على الجدران وأبواب المحال التجارية، ومنشورات ورقية تم رميها في الشوارع تحرض على الإضراب وتنادي بخروج مظاهرات». هذا، وكان قد أفيد باشتباكات ليل السبت - الأحد في ريف حلب، وقال المرصد إن بلدات الأتارب وابين وكفر كرمين في محافظة حلب تعرضت لقصف من القوات النظامية السورية التي «تحاول اقتحام الريف الغربي»، وتستخدم في القصف «راجمات الصواريخ والمدفعية»، معلنا مقتل مواطن فجرا في ابين.

وأفاد ناشطون من حلب أن القصف استمر ليلا على مدينة عندان التي تشهد منذ مدة على مداخلها اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومجموعات مسلحة معارضة، مشيرين إلى «انقطاع التيار الكهربائي وكل وسائل الاتصال مع العالم الخارجي» في عندان، بالإضافة إلى «تدمير خزانات المياه» و«استهداف أبراج الكهرباء والنقاط الطبية والإسعافية بالقصف المدفعي والصاروخي». وأعلنت «مدينة عندان مدينة منكوبة».

وذكرت لجان التنسيق المحلية أن «القصف العنيف» طال أيضا بلدة بابكة في محافظة حلب، مما أثار «حالة ذعر بين الأهالي وحركة نزوح».

وفي محافظة إدلب، أفاد ناشطون بانفجار سيارة مفخخة على طريق كفريا - إدلب، من دون أن ترد أنباء عن خسائر بشرية، فيما قُتل مواطن إثر إصابته برصاص قناص صباح أمس قرب قرية التمانعة في إدلب.

وفي محافظة اللاذقية، تعرضت قرى عدة في جبل الأكراد للقصف من القوات النظامية السورية، بحسب المرصد. وتحدثت مصادر في الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط» عن اشتباكات متقطعة بين مجموعات صغيرة من العناصر المنشقة وقوات الأمن، خاصة على الحواجز.

وفي محافظة دير الزور، أفاد المرصد بمقتل قائد كتيبة مقاتلة معارضة ومدني، وتحدثت لجان التنسيق المحلية عن اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري الحر وجيش النظام في محيط بلدة بقرص في دير الزور.

أما في محافظة حماه، فقتل، وبحسب ناشطين من المنطقة، ثلاثة عناصر من القوات النظامية في اشتباكات مع مقاتلين معارضين فجر الأحد في سهل الغاب.