محللون يستبعدون « السيناريو الجزائري» في مصر

احتفاظ المجلس العسكري بالاعلان الدستوري الملكمل تزيد من تعقيد إدارة البلاد

TT

استبعد محللون أن تتخذ المواجهة بين المجلس العسكري الحاكم في مصر والإخوان المسلمين طابعا شاملا أو دمويا كما حدث في بداية عقد التسعينات من القرن الماضي في الجزائر، مشيرين إلى أن الإخوان سيضطرون إلى التكيف والتخلي عن محاولة الهيمنة بعد حل مجلس الشعب وحسم الانتخابات الرئاسية.

وكان رد فعل جماعة الإخوان السبت على إعلان المجلس العسكري حل مجلس الشعب رسميا بناء على قرار صدر من المحكمة الدستورية، أثار مخاوف من مواجهة بين الطرفين الأقوى في البلاد وذلك في خضم الجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها مرشح الإخوان محمد مرسي والفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك.

وقال حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان المسلمين في بيان السبت إن المجلس العسكري أظهر أنه «يريد الاستحواذ على كل السلطات رغما عن الإرادة الشعبية وحرصه على أن يكسب نفسه شرعية لم يخولها الشعب في اعتداء سافر على الثورة المصرية العظيمة».

ورغم تصعيد اللهجة، فإن مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، يرى أن «السيناريو الجزائري غير متوقع لأنه في الجزائر كان هناك عنف من الطرفين. أما في مصر فالطرفان يهددان فقط بالعنف عبر تصريحات قوية دون ممارسته»، وهو يشير بذلك إلى الصراع الدامي الذي أوقع عشرات آلاف القتلى بين النظام وعمادة الجيش والإسلاميين في الجزائر، وذلك عقب إلغاء الانتخابات التشريعية في 1992 إثر فوز الإسلاميين بجولتها الأولى.

ويضيف السيد لوكالة الصحافة الفرنسية «من الصعب معرفة إلى أين تنتهي المواجهة بين المجلس العسكري والإخوان، لكن الأمر يتوقف طبعا على نتيجة الانتخابات»، موضحا: «في حال فوز شفيق من المؤكد أن الإخوان سيحتجون، لكن أعتقد أن الاحتجاجات لن تطول وهي موجهة بالأساس للقواعد».

وأشار المحلل إلى أنه «قد تكون هناك بعض الأحداث العنيفة، والأمر متوقف على طول فترة الاحتجاج وأسلوبه، لكن في كل الأحوال لا أتوقع أن يرضخ المجلس العسكري وسيكون على الإخوان التكيف في النهاية مع الوضع».

أما في حال فوز مرشح الإخوان محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية التي أسدل ستارها أمس «ستمر مصر بفترة من التعامل الصعب بين مرسي والمجلس العسكري الذي سيقيد سلطاته بالنظر إلى استمرار المجلس في ممارسة السلطة التشريعية وإصدار القوانين»، حسب السيد.

وقالت مصادر عسكرية أمس إن المجلس العسكري سيحتفظ في الإعلان الدستوري المكمل المرتقب، والذي ستدار على أساسه المرحلة الانتقالية الثانية، على السلطة التشريعية وسلطات اقتصادية بينها تقرير موازنة الدولة.

وأيد إبراهيم الهضيبي، الباحث في الجماعات الإسلامية، السيد بتأكيده أن «المواجهة الشاملة على الطريقة الجزائرية غير واردة وبالتالي الأمر لا يزيد عن لعبة الضغط» لكسب المواقع، مشيرا إلى أن الإخوان سيضطرون إلى التكيف مع الحكم ممثلا في المجلس العسكري والتخلي عن الرغبة في الهيمنة التي تخيف باقي الأطراف.

وأوضح أنه «لو فاز شفيق لا أتوقع أن يسعى الإخوان إلى مواجهة حقيقية بل ربما بعض المناوشات للإبقاء على تماسك قواعدهم والتفاوض على بعض المناصب في الحكومة مثلا»، مشيرا إلى أنه «مع الأخطاء المرتكبة لم يعد الإخوان قادرين على التعبئة من خارج قواعدهم».

وبين الهضيبي أن الإخوان المسلمين خسروا الكثير في الأشهر الأخيرة بسبب «مراكمة الأخطاء» الناجمة عن «إدارتهم لعبة سياسية بأدوات القانون، ولم ينتبهوا إلى ضوابط المرحلة الانتقالية التي تحكم بالسياسة والتوافق وليس بالقانون والأغلبية العددية».

وعدد الهضيبي هذه الأخطاء التي حصرها في أربعة برأيه، وهي: «أخذهم نسبة كبيرة في مجلس الشعب مما أثار قلق بعض الأطراف فأصبحت تبحث عن الاستعانة بالمجلس العسكري»، و«تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية مما أضاف جرعة أخرى من القلق»، وذلك بعد أن كانوا أعلنوا أنهم لن يقدموا مرشحا للانتخابات الرئاسية.

أما الخطأ الثالث برأي الهضيبي فهو «خطاب مرسي في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المركز على أنه المرشح الإسلامي الوحيد قبل أن يعدل عن ذلك في الجولة الثانية ليقول إنه (مرشح الثورة)».

وأنهى الإخوان سلسلة الأخطاء بـ«الهيمنة على الجمعية التأسيسية، وهو ما خلق الظروف الملائمة للمجلس العسكري لتنفيذ انقلاب بالقانون»، بحسب المحلل.

وكان تشكيل الجمعية التأسيسية المكونة من 100 عضو قبل أيام من الانتخابات الرئاسية موضع انتقادات واسعة من قوى ليبرالية ويسارية وعلمانية بسبب هيمنة الإسلاميين عليها.

وشدد الهضيبي على أن مشكلة الإخوان تكمن في «أنهم يتصورون أن قوة العدد والأفراد هي كل شيء وينسون أن هناك قوى مؤثرة جدا في الواقع والمجتمع مثل الجيش والإعلام ورجال الأعمال على الرغم من ضعفها العددي مقارنة بالكتل الانتخابية».

ولا يعرف كيف سيكون تأثير مثل هذه المواجهة بين أقوى طرفين في مصر الجيش والإخوان، على ما يعرف بـ«القوى الشبابية والثورية» التي تريد «استكمال أهداف الثورة».