ليبيا: فوضى أمنية وعسكرية.. والجيش يقود معارك على عدة جبهات

«الانتقالي» و«الحكومة» و«الإفتاء» دعوا أطراف النزاع لوقف إطلاق النار

ليبي يصمم ملصقا يعلن عن المرشحين من «حزب الجبهة الوطنية» استعدادا لانتخابات الشهر المقبل (رويترز)
TT

استمرت، أمس، حالة الفوضى الأمنية والعسكرية التي تشهدها مناطق مختلفة في ليبيا، في وقت يخوض فيه الجيش الموالي للمجلس الانتقالي الذي يتولى السلطة منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي ومقتله في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حروبا صغيرة على عدة جبهات.

وأخفقت جهود الوساطة القبلية حتى الآن في وضع حد للاقتتال الدائر في مناطق بغرب وجنوب ليبيا، قبل ثلاثة أسابيع فقط من الانتخابات البرلمانية التي ستجري للمرة الأولى في السابع من يوليو (تموز) المقبل.

وجاءت هذه التطورات قبل ساعات من انطلاق الحملة الانتخابية للمرشحين الأفراد والكيانات السياسية لانتخابات المؤتمر الوطني العام (البرلمان) اعتبارا من اليوم (الاثنين) وحتى الخامس من الشهر المقبل.

وعلى صعيد متصل، أصدر المجلس الانتقالي وحكومته المؤقتة ودار الإفتاء بيانا مشتركا طالبوا فيه جميع الأطراف المتنازعة في مناطق مزدة والشقيقة والزنتان في غرب ليبيا، التي أعلنت كمنطقة عسكرية، بالوقف الفوري لإطلاق النار.

وقال البيان إن الحكومة التي يترأسها الدكتور عبد الرحيم الكيب أمرت كلا من رئاسة الأركان ووزارة الداخلية باستخدام القوة وكل ما يلزم ضد مصادر النيران، التي تستهدف المدنيين الأبرياء من أجل وقف نزيف الدم، وفتح ممرات آمنة لنقل الجرحى، وتوفير المعونات الإنسانية اللازمة.

وحمل البيان، الذي تلاه، مساء أول من أمس، في طرابلس، الحرمين محمد الحرمين، النائب الثالث لرئيس الحكومة، الجهة التي لا تستجيب لهذه الأوامر فورا، المسؤولية الكاملة عما يمكن أن يحدث، داعيا منظمات المجتمع المدني والشعب الليبي بأكمله إلى الوقوف صفا واحدا لحماية الثورة وأهدافها.

ودعا البيان المشترك إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق «للفصل في الأمر ومعرفة الأسباب الحقيقة التي تقف وراء الفتنة».

وزار الكيب الجرحى والمصابين جراء الاشتباكات المسلحة التي وقعت خلال اليومين الماضيين بين قبيلتي الزنتان والمشاشية الذين يتلقون العلاج بمستشفى غريان العام. وقالت مصادر ليبية حكومية إن الجيش الوطني يستعد للتدخل للفصل بين المجموعات المسلحة المتناحرة، بعدما ساد الهدوء الحذر مناطق الاشتباكات.

وتدور أعمال العنف التي اندلعت مساء الاثنين الماضي حول منطقتي الشقيقة ومزدة بين أفراد من قبيلة المشاشية ومجموعات مسلحة من قبيلة قنطرار ومدينة الزنتان، على بعد 170 كيلومتر جنوب غربي العاصمة طرابلس، مما أسفر عن سقوط نحو مائة شخص على الأقل مابين قتيل وجريح.

ووقعت أعمال العنف بعد مقتل أحد سكان الزنتان عند حاجز للمشاشية، بينما يتهم أفراد هذه القبيلة من جانبهم كتيبة الزنتان بقصف مدينة الشقيقة بالدبابات والصواريخ.

واحتدم التوتر بين الطرفين منذ بدء الانتفاضة ضد نظام القذافي العام الماضي، وتتهم كتائب الزنتان المشاشية بأنها دعمت النظام السابق.

ومن جانبه، قال العقيد وسام بن أحميد، آمر قوات درع ليبيا الموالية للجيش الليبي في مدينة الكفرة بجنوب ليبيا، التي تشهد منذ عدة أسابيع قتالا بين قبيلة التبو والقبائل العربية أن عملية إخلاء الجرحى والمصابين في المدينة عن طريق الصليب الأحمر ما زالت معطلة منذ خمسة أيام بسبب ممارسات قبيلة التبو.

وأضاف أحميد لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف أن مجموعات مسلحة تتمترس في الأحياء السكنية من عناصر التبو وتتخذ من المدنيين دروعا بشرية. ولفت إلى أن الوضع في المدينة حساس منذ ما قبل الثورة الشعبية ضد القذافي، مشيرا إلى أن الخلافات تصاعدت بين قبيلة التبو والقبائل العربية.

وأضاف أحميد أن «السلاح متوافر والكل يحاول فرض القوة على الأرض والاستعانة بأبناء العمومة من الخارج.. قبيلة التبو تستعين بعناصر من تشاد والنيجر ومالي ومجموعات لا تتكلم اللغة العربية»، مشيرا إلى أنه في الفترة الأخيرة ظهر أن من يقود القبيلة هو من يمتلك السلاح.

وكبح حكم القذافي القمعي العداوات الدفينة في المجتمع الليبي، التي غالبا ما أدت إلى اشتباكات فيما بين الجيران من قرى أو مدن أو قبائل. وعندما أطيح بالقذافي العام الماضي ظهرت العداوات القديمة على السطح من جديد. ويكشف تجدد اشتعال العنف في الصحراء في جنوب البلاد أو في المناطق الجبلية في الغرب عن محدودية السلطة التي تتمتع بها الحكومة المؤقتة على الكثير من الجماعات المسلحة، بينما يأمل المجلس الانتقالي وداعموه من الدول الغربية أن لا يضر العنف بالانتخابات البرلمانية التي ستجري الشهر المقبل.