ظهور بوادر انفراج في الأزمة السياسية في العراق بعيدا عن سحب الثقة

قيادي كردي لـ «الشرق الأوسط»: بعودة طالباني من العلاج في الخارج تبدأ مرحلة جديدة من التحركات

TT

وردت إشارات متعددة من أكثر من مصدر سياسي كردي وعراقي خلال الأيام الماضية باتجاه التهدئة والقبول بالأمر الواقع للخروج من الأزمة السياسية التي تعصف بالعراق منذ عدة أشهر، والتي كان عنوانها الرئيسي هو «سحب الثقة من رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي»، وهو أمر يبدو أنه بات متعذرا تحقيقه، خصوصا مع الموقف الصارم من رئيس الجمهورية جلال طالباني الذي لم يتردد في التصريح بأنه سوف يقدم استقالته على أن يطلب من البرلمان العراقي سحب ثقته من المالكي، وهو الموقف الذي أغضب قادة الكتل العراقية الرئيسية المجتمعين في أربيل والنجف.

وعلى الرغم من استيائهما من موقف طالباني فإن طرفي المعادلة، وهما الزعيم الكردي مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان وقائد جبهة المعارضة ضد نوري المالكي، وإياد علاوي رئيس القائمة العراقية، لم يترددا في التعبير عن مشاعر المودة تجاه الرئيس طالباني في اتصالين هاتفيين أجرياه أول من أمس معه بمناسبة سفره إلى ألمانيا لإجراء الفحوص الطبية، متمنين له العودة الميمونة والصحة الكاملة.

وفي المقابل صدرت تصريحات من المتحدث الرسمي باسم كتلة التحالف الكردستاني، مؤيد طيب، الذي أشار إلى «أنه في حال فشل عملية سحب الثقة من المالكي، يجب أن نخضع للأمر الواقع ونقبل ببقائه في منصبه». ثم انضم إلى هذه التصريحات أحد أعضاء اللجنة القيادية للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني، حينما أشار إلى تأييده لموقف الرئيس طالباني؛ فقد صرح القيادي أدهم بارزاني في بيان له بأنه «رغم أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يصر على سحب الثقة من حكومة المالكي، فإن الاتحاد الوطني الذي يقوده الرئيس العراقي جلال طالباني يرى عدم الاستعجال في هذه العملية، خاصة أن التحالف الشيعي قدم تعهدات بتنفيذ الاتفاقات السياسية السابقة، وأنا أؤيد هذا الموقف».

هذه التصريحات نقلتها «الشرق الأوسط» إلى أحد قياديي الاتحاد الوطني لقراءة الإشارات الواردة بين ثنايا سطورها، وسألته عما إذا كانت هذه الإشارات تطمئن بظهور بوادر لانفراج الأزمة السياسية بالعراق، فأجاب القيادي مشترطا عدم ذكر اسمه: «بالفعل هذه التصريحات مطمئنة، وهي إشارات واضحة إلى وجود مراجعة لدى بعض أطراف الأزمة لمواقفها المتصلبة من مسألة سحب الثقة من المالكي، ويمكن القول إن الأزمة أخذت الآن مسارا نحو ما اعتبره اتجاها مرنا للتعامل معها، وبذلك يمكن اعتبار أن الأزمة دخلت مرحلة جديدة». وكشف القيادي الكردي عن «أنه من خلال تلك التصريحات الواردة من عدة مصادر نستنتج أن البحث يدور حاليا عن حلول أكثر قبولا لدى القيادات والكتل السياسية، فالحديث بات يتركز الآن حول البحث عن موقف التحالف الوطني من رئاسة نوري المالكي للحكومة المقبلة، أي هل سيتم تجديد ولايته في الانتخابات المقبلة، أم سيكتفي بدورتين انتخابيتين؟ وهذا أمر قد يفك العقدة الأساسية في الأزمة، خاصة أن جميع الأطراف أكدت أنها لا تعادي التحالف الوطني الشيعي، وأن جميع تلك القوى أكدت مرارا أن رئاسة الوزراء ستظل من حصة التحالف الوطني، والمشكلة كانت مع أداء المالكي وحكومته، وبذلك فإن مجرد الاتفاق على عدم تجديد الولاية للمالكي من شأنه أن يفك العقدة الأساسية للأزمة، أضف إلى ذلك استعداد التحالف الوطني لتنفيذ المطالب الواردة بالاتفاقات السياسية الموقعة بينه وبين الكتل العراقية الأخرى، والحال أن التحالف الوطني إذا ضمن تنفيذ مطالب أطراف الأزمة، وحسم الموقف من إعادة ترؤس المالكي للحكومة المقبلة، فإن الأزمة ستتفكك بذاتها، ولن تبقى هناك ذريعة للمطالبة بسحب الثقة، وستسير الأمور نحو المزيد من التهدئة». وحول ما إذا كان الرئيس طالباني سيأخذ زمام المبادرة بتشجيع هذا الانفراج النسبي وتحقيق الحلول المرضية لجميع الأطراف، قال القيادي في حزبه: «حالما يعود الرئيس إلى كردستان سيواصل بالطبع جهوده من أجل عقد حوار وطني بين جميع الأطراف لحلحلة الأوضاع والخروج باتفاقات سياسية تنهي هذه الأزمة، خاصة في ظل وجود هذه الإشارات المطمئنة من أطراف النزاع».

يذكر أن عدنان السراج، القيادي في قائمة دولة القانون، أشار في تصريحات صحافية نقلها موقع «العالم» إلى «أنه بعد جهود متعددة بذلتها أطراف سياسية عراقية، منها جهود الرئيس طالباني ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم، نتوقع أن يجتمع كل من نوري المالكي ومسعود بارزاني قريبا لبحث الحلول للخروج من الأزمة السياسية الحالية بالعراق». إلى ذلك، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المالكي إلى عدم الترشح لولاية ثالثة. وردا على سؤال من أحد أتباعه حول تصريح للنائب عن دولة القانون عزة الشابندر وصف فيه موضوع سحب الثقة من رئيس الوزراء بأنه شخصي ويستهدف منع ترشحه لولاية ثالثة، قال الصدر: «نعم نحن لا نريد أن يرشح المالكي مرة ثالثة»، مؤكدا «لا نريده أن يكون نصف مدة (صدام)». ووصف الصدر رئيس الوزراء نوري المالكي بأنه «سعى لخدمة العراق وكفى، وأنه إن أراد الترشيح فبعد حين وليس على التوالي». ودعا الصدر المالكي إلى أن «يحفظ هيبته»، مضيفا: «نريد من المالكي أن يعطي الفرصة لبناء العراق كما أراد هو ذلك»، مشددا على أنه «لا تكون الديمقراطية فرصة للتسلط مستقبلا».