رئيس لجنة تراحم لـ «الشرق الأوسط»: إطلاق سراح 1600 سجين بأمر الفقيد

الأمير نايف كتب بخط اليد «السيدة محقة» طالبا موافاته بأمر زوجها

الأمير سلمان بن عبد العزيز وإلى جانبه الأمير خالد الفيصل والأمير أحمد بن عبد العزيز لحظة وصول الجثمان (واس)
TT

كشف الدكتور عبد الله بن محفوظ، رئيس اللجنة الوطنية لرعاية السجناء (تراحم)، عن إطلاق سراح أكثر من 1600 سجين بمختلف مناطق السعودية، منهم 200 شخص بمدينة جدة، وذلك بسبب القرار الذي أصدره الأمير نايف بن عبد العزيز (رحمه الله)، الرئيس الفخري للجنة تراحم، قبل مغادرته إلى جنيف بشهر واحد، والذي ينص على أن «كل من كانت عليه أحكام خفيفة بالسجن يعفى منها طالما تأكد أنه ليس حكما شرعيا جنائيا فيطلق سراحه».

وأوضح بن محفوظ أنه من بين القرارات الهامة التي اتخذها الرئيس الفخري للجنة تراحم موافقته على أن تقضي السجينات غير السعوديات ما تبقى من فترة عقوبتهن في بلادهن، مشيرا إلى أنه تم توقيع اتفاقيات مع هذه الدول لتنفيذ ذلك القرار، معتبرا أن هذا القرار مهم جدا بالنسبة للسعودية، لا سيما أن هناك أعدادا كبيرة من النساء غير السعوديات داخل السجون السعودية، خاصة من إندونيسيا والحبشة واليمن.

وقال لـ«الشرق الأوسط» من بين النقاط التي كان الإعلام لا يركز عليها اهتمام الأمير نايف بالمساجين الأحداث الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، حيث كان يطلب نقلهم إلى الإصلاحية، وكانت وزارة الداخلية تركز وتهتم بمعالجة مشاكل هذه الفئة التي كان يحث على متابعة أمورها حتى لا تبدأ مشوار حياتها من داخل السجون.

وبين أن أول من وضع فكرة إنشاء اللجنة ورفعها لمقام مجلس الوزراء هي وزارة الداخلية حتى تعنى بالمساجين وأسرهم، إلى جانب توظيف المفرج عنهم، وقال: أصدر مجلس الوزراء قرارا بإنشاء لجنة تراحم وجعلها تحت إدارة وزارة الشؤون الاجتماعية لتكون ضمن أحكام الجمعيات الخيرية، إلا أنها مستقلة بذاتها ويرأسها وزير الشؤون الاجتماعية.

وأضاف: بعد ذلك وافق الأمير نايف بن عبد العزيز أن يكون هو الرئيس الفخري لجمعية تراحم في جميع إمارات السعودية ومحافظاتها، مشيرا إلى وجود 18 فرعا لجمعية تراحم بمختلف أنحاء المملكة، 13 منها في الإمارات إلى جانب بعض المحافظات الكبيرة التي لها جمعيات.

وبين بن محفوظ أنه على الرغم من أن مرجعية تراحم هي وزارة الشؤون الاجتماعية، فإنهم كانوا يستعينون بوزارة الداخلية، وخاصة الرئيس الفخري للجمعية، وذلك بأن ترفع كل منطقة الوضع الداخلي فيها لوزارة الداخلية بشكل خاص، وأشار إلى أن من الأوضاع التي كنا نعانيها في مدينة جدة سجناء الترحيل، إضافة إلى سجناء التهم البسيطة كالمضاربات أو الاعتداءات والتزوير التي تصدر فيها أحكام بالسجن لفترات طويلة تصل إلى ستة أشهر أو ثمانية.

وأضاف: «كان الأمير نايف يتقبل من لجان تراحم أن تتجاوز الصلاحيات وترفع مجموعة هذه الحالات لوزارة الداخلية مباشرة، ويصدر فيها قرارات، لا سيما أنها تصب في مصلحة السجناء أو في معالجة حالات إنسانية»، مؤكدا حصولهم على الردود بشكل سريع جدا على الحالات التي يتم إرسالها لوزارة الداخلية ومن قبل الأمير نايف شخصيا وبخط يده.

ولفت بن محفوظ إلى إحدى الحالات الخاصة التي أشار إليها الأمير نايف بخط يده وقال: تمت إفاداتي مسبقا بأنه ليس لي أن أخاطب وزارة الداخلية بعد أن تم إصدار حكم شرعي في إحدى الحالات، إلا أنني رفعت إلى المسؤولين وذكرت فيه أن اللجنة النسائية في تراحم تطلب من وزارة الداخلية عدم إطلاق سراح أب قتل اثنين من أولاده، وحكمت المحكمة عليه بالسجن لخمس سنوات، ومن ثم إطلاق سراحه، إلا أن الأم خوفا على أبنائها طلبت من تراحم التدخل بعدم إطلاق سراح الأب إلا بعد أن يتأكد من قواه العقلية، وعلى الرغم من إفادتي مسبقا من قبل الكثيرين بأنه ليس لي الحق بطلب أكثر مما نص عليه الشرع، إلا أنني فوجئت بالرد على خطاب تم رفعه للأمير مشعل بن ماجد، محافظ جدة، ومن ثم للأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، ومن ثم إلى وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز (رحمه الله) بشرح على الخطاب بخط يد الأمير نايف يطلب فيه تكوين لجنة، وقال في شرحه: «إن السيدة محقة بطلبها أن يعرض الأب على لجنة طبية، وطالب بموافاته بأمر هذا السجين» الأمر الذي فاجأنا جميعا.

وفي السياق ذاته أكد الدكتور سهيل صوان، المدير التنفيذي للجنة الوطنية لرعاية السجناء بمحافظة جدة، أن تراحم أنشئت ورفعت لمجلس الوزراء للحصول على الموافقات اللازمة بدعم من الأمير نايف عام 2001، لافتا إلى أنهم حصلوا على عدة موافقات من قبل رجال أعمال لدعم الجمعية، بسبب أن الأمير نايف هو الرئيس الفخري للجمعية.

وأوضح أن الأمير نايف كان سببا للإفراج عن الكثير من السجناء، إلى جانب أنه كان سببا في توفير الحياة الكريمة للكثير من أسر السجناء، حيث عاشت حياة كريمة، خاصة أن هذه الجمعية استطاعت أن توفر لهم الأساسيات في الحياة، كما استطاعت أن توفر لهم التدريب والتوظيف.

وبين أن وجود اسم الأمير نايف على خطابات تراحم كان كافيا لأن تستجيب الجهات بتقديم الدعم والتعاون، وقال: مكتب العمل عندما نرسل له خطابا لتوظيف شخص مفرج عنه يتم وضعه في أول قائمة الأسماء حتى توفر له وظيفة؛ لأنهم يعرفون أن هذه اللجنة الخيرية مدعومة من الأمير نايف، ونحن نحاول جاهدين أن نساعده ليرجع إلى الطريق القويم مرة أخرى، مبينا دور تراحم في عدم رجوع المفرج عنه للسجن مرة أخرى، لافتا إلى استمرار دعم المفرج عنه منذ خروجه ولمدة سنة حتى يحصل على عمل.

وبين أنه تم الإفراج خلال العام الماضي 2011 عما يقارب 31 شخصا من مدينة جدة فقط، بمساعدة لجنة تراحم، موضحا أنه كل عام يتم الإفراج عن أكثر من 30 شخصا بكل مدينة أو محافظة بالسعودية.

وحول الرعاية التي تقدمها لجنة تراحم بين صوان أن تراحم تقدم نوعين من الدعم للسجناء وأسرهم، أولهما تقديم الأساسيات التي تساعد الأسر على العيش، كالمأكل والمشرب وإيجار المنزل والفواتير، إلى جانب العلاج والتعليم، فيما يتمثل النوع الآخر من الدعم في تدريب أبناء السجناء وبناتهم، ومن ثم توظيفهم، مشيرا إلى أنه يتم تدريبهم بأفضل المعاهد والجهات، وذلك لضمان حصولهم على عمل بعد ذلك، مؤكدا على تعاملهم مع أبناء المساجين كمواطنين لا علاقة لهم بما فعل ذووهم، لافتا إلى وجود أعداد كبيرة منهم تعمل وتعول أسرها الآن.

وأكد أن أعمال الأمير نايف الخيرية كثيرة، معتبرا أن لجنة تراحم هي حسنة سيستمر عطاؤها له بعد وفاته، حيث قام بإنشائها ودعمها ووضع روحه فيها، بحيث يعمل الجميع بقوة معنوية مستمدة من اسمه.