اهتمام دولي واسع بالسلطات الجديدة للمجلس العسكري المصري

البعض حذر من احتمال وقوع اضطرابات

رسام مصري يستكمل جدارية كناية عن تحول صورة النظام السابق إلى أخرى جديدة عقب ثورة 25 يناير وعدم سقوطه (رويترز)
TT

تباينت ردود الفعل الدولية حول المشهد السياسي الساخن في مصر عقب انتهاء جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية وإعلان المجلس العسكري الحاكم عن إصداره لإعلان دستوري مكمل يمنحه المزيد من الصلاحيات، وتفاوتت ردود الفعل الدولية ما بين التفاؤل بالبداية نحو التحول الديمقراطي وتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة، والقلق بسبب تخوفات من أن يكون تسليم السلطة للمدنيين تسليما شكليا دون صلاحيات حقيقية.

وأعربت وزارة الدفاع الأميركية، أمس، عن القلق العميق إزاء الصلاحيات الجديدة التي تشمل السلطة التشريعية التي منحها المجس العسكري لنفسه من خلال إضافة بنود جديدة على الإعلان الدستوري الذي كان قد أصدره في مارس (آذار) من العام الماضي، وقال جورج ليتل، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية: «ينتابنا قلق عميق إزاء الإعلان عن تعديلات دستورية جديدة بما فيها توقيت الإعلان مع إغلاق مكاتب الاقتراع».

وكان وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، تحادث هاتفيا، الجمعة، مع المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي «كرر» التزام المجلس بـ«بتنظيم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة كما هو مقرر، ونقل السلطة إلى حكومة تكون منتخبة ديمقراطيا بحلول الأول من يوليو (تموز)». واعتبر ليتل أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة «مدرك تماما» للقلق الأميركي.

من جانبها قالت مايا كوجيانجيتش، المتحدثة باسم كاثرين آشتون، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، إن «الانتخابات الرئاسية مرحلة مهمة في الانتقال الديمقراطي في مصر»، وتابعت: «ما زالت هناك تساؤلات حيال وضع البرلمان والعملية الدستورية؛ مما قد يحد من الإنجازات المحققة حتى اليوم»، مشيرة إلى أن الوضع الدستوري والقانوني ينبغي توضيحه في أسرع وقت ممكن، وأن على العملية الانتقالية احترام تطلعات الشعب المصري ومطالبته بالكرامة والديمقراطية والحرية. وعلى صعيد ذي صلة، عكست الكثير من الصحف الأجنبية أجواء الصدمة التي أصابت قوى سياسية مصرية بعد صدور الإعلان الدستوري المكمل الذي يقيد من صلاحيات الرئيس القادم ويعطي للمجلس العسكري سلطات أكبر. وقالت صحيفة «الإنديبندت» البريطانية إن: «المجلس العسكري يستأنف سلطاته»، وأن هذا من شأنه أن يزيد من احتمال وقوع المزيد من المواجهات والاضطرابات التي تمر بها مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) العام الماضي.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن المجلس العسكري أعلن الدستور المؤقت ليضمن لنفسه سلطة أوسع على الحكومة المستقبلية، وأضافت الصحيفة أن هذا التصرف من قبل العسكري للتضييق على سلطات الرئيس، كانت بغرض مواجهة فوز مماثل، وأن هذا الإعلان الدستوري هو آخر الخطوات الخاطفة في سلسلة ممارسات «الجنرالات» لإحكام قبضتهم على السلطة في الوقت الذي وعدوا فيه بتسليم السلطة لحكومة مدنية. وبدورها علقت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية قائلة إن الإعلان الدستوري أعطى للمجلس العسكري سلطات ساحقة في حين انتقص من دور الرئيس الجديد وحوله إلى مجرد تابع، وأن هذا الإصرار الجريء من المجلس العسكري على السلطة جاء بعد شهور من التعهد بتسليم السلطة في لحكومة مدنية في نهاية يونيو (حزيران) الحالي، وأضافت الصحيفة أن ناشطين وسياسيين مصريين يرون أن خطوة المجلس العسكري تعد بداية لديكتاتورية عسكرية، مما يعد بمثابة انقلاب على الثورة الشعبية التي كانت توعد بالديمقراطية التي اندلعت العام الماضي. كما أوضحت الصحيفة أن إدارة أوباما لم يظهر منها رد فعل تجاه التطورات الأخيرة، وإنما يبدو أن الإعلان الدستوري عزز من إحباط الإدارة الأميركية تجاه حالة التراجع، وأشارت إلى أنه قبل 48 ساعة من الإعلان عن الدستور المكمل تحدث ليون بانيتا، وزير الدفاع الأميركي، مع المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأكد له ضرورة ضمان الانتقال التام والسلمي نحو الديمقراطية.

كما أن السيناتور باتريك ليهي، رئيس اللجنة الفرعية للاعتماد والمساعدات الخارجية، حذر من أن تصرف وزارة الخارجية الأميركية مبلغ المساعدات العسكرية لمصر هذا العام، الذي يقدر بنحو 1.3 مليار دولار. وفي مقال للرأي في صحيفة «الغارديان» البريطانية بعنوان «حان الوقت لمصر لتتحد في وجه العسكري» للكاتب ديفيد هيرست، وصف الكاتب أن المصريين باتوا لليلتهم معتقدين أنهم اختاروا، بإرادتهم، رئيسا له كل الصلاحيات، ليستيقظوا في اليوم التالي على ديكتاتورية عسكرية، وبخاصة بعد حلهم للبرلمان، وأضاف هيرست أن قسم الرئيس القادم أمام محكمة عين أعضاءها مبارك تعتبر إهانة جديدة تضاف إلى تقييد سلطاته.