توتر الأوضاع في دمشق.. والنظام يقر باقتراب المعارك من معاقله

قصف مدفعي على بعد 6 كيلومترات من القصر الرئاسي.. وسقوط أكثر من 60 قتيلا في أنحاء البلاد

TT

شهدت العاصمة السورية انتشارا أمنيا مكثفا كما نفذت السلطات عمليات دهم واعتقال واسعة في أطرافها، بالتزامن مع قصف بلدة قدسيا الواقعة على بعد 6 كلم من القصر الرئاسي. وأقر نظام الرئيس السوري بشار الأسد باقتراب المعارك من معاقله، متحدثا عن مقتل «عشرات الإرهابيين» على أعتاب دمشق وإحباط عملية «معركة دمشق الكبرى». جاء ذلك بينما استمرت الحملة الأمنية الواسعة التي تشنها قوات الأمن السورية في أنحاء البلاد ليبلغ مجمل عدد القتلى في أنحاء سوريا أكثر من 60 قتيلا بحسب الهيئة العامة للثورة.

وعاشت العاصمة أمس بحسب عدد من الناشطين توترا أمنيا منذ ليل الأحد/ الاثنين، إذ شهدت مدينة قدسيا القريبة من دمشق قصفا بمدافع «الهاون» ليل أمس وأول من أمس، وقدسيا التي تشهد مظاهرات احتجاجية يومية، تبعد 6 كلم عن قصر الشعب الرئاسي، ومحاطة بمساكن الحرس الجمهوري (العرين) حيث يقطنها ضباط وصف ضباط الحرس الجمهوري والشبيحة.

وقال ناشطون إن القصف استمر طوال الليل «بمعدل 3-4 قذائف كل خمس عشرة دقيقة»، وتركزت أهداف القصف بمنطقة المعهد والنزلة الرئيسية عند القوس مترافقة مع انتشار للقناصات على الأسطح ومنع الناس من إسعاف الجرحى، في الوقت الذي كانت فيه التكبيرات لا تتوقف من مآذن المساجد. وأدى تساقط القذائف إلى اشتعال النار في أكثر من منطقة. ويشار إلى أن قدسيا منطقة شعبية مكتظة تقطنها أغلبية دمشقية بالإضافة إلى نسبة كبيرة من المهجرين من مدينة حمص في الأشهر الأخيرة.

بدوره، قال أحد الناشطين في العاصمة لـ«الشرق الأوسط»: «تشهد أحياء بالعاصمة منذ يوم أمس انتشارا أمنيا مكثفا وسط حملات دهم واعتقال، وقد أفيد في كفرسوسة بمقتل المواطن محمد الشياح على أحد الحواجز، بينما تنتشر عناصر المخابرات الجوية والفرقة الرابعة في برزة».

وأشار الناشط، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أنه سمع إطلاق نار في مشروع دمر في وقت شنت فيه قوات الأمن حملة مداهمات في حي ركن الدين وجوبر، متحدثا عن نزوح عدد من سكان قدسيا.

ومن دوما، تحدث محمد السعيد، عضو مجلس قيادة الثورة، عن «تعرض المدينة منذ ثمانية أيام لحملة شرسة كان أعنفها آخر ثلاثة أيام»، لافتا إلى أن «قوات النظام قامت بالأمس باقتحام المدينة تزامنا مع سقوط عدد كبير من قذائف (الهاون) في جميع الأحياء السكنية، مما أدى إلى استشهاد 8 أشخاص وسقوط عشرات الجرحى».

وقال السعيد لـ«الشرق الأوسط»، إن المدينة تشهد «حالة من الحرب والإبادة الحقيقية لكون القصف لم يهدأ منذ ليل الأحد وهو إلى ازدياد»، لافتا إلى «حالات نزوح جماعية عن المناطق التي تخضع لسيطرة النظام السوري»، وأضاف «كما يقوم الجيش السوري الحر بتأمين خروج النازحين ويؤمن الغطاء لهم حتى أنه يسعف الجرحى».

من ناحيتها، أفادت الهيئة العامة للثورة بأن قصف قوات النظام بالمدفعية والهاون لمدينة دوما بريف دمشق متواصل منذ يوم الأحد وسط تدمير عدد كبير من المنازل المدنية وحركة نزوح واسعة في صفوف السكان هربا من القصف. وأشارت شبكة «شام» الإخبارية إلى سقوط العديد من القتلى بينما يقوم الجيش الحر بتأمين نزوح الأهالي من المناطق المنكوبة إلى المناطق الأكثر أمنا.

وقال ناشطون إن قوات الأمن اقتحمت المنطقة الشرقية من مدينة داريا وسط حملة دهم واسعة وأنباء عن إصابات، بينما يستمر القصف العنيف على بلدات مسربا والضمير والزبداني، وسط سماع دوي انفجارات في كل من حرستا وحمورية.

من جانبه، أفاد عضو لجان التنسيق في الزبداني بريف دمشق فارس محمد، بأن الجيش السوري «يفرض حصارا خانقا على منطقتي قدسيا والهامة في الريف»، موضحا أن القصف بدأ «إثر خروج مظاهرة مناهضة للنظام في مدينة قدسيا». وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن انفجار عبوة ناسفة في بلدة معضمية الشام أدى إلى مقتل مواطن.

من ناحيته، أقر النظام السوري بانهيار الوضع الأمني في أطراف العاصمة السورية واقتراب المعارك من معقل النظام، إذ ذكرت صحيفة «الوطن» السورية أمس أن مئات من «الإرهابيين المدججين بالسلاح» قتلوا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية أثناء محاولتهم دخول دمشق، مشيرة إلى استمرار المعارك بين «الإرهابيين» وبين الجيش النظامي.

وقالت الصحيفة شبه الرسمية إن «المعارك لا تزال مستمرة بين الجيش العربي السوري وإرهابيين سولت لهم أنفسهم محاولة دخول دمشق»، مشيرة إلى «مقتل مئات الإرهابيين وجرح عدد كبير واعتقال عدد آخر خلال الأسابيع الثلاثة الماضية»، ووصفت ما حصل خلال تلك الفترة بـ«زلزال أحدثه الجيش والأجهزة الأمنية تحت أقدام كل إرهابي أراد دخول دمشق لزعزعة أمنها واستقرارها».

وأضافت أن «الإرهابيين المدججين بالسلاح ومنه المتطور جدا قتلوا في مناطق عدة في الغوطة الشرقية ودوما وريفها وبساتين حرستا»، موضحة أن «غالبية الجثث لا تحمل أي هوية أو ما يمكن أن يدل على أصولها».

ونقلت الصحيفة عن الأهالي قولهم إنهم سمعوا «الإرهابيين» يتحدثون عن استعدادهم لما سموه «معركة دمشق الكبرى»، مشيرة إلى أن الهجوم كان يفترض أن يبدأ قبل عشرة أيام، «قبل أن يفاجأوا برد مزلزل من الأجهزة الحكومية».

وفي غضون ذلك، أظهرت صور بثها ناشطون على الإنترنت، خروج مظاهرات مسائية في مناطق مختلفة من العاصمة دمشق ردد المتظاهرون فيها هتافات تضامنية مع ريف دمشق الذي يتعرض لحملة عسكرية أمنية، كما طالب المتظاهرون بالحرية ودعم الجيش الحر وإسقاط نظام الأسد.

وفي درعا، وقعت اشتباكات بين الجيشين الحر والنظامي، بينما هزت سلسلة انفجارات المنطقة. وفي درعا جنوبا، قال نشطاء إن وتيرة القصف على بلدة طفس من قوات النظام اشتدت. وأشارت شبكة «شام» إلى سقوط قتيل وعدد من الجرحى، في حين وجه السكان نداء استغاثة من وقوع مجازر بعد اقتحام الجيش النظامي بدباباته للبلدة وإطلاق الرصاص صوب الأهالي بشكل عشوائي.

إلى ذلك، أفيد باندلاع مواجهات مسلحة في منطقة الموحسن بدير الزور، كما تحدثت الهيئة العامة عن سقوط جرحى في قصف للجيش على مدينة القورية بنفس المحافظة. وقالت الهيئة العامة للثورة إن الاشتباكات في الموحسن أوقعت أربعة قتلى من الجيش الحر إضافة إلى العديد من الإصابات بعضها خطيرة جراء انفجار ضخم.

وفي حلب شمالا، قال ناشطون إن قوات النظام واصلت قصف بلدة الأتارب والقرى المحيطة بالمدفعية والأسلحة الثقيلة بشكل عشوائي. وأشارت لجان التنسيق المحلية إلى أن امرأة قتلت صباح الاثنين إثر إطلاق نار في المدينة من مسلحين مجهولين.

وقتل مواطن في ريف حماه إثر إصابته برصاص أحد الحواجز الأمنية، بحسب لجان التنسيق المحلية، بينما قتلت طفلتان شقيقتان بحسب المصدر نفسه إثر القصف الذي تعرضت له بلدة قلعة المضيق في ريف حماه بعد منتصف ليل الأحد/ الاثنين.

وفي محافظة اللاذقية، أفاد المرصد السوري بتعرض بلدات عدة في جبل الأكراد لقصف «استمر أكثر من سبع ساعات استخدمت فيه القوات النظامية الطائرات الحوامة وراجمات الصواريخ»، مشيرا إلى «موجة نزوح في اتجاه قرى أخرى».

وقال المرصد إن مواطنا قتل من قرية بابنا في ريف اللاذقية «إثر إطلاق نار عليه من مسلحين تابعين للنظام».