اشتباك مسلح يسفر عن مقتل إسرائيلي و3 مسلحين على الحدود مع مصر

مصدر إسرائيلي: دباباتنا دخلت المنطقة منزوعة السلاح بإذن من مصر حسب «كامب ديفيد»

TT

قالت مصادر أمنية وشهود عيان إن دبابات إسرائيلية وصلت أمس إلى عدة مناطق مباشرة أمام الحدود المصرية من الجانب الإسرائيلي بالقطاع الأوسط من سيناء، في أعقاب اشتباكات مسلحة قالت إسرائيل إنها بين قوات الجيش الإسرائيلي ومسلحين انتهت بمقتل عربي إسرائيلي وثلاثة من المسلحين.

واعترفت إسرائيل بأن دباباتها اخترقت خط الحدود الإسرائيلية - المصرية، أمس، بعيد عملية إطلاق النار على مجموعة عمال عرب، ولكن مصدرا رفيعا في الحكومة قال إن «هناك منطقة منزوعة بين الحدود الإسرائيلية والحدود المصرية. تستطيع القوات المصرية دخولها شرط الحصول على إذن إسرائيل مسبقا، وتستطيع إسرائيل دخولها بشرط الحصول على إذن مصر. وهذا ما حصل هذه المرة أيضا، وليس فيه خرق لاتفاقيات كامب ديفيد».

وكان ناطق إسرائيلي قد أكد المعلومات القائلة إن الخلية المسلحة التي نفذت هذه العملية هي خلية فلسطينية وصلت إلى الحدود الإسرائيلية عن طريق قطاع غزة، وليس عن طريق سيناء المصرية، وأنها «كما يبدو تابعة لتنظيم الجهاد الإسلامي». الأمر الذي يعني أن وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، تسرع عندما اتهم مصر بالانفلات الأمني في سيناء.

وقسمت اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل شبه جزيرة سيناء إلى 3 مناطق، هي (أ، ب، ج)، بالإضافة إلى المنطقة (د) داخل الحدود الإسرائيلية بموازاة الحدود مع مصر. ونصت الاتفاقية على أن يوجد بها قوات من حرس الحدود أو الشرطة الإسرائيلية فقط، وليست قوات عسكرية، سواء احتياطا أو قوات نظامية من الجيش الإسرائيلي، وقال خبراء إن الخطوة الإسرائيلية تشكل خرقا للاتفاقية، مشيرين إلى أن الخطوة الإسرائيلية تعكس حجم مخاوف تل أبيب من الوضع في سيناء. ووصف مصدر مصري مسؤول الوضع على الحدود بالحساس، مؤكدا أن الموقف تتم دراسته على أعلى مستوى في مصر.

وقال شهود عيان بالقطاع الأوسط الحدودي بين مصر وإسرائيل في سيناء، إنهم شاهدوا دبابات ومدرعات إسرائيلية أمس تقف على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع مصر، وإن دوريات إسرائيلية نشطت خلال اليومين الماضيين، وقال أحد سكان الحدود المصرية - الإسرائيلية إنه سمع أصوات طائرات إسرائيلية تقوم بتمشيط مناطق الحدود بين مصر وإسرائيل.

وقال مصدر أمني مصري في سيناء إن الإجراءات الأمنية الإسرائيلية شأن داخلي لا تتدخل فيه مصر طالما أنه لا يمس بسيادة الأراضي المصرية، وأضاف أن هناك قوات دولية موجودة هي التي تتولى مراقبة الحدود بين البلدين، وهي الجهة الوحيدة التي يمكنها تحديد ما إذا كانت التحركات الإسرائيلية فيها خروق لاتفاقية السلام أم لا.

لكن مسؤولا مصريا رفيع المستوى قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الموقف حساس ودقيق جدا». وتابع المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، بأن «الموقف تتم دراسته على أعلى مستوى في مصر»، رافضا إعطاء المزيد من التفاصيل حول الأمر.

وقال السفير السيد أمين شلبي، المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية، إن خبراء إسرائيل يصفون الوضع في سيناء بالخطير ويعتبرونه في حجم الخطر الإيراني عليها، وقال شلبي لـ«الشرق الأوسط»: «لا أستغرب تلك التحركات الإسرائيلية على الحدود في سيناء، ولو تم ربطها باحتمالية وصول رئيس إسلامي لسدة الحكم في مصر فسيكون الموقف أكثر خطورة».

وأكد شلبي أن الخطوة الإسرائيلية يجب أن تكون موضع اهتمام صانع القرار المصري، قائلا: «إذا تركنا الأمر دون التعامل معه سياسيا ودبلوماسيا فربما يحدث تمادٍ من قبل إسرائيل». وكانت أجهزة الأمن بمحافظة الإسماعيلية ألقت الأسبوع الجاري القبض على 24 فلسطينيا دخلوا إلى الأراضي المصرية متسللين عبر الأنفاق من غزة ولا يحملون تأشيرات دخول الأراضي المصرية، ويتم حاليا استجوابهم لمعرفة أسباب تسللهم إلى الأراضي المصرية.

أدى تسلل مجموعة مسلحة من مصر إلى إسرائيل الاثنين إلى مقتل ثلاثة أشخاص، هم اثنان من المسلحين وعامل إسرائيلي، ما دفع الدولة العبرية إلى الطلب من السلطة المصرية الجديدة تعزيز سيطرتها على سيناء.

في الوقت نفسه قتل ناشطان في حركة الجهاد الإسلامي كانا على متن دراجة نارية، في غارة إسرائيلية شمال قطاع غزة، وأكد الجيش الإسرائيلي استهدافه مجموعة «مسؤولة عن إطلاق النار مؤخرا» قرب السياج الحدودي.

ووقع الحادث نحو الساعة السادسة (03:00 تغ) عندما فتحت مجموعة مسلحين النار على موكب عمال إسرائيليين يعملون في بناء السياج الحدودي، بحسب الجيش الإسرائيلي.

وقالت المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، افيتال ليبوفيتش، إن «ثلاثة إرهابيين مسلحين تسللوا إلى إسرائيل من مصر وانتظروا في الجهة الإسرائيلية».

وأوضحت أن السيارات التي تنقل العمال تعرضت لانفجار عبوة وقذائف «آر بي جي» ونيران كلاشينكوف. وانقلبت إحدى السيارات مما أدى إلى مقتل عامل، أعلنت وزارة الدفاع أنه سعيد فشافشة وهو عربي إسرائيلي من حيفا (شمال).

وتابعت المتحدثة أن الجنود الإسرائيليين الذين سارعوا إلى المكان «رصدوا فرقة الكوماندوز وفتحوا النار. ووقع انفجار ضخم»، موضحة أن أحد المسلحين كان في حوزته متفجرات.

وأضافت: «لا نستبعد عودة بعض عناصر الكوماندوز إلى الجهة المصرية، كما حدث في أغسطس (آب)»، في إشارة إلى هجوم سابق انطلق من الأراضي المصرية.

ففي 18 أغسطس نصبت مجموعة مسلحة وفدت من سيناء ثلاثة كمائن على بعد 20 كلم شمال إيلات، مما أدى إلى مقتل ثمانية إسرائيليين من بينهم جندي وشرطي. وطارد الجيش الإسرائيلي المهاجمين وقتل سبعة منهم وخمسة شرطيين مصريين في تبادل إطلاق النار، ما أثار أزمة بين البلدين.

واتهمت إسرائيل لجان المقاومة الشعبية المسلحة في قطاع غزة بتنفيذ الهجمات، الأمر الذي نفته المجموعة.

وأكد رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية أن أي فصيل فلسطيني ليس ضالعا في الهجوم الاثنين من سيناء، وقال إن: «فصائل المقاومة الفلسطينية طالما أكدت أن المقاومة محصورة داخل الأرض الفلسطينية وضد الاحتلال الإسرائيلي، وهي لا تتحرك في هذه المرحلة خارج حدود الوطن الفلسطيني».

وحثت الحكومة الإسرائيلية مصر على السيطرة على سيناء التي خرجت عن السيطرة منذ سقوط حسني مبارك في فبراير (شباط) 2011.

وقال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شاؤول موفاز للإذاعة العسكرية: «لا شك أن الوضع في صحراء سيناء أصبح مشكلة أمنية، وما حدث اليوم يشكل خطوة جديدة في التصعيد، أعتقد أن هذا يشكل تحديا كبيرا للقيادة المصرية المنتخبة»، معربا عن أمله في التوصل إلى «حوار أمني عسكري مع المصريين». أما وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، فندد في بيان «بالتدهور المقلق في سيطرة القوات المصرية على سيناء»، موضحا أنه «بغض النظر عمن يفوز في الانتخابات في مصر فنحن نتوقع منه تحمل الالتزامات الدولية المصرية وترتيبات الأمن في سيناء بعد وضع حد بسرعة لهذه الهجمات».

من جهتها دانت فرنسا بحزم تسلل المجموعة المسلحة إلى إسرائيل، على ما أعلنت الخارجية الفرنسية.

وقال المتحدث باسم الخارجية برنار فاليرو في لقاء مع صحافيين إن: «فرنسا قلقة جدا حيال أعمال العنف التي جرت مؤخرا في غزة وجنوب إسرائيل».