اليمن: «القاعدة» تغتال عسكريا بارزا في عدن بهجوم نفذه صومالي

هادي يستقبل قائد القيادة المركزية الأميركية

يمني يحاول إزالة إطار من السيارة التي استُهدفت بهجوم انتحاري نفذته «القاعدة» وأدى لمقتل قائد المنطقة العسكرية الجنوبية في عدن أمس (إ.ب.أ)
TT

أفاقت الأوساط اليمنية، أمس، على خبر اغتيال القائد العسكري اليمني البارز، اللواء الركن سالم قطن، قائد المنطقة العسكرية الجنوبية، قائد «اللواء 31 مدرع»، في هجوم انتحاري استهدفه أثناء خروجه من منزله نحو مقر عمله، في حين قتل وجرح عدد من مرافقيه والمواطنين في العملية التي نفذها انتحاري بواسطة حزام ناسف، في وقت يزور فيه صنعاء وفد عسكري أميركي رفيع بقيادة قائد القيادة العسكرية الأميركية الوسطى، الفريق جيمس ماتيس، حيث التقى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بعد ساعات من اغتيال اللواء قطن.

وأفادت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» في عدن بأن الانتحاري صومالي الجنسية، وكان ينتظر موكب اللواء قطن في شارع فرعي قرب «شرطة ريمي» عند «مطب» اصطناعي، ويحمل في يده ورقة، في إشارة إلى أنه يحتاج إلى مساعدة أو لديه مشكلة، وبمجرد توقف السيارة التي تقل القائد قطن، قدم الانتحاري ورقته إليه ثم قدم نحوه وفجر نفسه بحزام ناسف، الأمر الذي أدى إلى أن انقسم جسده إلى نصفين.

وكان اللواء قطن يشرف شخصيا على العمليات العسكرية الدائرة في جنوب اليمن ضد عناصر تنظيم القاعدة، التي أدت إلى دحر مسلحي التنظيم من مدن وبلدات محافظة أبين، وعين قطن قائدا للمنطقة العسكرية الجنوبية عقب انتخاب الرئيس عبد ربه منصور هادي، وكان قبل ذلك يشغل منصب نائب رئيس هيئة الأركان في الجيش اليمني، وحينها أشرف على طرد عناصر «القاعدة» من مناطق كثيرة في محافظة شبوة، التي ينتمي إليها، عندما شكلت «الصحوات المحلية»، قبل أكثر من عامين، على غرار «الصحوات» في العراق، لملاحقة عناصر «القاعدة» في المحافظة.

وفي آخر تصريحاته الصحافية، وهي نادرة، تعهد اللواء سالم قطن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» (نشرت في الـ6 من يونيو (حزيران) الحالي) بـ«القضاء على عناصر تنظيم القاعدة في أقرب وقت»، مؤكدا أن الحرب ضدهم مستمرة حتى آخر لحظة، وقال اللواء الركن سالم قطن، قائد المنطقة العسكرية الجنوبية، لـ«الشرق الأوسط»: «سوف نقضي عليهم (القاعدة) وهؤلاء ليس لهم دين أو وطن، ولدينا اتفاقيات دولية تخول لنا محاربة الإرهاب والإرهابيين»، وأكد قطن أن عملية القضاء على هذه العناصر المتشددة سوف تتم «خلال الأسابيع القليلة المقبلة»، وصدقت تصريحات اللواء قطن، ودحرت «القاعدة»، بعد نحو أسبوع فقط من حديثه لـ«الشرق الأوسط».

ونعت الرئاسة اليمنية مقتل اللواء قطن، وقالت إن «أيادي الشر والعدوان» هي التي اغتالته، وإن الحادث «عمل إرهابي إجرامي جبان استهدف واحدا من أبرز القيادات العسكرية الأبطال، الذي كان له دور مشهود في دحر وهزيمة واستئصال شراذم الشر وحلفاء الشيطان أعداء الحياة والإنسانية المهووسين بالموت وسفك الدماء، وقاد مع رفاق دربه معارك التصدي للإرهابيين القتلة وأنصار الشر في محافظة أبين، وتطهير المحافظة من شرورهم، وتحقيق الانتصار الكبير للوطن والشعب».

وقال بيان الرئاسة اليمنية إن القوات المسلحة اليمنية «تؤكد عزمها القوي وتصميمها الذي لا يلين، على اجتثاث هذه العناصر الإرهابية وضربها بقوة وصلابة أينما وجدت، وتطهير البلاد من دنسها، وأن الإرهابيين القتلة بهذا العمل الجبان يكشفون عن أحقادهم وخبثهم اللئيم، ويؤكدون إفلاسهم وهزيمتهم وخيبتهم التي تتكشف بلجوئهم إلى الأعمال الانتحارية البائسة، بعد أن انهارت وتفتتت أوصالها إربا إربا، وأصبحت منثورة مع رياح الشياطين»، ونقل جثمان القائد العسكري اليمني البارز، مساء أمس، إلى العاصمة صنعاء، تمهيدا لدفنه في «مقبرة الشهداء»، بجوار مجمع وزارة الدفاع في منطقة «باب اليمن»، في وقت أعلن فيه تنظيم القاعدة مسؤوليته عن اغتيال قطن، واعتبر العملية ردا على العمليات العسكرية التي جرت ضد التنظيم في محافظة أبين.

وفي ذات السياق، أدان الرئيس اليمني الأسبق، علي ناصر محمد، حادثة الاغتيال، وقال في بيان، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «يد الإرهاب التي اغتالته تضاف إلى سجل الجرائم الحافل الذي سبق وارتكبه الإرهابيون بحق أهلنا في أبين وشبوة وغيرها من محافظات البلاد، وهو سجل حافل بالإجرام والتعدي على حياة المواطنين؛ عسكريين كانوا أم مدنيين، والنيل من أمن الوطن واستقراره»، ودعا ناصر إلى «استنفار كل الطاقات في الدولة والمجتمع لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه واجتثاثه من جذوره».

من ناحية ثانية، ذكر مسؤولون في محافظة شبوة الجنوبية أنه جرى تشكيل لجان شعبية لقتال عناصر تنظيم القاعدة، الذين يعتقد أنهم فروا من محافظة أبين إلى مديرياتها، وقال محافظة شبوة، علي حسن الأحمدي، إن اللجان في مديريات المحافظة تعهدت بمواجهة «القاعدة»، وكانت أنباء ترددت عن حدوث مواجهات، أمس، في مديرية عزان بين قوات الجيش ومسلحي «أنصار الشريعة» التابع لـ«القاعدة»، في حين كان محافظة شبوة شكلت قبل أكثر من عامين لجانا شعبية تسمى «الصحوات المحلية» لقتال المتشددين الإسلاميين.

إلى ذلك، أعربت الإدارة الأميركية عن دعمها ومساندتها لليمن في محاربة الإرهاب، وفي المضي في التسوية السياسية، في ضوء المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لحل الأزمة في اليمن، وجاء ذلك خلال مباحثات أجراها، أمس، قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال جيمس ماتيس، مع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، الذي دعا إلى «التعاون السريع مع اليمن من أجل الخروج من هذه المتاعب»، وأكد أن «الشوط الذي قطع في طريق ترجمة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة كبير، ولا يستهان به، وعازمون مهما كانت الصعوبات على المضي في الطريق السليم لإخراج اليمن من الأوضاع الصعبة الراهنة إلى الآفاق الواسعة والمستقبل المأمول»، مشيرا إلى أن الوضع الاقتصادي هو أكثر ما يعانيه اليمن.

ويساور واشنطن قلق متزايد من وجود المتشددين في اليمن، ودعمت الجيش بالتدريب والمعلومات، وزادت من المساعدات، لكن وزارة الدفاع الأميركية رفضت ذكر تفاصيل حول حجم المساعدات.

وطرد الجيش اليمني في الأسبوع الماضي مقاتلي «أنصار الشريعة» من الأراضي التي ظلوا يسيطرون عليها طوال عام، بما في ذلك زنجبار عاصمة محافظة أبين ومدينة جعار.