موسكو تستبعد التوصل إلى توافق بين مواقف إيران والقوى الكبرى بشأن الملف النووي

المحادثات انطلقت في العاصمة الروسية.. ومسؤول إيراني يؤكد: الأجواء غير إيجابية

ممثلة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية كاثرين آشتون مع المفاوض الإيراني الرئيسي المختص بالملف النووي سعيد جليلي قبل اجتماعهما في موسكو أمس (إ.ب.أ)
TT

وسط أجواء من التشاؤم بدأت القوى العالمية في العاصمة الروسية موسكو أمس محادثات مع إيران تستغرق يومين، في مسعى لإنهاء مواجهة مستمرة منذ عشر سنوات حول برنامج طهران النووي وتفادي نشوب حرب جديدة في الشرق الأوسط، مع اقتراب موعد حظر نفطي تفرضه أوروبا على طهران اعتبارا من أول يوليو (تموز) المقبل.

ومع انطلاقة المفاوضات أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أمس أنه «من الصعب» التوفيق بين موقف إيران وموقف الدول الغربية الكبرى في المحادثات المتوترة التي تجري في موسكو حول برنامج إيران النووي المثير للجدل، بينما أعلن مسؤول في الوفد الإيراني إلى المفاوضات أن الأجواء في هذه المحادثات «غير إيجابية».

واستأنف وفدا إيران برئاسة سعيد جليلي والدول الكبرى برئاسة كاثرين أشتون وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي وموفدة مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) أمس في موسكو محادثاتهما حول الملف النووي الإيراني. ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن ريابكوف قوله إن «العقبة الرئيسية تكمن في أن مواقف الطرفين معقدة ويصعب التوفيق بينها»، مضيفا: «إن الصعوبة الرئيسية تكمن في التوفيق بين هذه المواقف». وأضاف أن «المحادثات ستتواصل الثلاثاء (اليوم)». وتابع: «الأمر الأساسي هو أن تبدي الأطراف رغبة سياسية والمحادثات تجري في جو مريح». من جهته قال مسؤول في الوفد الإيراني لوكالة الصحافة الفرنسية: «حتى الآن الأجواء غير إيجابية»، موضحا أن «وضع نهج (للمفاوضات) هو المشكلة الرئيسية»، مؤكدا في الوقت نفسه أن هذا انطباع «أوليّ».

وقال المتحدث باسم الوفد الأوروبي مايكل مان إن الدول الكبرى متمسكة بمطالبها حيال إيران، وأضاف: «وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% ومبادلة مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20% مقابل وقود نووي تحتاج إليه طهران». وصرح مان للصحافيين: «أولويتنا تكمن في تطرق الإيرانيين إلى مسألة نسبة الـ20% التي تقرب إيران من مستوى التخصيب اللازم لإنتاج القنبلة الذرية (90%)». وفي المقابل تقترح مجموعة 5+1 تخفيف العقوبات الدولية (صدور ستة قرارات دولية ضد إيران منها أربعة مرفقة بعقوبات اقتصادية)، وتعاونا في عدة مجالات نووية مدنية. وخلال الجولتين السابقتين من المفاوضات في إسطنبول في أبريل (نيسان) وفي بغداد في مايو (أيار) وضع الجانبان جدولا لخلافاتهما، خصوصا حول تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%. وتخصيب إيران لليورانيوم، الذي تشتبه الدول الكبرى وإسرائيل في أنه لتطوير سلاح ذري، في صلب محادثات موسكو. ورغم ذلك قال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي بعد بدء المحادثات في العاصمة الروسية إن «المناخ طيب يتسم بالعملية وجيد. ونأمل أن يترجم هذا إلى التزام سياسي جاد من جانب الإيرانيين للتعامل مع مقترحاتنا». وقال مسؤول غربي: «إذا ظلت إيران غير راغبة في الاستفادة من الفرص التي تتيحها هذه المحادثات فستواجه ضغوطا وعزلة مستمرة ومشددة».

وقال رئيس الوفد الإيراني سعيد جليلي للتلفزيون الإيراني قبل بدء المحادثات إن «هذه المفاوضات تشكل اختبارا كبيرا لمعرفة ما إذا كان الغرب يعارض التقدم في إيران». ونقلت وكالة «إيرنا» عن مسؤول لم تكشف هويته أن «إيران تطالب بالاعتراف بحقها في تخصيب اليورانيوم، وما لم تقُم الدول العظمى بذلك فالمفاوضات ستفشل».

من جهته أكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن بلاده ستوقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% إذا حصلت على «ضمانات» من القوى العظمى بأنها ستزودها بالوقود النووي الذي تحتاج إليه. وتابع موقع الرئاسة نقلا عن أحمدي نجاد أن «إيران لطالما أعلنت أنها إذا تسلمت وقودا نوويا من الدول الأوروبية فلن تقوم بالتخصيب بنسبة 20%». أما صحيفة «كومرسانت» الروسية فقد أوردت أمس نقلا عن مصادر دبلوماسية أن القوى العظمى ستقترح على إيران تسوية تقوم على أن تخفض طهران مستوى تخصيب اليورانيوم في مفاعل نطنز إلى 3.5% أو 5% في مقابل 20% حاليا. وسيتعين على طهران بموجب هذه التسوية أن تجمد كل نشاطات التخصيب في موقع فوردو (وسط) وحتى إغلاقه. وتابعت «كومرسانت» أنه وفي حال فشل المفاوضات في موسكو فإن «تشديد العقوبات ضد طهران سيكون حتميا، واللجوء إلى القوة العسكرية سيصبح حقيقة».

ويمكن أن ينطوي فشل المحادثات في موسكو على عواقب كبيرة، فقد عادت الولايات المتحدة وإسرائيل إلى التلويح بإمكان اللجوء إلى الخيار العسكري لوقف البرنامج النووي الإيراني في حال فشل المساعي الدبلوماسية. وتأتي المحادثات في موسكو قبل أن يدخل حيز التنفيذ في الأول من يوليو حظر نفطي يفرضه الاتحاد الأوروبي على النفط الإيراني، وقبل قيام الولايات المتحدة بتعزيز عقوباتها من خلال فرض قيود على الدول التي تشتري النفط من إيران. إلا أن إيران لا تعتزم التخلي عن حقها في تخصيب اليورانيوم، بحسب ما أعلنه عضو في الوفد الإيراني محذرا من فشل المفاوضات.