توقعات بضغوط أميركية على روسيا في قمة الـ20 للتخلي عن دعم الأسد

واشنطن تعتقد أنها وموسكو متفقتان على تجنب حرب طائفية.. والاختلاف على «التكتيكات»

TT

رغم التوتر الظاهر بين موسكو وواشنطن، يتوقع المراقبون أن تشهد اجتماعات مجموعة دول العشرين في المكسيك لقاء ساخنا بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في محاولة أميركية جديدة لدفع روسيا لاتخاذ مواقف تتسق مع المجتمع الدولي في مواجهة النظام السوري، وللضغط عليها لإقناعها باتخاذ إجراء أكثر صرامة ضد دمشق.

وعلى الرغم من التصريحات القاسية من الجانبين الأميركي والروسي، خلال الأيام الماضية، فإن المسؤولين في إدارة أوباما يؤكدون أن المواقف الأميركية والروسية ليست متباعدة ومختلفة عن بعضها كما يظهر، وأن كلا من واشنطن وموسكو تتفق على ضرورة تجنب حرب طائفية في سوريا تنتشر إلى خارج الحدود السورية وتؤثر على المنطقة بأسرها، وقال مسؤول بالبيت الأبيض: «هناك فقط اختلافات تكتيكية حول كيفية تحقيق ذلك».

وقد تزايدت الخلافات حول كيفية التعامل مع الصراع في سوريا خلال الأسبوع الماضي، عندما اتهمت وزيرة الخارجية الأميركية روسيا بتأجيج أعمال العنف في سوريا من خلال توريد أسلحة وطائرات هليكوبتر هجومية لقوات الرئيس السوري بشار الأسد، ورد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف متهما الولايات المتحدة بتوفير الأسلحة للمعارضة السورية. وعلى الرغم من ذلك تستمر اللقاءات والمفاوضات بين الجانبين، حيث يعقد نائب وزيرة الخارجية ويليام بيرنز لقاء مع نظيره الروسي في كابل، ويشارك السفير روبرت فورد في اجتماعات إسطنبول.

وحول تضارب التصريحات حول توريد روسيا لطائرات هجومية لسوريا، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند: «لم تقل وزيرة الخارجية الأميركية إن المروحيات كانت جديدة، بل أعربت عن قلقها من نقل مروحيات من روسيا إلى سوريا، وبغض النظر عما إذا كانت المروحيات جديدة أو قديمة، فإن قلقنا ما زال قائما لأنها قد تستخدم لقتل مدنيين»، وأكدت نولاند أن ثلاث مروحيات في طريقها إلى سوريا بعد خضوعها لعمليات إصلاح في روسيا، ودعت موسكو إلى تعليق التعاون العسكري مع سوريا بكل جوانبه، وأضافت أن «الحكومة الأميركية لا تصر على إلغاء العقود الموقعة بين موسكو ودمشق».

وأشارت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية على مشاورات تجريها واشنطن مع باريس حول استخدام الفصل السابع في مجلس الأمن، وضرورة حماية بعثة المراقبة الدولية في سوريا.

ويتزايد التوتر مع إصرار واشنطن على عدم مشاركة إيران في أي اجتماعات لمناقشة الأزمة في سوريا باعتبارها دولة تساعد نظام الأسد بالمال والسلاح لقمع شعبه، واعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية ذلك «خطأ فادحا». وتكافح روسيا ليكون لها دور قيادي كوسيط سلام في سوريا، وتريد ضم إيران إلى الاجتماعات باعتبارها جارة لها تأثير على الأسد وطائفة العلويين.

وأشار اندرو يواكينز، الباحث ببرنامج روسيا، بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، إلى أن كلا من واشنطن وموسكو على طرفي تقيض بشأن الأزمة السورية والملف النووي الإيراني، ويجتمع الرئيس أوباما، وهو في خضم سباق انتخابي يسعى فيه لإعادة انتخابه، ووضع اقتصادي سيئ للولايات المتحدة، بينما يأتي بوتين بعد أن عاد رئيسا للبلاد، بعد تحقيق انتصار ساحق في شهر مارس (آذار) الماضي»، وأضاف: «سوف يختبر أوباما قوة دعم بوتين لبشار الأسد، حيث أوضحت روسيا أنها ليست متمسكة بالأسد، وتملك روسيا الكثير من النفوذ مع الأسد، لكن ذلك لا يعني أنها يمكنها إجباره على الخروج من السلطة».

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، إن «أوباما يتطلع إلى لقاء بوتين خلال القمة للحديث بشكل واضح وشفاف حول المجالات التي نختلف حولها، مثل سوريا».

وتركز اجتماعات مجموعة العشرين في منتجع لوس كابوس المكسيكي، أمس واليوم، على تحفيز النمو وخلق الوظائف وأزمة ديون منطقة اليورو، وتشارك فيها مديرة صندوق النقد، كريستين لاغارد.

ويقول المحللون إن روسيا التي تقاتل الجماعات الإسلامية في الشيشان، تخشي من سيطرة الطائفة السنية المتطرفة، إذا ما سقط الأسد، في حين أن الولايات المتحدة تعتقد أن غياب الأسد سيكون ضربة لحزب الله في لبنان وإيران.

من جانب آخر، أشارت شبكة «سي إن إن» الإخبارية، إلى أن وزارة الدفاع الأميركية انتهت من تقييمها للخطة الخاصة بقيام القوات الأميركية بمجموعة من العمليات ضد سوريا، أو لمساعدة البلدان المجاورة، إذا استدعت الضرورة.

وقال الجنرال، مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، الخميس، إن التقييم يشمل أنواع الوحدات وعدد القوات وتكلفة العمليات المحتملة، موضحا أن الوضع وتزايد الصراع الطائفي في سوريا يذكره بتصاعد العنف خلال الحرب على العراق.

وأشار مسؤول بالبيت الأبيض إلى أن الإدارة الأميركية شهدت مناقشات كثيرة، خلال الفترة الماضية، حول سبل حل الأزمة السورية، وأن إدارة أوباما تخشى من تصاعد العنف الطائفي بشكل يمكن أن يكون أسوأ مما حدث في العراق، وتبحث سيناريوهات تشمل إقامة منطقة حظر طيران وخططا لحماية المواقع الكيميائية والبيولوجية، لكن كل السيناريوهات ستواجه تحديات كثيرة، لأنها تتطلب عددا كبيرا من القوات الأميركية والعمليات الموسعة.

وأشار المسؤول بالبيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كل ذلك يتم في إطار الاستعداد الوقائي، وأنه ليس هناك أي أوامر للقيام بأي عمل حتى الآن، مشيرا إلى مناقشات تعقدها واشنطن مع كل من لندن وباريس حول سيناريوهات الطوارئ، والتدريب وتبادل المعلومات الاستخباراتية حول سوريا ودول الجوار، مثل الأردن وتركيا وإسرائيل.

وتشير تقارير إلى وجود قوي للبحرية الأميركية من خلال وجود ثلاث سفن قتالية وغواصة في شرق البحر المتوسط، حيث تقوم بإجراءات المراقبة الإلكترونية والاستطلاع.

وقال المسؤول بالبيت الأبيض: «إن وجود البحرية الأميركية في البحر المتوسط هو إجراء روتيني، وإن الولايات المتحدة تحتفظ بهذا النوع من الوجود البحري في شرق البحر المتوسط».