قانون «ألاباما» يطرد المهاجرين غير الشرعيين لكنه .. بنتائج غير متوقعة

أحدث هزة في صفوف الجالية اللاتينية.. وترك قطاع الدواجن في حالة من الارتباك

المهاجرون المكسيكيون يعتبرون القاسم الأعظم بين العمال (واشنطن بوست)
TT

خلف «بانكو ديل سول» و«تيندا إل نينو» تقع الركيزة الاقتصادية لهذه البلدة الريفية، والمتمثلة في هذا المصنع الضخم الذي يقوم على تجهيز 130,000 دجاجة يوميا. بداخل المصنع تتحرك الطيور على سيور ناقلة، فيما يقوم 300 عامل عبر ضربات رشيقة، بتقطيع كل دجاجة تمر إلى أكوام من اللحم المعد للطهي.

على مدى سنوات، كان القاسم الأعظم من العاملين في المصنع من المهاجرين المكسيكيين، بمن في ذلك الذين دخلوا البلاد بصورة غير قانونية. لكن الكثير من هؤلاء المهاجرين رحلوا عن البلدة الخريف الماضي، بعد دخول قانون الولاية القوي ضد المهاجرين غير الشرعيين حيز التنفيذ، وهو ما أحدث هزة في صفوف الجالية اللاتينية في هذه البلدة الكبيرة وترك قطاع الدواجن في حالة من الارتباك لعدم توافر العمالة الراغبة في الوقوف لساعات في الغرفة الرطبة الباردة لتقطيع الدجاج.

وقال فرانك سنغلتون، المتحدث باسم شركة واين فارمز، التي تمتلك المذبح: «حتى الأفراد الذين ولدوا وتربوا في ألبرتفيل قد لا يملكون المهارات الضرورية للعمل في المصنع». وللتغلب على هذه المشكلة أقامت الشركة معرضا للوظائف جذب ما يقرب من 250 من السكان المحليين لكن القليلين منهم من استمروا على الوظيفة، وسرعان ما ترك البعض العمل، خوفا من مطالب العمل. وقال إنه: «منذ دخول القانون حيز التنفيذ وصلت نسبة تغيير العمال إلى أعلى مستوى لها».

ويشير داعمو القانون إلى أن القانون نفذ تحديدا ما كانوا يأملون إليه من طرد الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين من الولاية. وقدمت وزارة العدل الأميركية اعتراضها على بعض مواد القانون، كما يتصادم مع إعلان الرئيس أوباما يوم الجمعة عن منح إعفاء قانوني مؤقت لمليون شاب مهاجر لا يحملون وثائق على مستوى البلاد مع تشريع ألاباما.

وقال سكوت بيزون، أبرز الداعمين للقانون الجديد، وعضو مجلس الشيوخ عن الولاية: «ستذهب كل جهودنا سدى إذا منح الرئيس العفو للجميع». في الوقت ذاته يتوقع أن تصدر المحكمة العليا في أريزونا رأيها بشأن قانون مشابه، ويأمل مؤيدو قانون ألاباما أن يقابل بتأييد واسع النطاق، وإذا ما نجحت أريزونا فسوف تنجح ألاباما هي الأخرى.

وقال عضو مجلس الشيوخ عن الولاية إنه لا يشك في أن القانون وما نتج عنه من هجرة العمال غير الشرعيين، وفر المزيد من الوظائف لمواطني ألاباما. وأشار بيزون إلى أن البطالة انخفضت في الولاية بشكل كبير عن النسبة التي كانت عليها الخريف الماضي من 9.8 إلى 7.2 في المائة وقال إن القانون الجديد يشكل عاملا مهما في ذلك. وأضاف «أتلقى اتصالات هاتفية من أفراد يشكرونني طوال الوقت».

رغم ذلك، أشارت مجموعة مختلفة من أصحاب الشركات في ألاباما إلى أنهم لم يتمكنوا من العثور على أعداد كافية من المهاجرين الشرعيين لاستبدال العمالة ذات الأصول اللاتينية الموسمية من جامعي المحاصيل. كان هناك زيادة أولية كبيرة في طلبات الحصول على وظائف لكن الكثير من الموظفين الجدد كانوا عادة ما يستقيلون أو يتركون العمل.

يقول واين سميث، 56 عاما، زارع طماطم في مزرعة عائلية في التلال الضبابية من جبل تشاندلر، التي تبعد 40 دقيقة عن ألبرتفيل، إن العاملين لديه وجميعهم من المكسيكيين تركوا العمل، وجاب سميث وجيرانه المنطقة بحثا عن عمال جدد. ويدفع المزارعون لعمالهم خلال موسم حصاد الطماطم دولارين عن كل صندوق كبير. ويجب أن يتحلى العمال بالسرعة الكافية للجمع بسرعة خلال اليوم، من الانحناء في الشمس الحارقة لملء عشرين أو ثلاثين صندوقا من الطماطم.

وقال سميث: «لم يتمكن العمال البيض من الاستمرار لأكثر من نصف يوم، فيما لم يأت السود على الإطلاق. كان الجو حارا والعمل في المزرعة صعب للغاية. ورفض الحجة التي يتمسك بها بعض منتقدي الهجرة غير الشرعية، من أن الأميركيين ربما يقومون بالعمل إذا ما تلقوا أجورا أعلى بالساعة». وقال: «نحن نستخدم المهاجرين المكسيكيين منذ 30 عاما، والآن قد فروا. الجميع قلقون بشأن أريزونا. إذا ما تم إقرار القانون فماذا سنفعل حينئذ؟».

ويحظر قانون ألاباما على المهاجرين غير الشرعيين شراء منزل، أو دفع فواتير الخدمات أو توقيع عقد. كما تطال العقوبات أيضا الأفراد الذين يقدمون لهم العمل، والسماح لرجال الشرطة بسؤال السائقين بشكل روتيني في نقاط التفتيش على الطرق لسؤالهم عن وضعهم للهجرة وتطلب من المدارس التأكد من الوضع القانوني للطلبة الجدد. وعلى الرغم من رحيل الكثير من المهاجرين غير الشرعيين عن ألاباما منذ أكتوبر (تشرين الأول)، تشير الدراسة التي أجرتها جامعة ألاباما إلى أن الانخفاض في البطالة يرجع إلى عوامل أخرى. وأوضحوا أن تراجع أعداد اليد العاملة يأتي في جانب منه نتيجة لتقاعد جيل طفرة المواليد والعمال الذين أوقفوا البحث عن عمل.

يوضح المسؤولون في مصنع «واين فارم» في ألبرتفيل، أنهم أنفقوا منذ تفعيل القانون، أكثر من خمسة ملايين دولار لتدريب العمال الجدد، وتعويض الفاقد في الإنتاج. ويقول سنجلتون إن المصنع خسر أيضا بعض العمال ذوي الأصول اللاتينية الشرعيين، الذين تركوا الولاية خشية أن ينفصلوا عن أزواجهم من المهاجرين غير الشرعيين، وقال: «خلق هذا القانون تأثيرا مفزعا لدى الجالية اللاتينية ككل».

تصل قوة العمالة اليوم في المصنع ما يقرب من 1,000 عامل يشكلون مزيجا متنوعا وغير مستقر. وتتضمن العمالة اللاتينية التي نالت هوية فيدرالية، والسكان المحليين البيض والسود، بل وحتى مجموعة من اللاجئين من إثيوبيا وبورما، الذين وفرتها لهم وكالة التوظيف التي يقول موقعها على الإنترنت: «نحن سنقوم بتنظيف المنزل قبل أن تقوم إدارة الهجرة والجمارك الأميركية بذلك». وخلال المقابلات التي أجريت في ساحة رصف السيارات التابعة للمصنع، نوه عدد قليل من العاملين البيض والسود بأنهم عملوا في المصنع مؤخرا. وقال شاب أسود في منتصف العمر رفض الإفصاح سوى عن اسمه الأول، ويليام، بأنه «صادف بعض الأوقات العصيبة وأنه ممتن للحصول على عمل ثابت. وأن الكثير من الأميركيين لا يرغبون في القيام بعمل يدوي، لكنه عمل شريف ويسدد فواتيرنا».

وأوضح أكثر من ستة من العمال من أصول لاتينية أنهم يحملون أوراقا قانونية، لكن هناك آخرين قالوا إنهم «استعاروا» هويات أشخاص آخرين. ويقول مهاجر شاب من أميركا الوسطى الذي قال إن اسمه جون، إنه يحصل على راتب متواضع في المصنع لكنه يخشى قيادة سيارته، لأن رخصة سيارته منتهية ولا يسمح له قانونيا بتجديدها. وأضاف: «غادر الكثير من الجيران، لا يخرج أحد خلال الليل. الكل يعيش حالة من التوتر والشكوك. هناك الكثير من الأميركيين وذوي الأصول الأفريقية بل وحتى الآسيويين، وشيئا فشيئا سيحاولون التخلص منا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»