أوباما وبوتين يتفقان على ضرورة وقف العنف وتجنب الحرب في سوريا

لغة الجسد تظهر الخلافات بين الزعيمين

الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين أثناء لقائهما في اجتماع قمة العشرين بالمكسيك أول من أمس (رويترز)
TT

بعد اجتماع دام ساعتين، بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، على هامش قمة دول العشرين في منتجع لوس كابوس بالمكسيك، الاثنين، خرج الرئيسان ليعلنا اتفاقهما على نقاط أساسية، هي ضرورة وقف العنف وأن السوريين هم من يجب أن يقرروا مصيرهم. ولم يتعرض الرئيسان لكيفية حل الخلافات بين موقف بلديهما حول الوضع السوري وكيفية تجنب اندلاع حرب أهلية في البلاد. وبدا واضحا أن الرئيس أوباما فشل في الحصول على تأييد بوتين في تغيير النظام في سوريا.

وتسربت أنباء عن خلافات سادت الاجتماع مع تشدد الموقف الروسي، حيث حاول الرئيس الأميركي إقناع نظيره الروسي بالتدخل واستخدام نفوذه لدى الأسد لقبول اتفاق يقضي بتخلي الأسد عن السلطة ونقلها إلى نائبه (على غرار النموذج اليمني) ولم يبد الرئيس الروسي أي مرونة في موقفه، ويدفع بوتين لإقناع الولايات المتحدة بقبول المقترح الروسي بإقامة مؤتمر لمجموعة اتصال تضم الدول الأعضاء بمجلس الأمن، والأطراف ذات التأثير على سوريا والجامعة العربية ودول مثل قطر والسعودية وإيران، بينما تعارض واشنطن بشدة ضلوع إيران في أي اجتماعات تتعلق بسوريا. فيما يحاول الرئيس أوباما إغراء روسيا بتقديم الدعم والمساندة لها لتكون عضوا في منظمة التجارة العالمية مقابل التخلي عن دعمها للأسد.

وقال الرئيس أوباما في المؤتمر الصحافي مع بوتين: «لقد اتفقنا على ضرورة وقف العنف ووقف إراقة الدماء في سوريا، وإننا ندعو إلى وقف فوري لأعمال العنف، وضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا». ووصف الحوار مع الرئيس الروسي بأنه كان حوارا صريحا وتطرق لمختلف القضايا، بما في ذلك سوريا وإيران. وخلال المؤتمر الصحافي تصافح الزعيمان دون ابتسامات أمام الكاميرات.

وأشار أوباما، وهو يتحدث بلهجة جادة، إلى أنه «اتفق مع الرئيس بوتين على العمل مع لاعبين دوليين آخرين، منهم المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا كوفي أنان، لإيجاد حل للأزمة السورية في أقرب وقت ممكن، والمضي قدما في التحول السياسي إلى النظام الديمقراطي التعددي السياسي الذي سينفذه السوريون»، ولم يرد في البيان المشترك للزعيمين أي ذكر للرئيس بشار الأسد.

واضطر البيت الأبيض لطمأنة الصحافيين الذين قرأوا في تعابير الرئيسين الروسي والأميركي تشاؤما معتمدين على لغة الجسد، فإيماءات الرئيسين وطريقة تصافحهما والجدية التي علت وجوههما أثناء المؤتمر الصحافي، وتجنب التقاء الأعين قد أثارت اهتمام هواة تفسير لغة الجسد، الذين طرحوا تساؤلات عدة، هل يمكن تفسير نظرة بوتين بإمعان إلى الأرض على أنه لا يوافق على ضغوط أوباما على سوريا؟ وهل كان أوباما يقصد عندما عقد حاجبيه أن استخدام بوتين لصفة «الجدية» في حديثه عن اللقاء هو كناية لوصف حوار أكثر حدة؟ وابتسامة بوتين عندما دعا أوباما إلى زيارة موسكو، هل يمكن اعتبارها دليلا لعودة الحرارة إلى العلاقة بين الجانبين؟

وكان الصحافيون الذين واكبوا اللقاء يتوقعون أجواء فاترة تتناقض مع تلك التي سادت الغداء الذي جمع أوباما مع سلف بوتين، ديمتري ميدفيديف. واستخدم كل من أوباما وميدفيديف الاسم الأول لمحاوره أثناء تواصلهما في لوس كابوس، بينما استخدم أوباما وبوتين في تبادل الحديث عبارة «السيد الرئيس». وعندما جلسا على كرسيين من القصب لالتقاط الصور كالعادة أمام المصورين في بداية اللقاء، بدا عليهما التشنج.

وبعد اللقاء، أدلى الرجلان بتصريحات مقتضبة إلى الصحافة؛ فقد تكلم بوتين بمفرده لدقيقتين ونصف الدقيقة وقد غابت التعابير عن وجه رجل الاستخبارات الروسية السابق. وقد بدا أنه يريد الانتهاء بسرعة من الشكليات.

أما أوباما المعروف أكثر بتشدده، فقد تحدث بصوت رتيب لاحقا ملخصا المحادثات التي وصفها بـ«الصريحة». وكانت مداخلته أربع مرات أطول من نظيره الروسي. وعندما تطرق الرئيس الأميركي إلى الوضع في سوريا، عض بوتين الغامض على شفتيه. وعندما تم إبعاد الصحافيين، حدق الرجلان أمامهما بدون أن يتفوها بكلمة.

واجتهدت البعثة الأميركية لاحقا للإجابة عن أسئلة الصحافة عن «غياب مشاعر الود» بين الرجلين. وقال بين رودس، المسؤول في مجلس الأمن القومي، إنها ليست المرة الأولى التي تحصل فيها «فضيحة إيمائية» مع الروس. ويلمح رودس بذلك إلى اللقاء بين أوباما وميدفيديف العام الماضي في فرنسا الذي دفع البيت الأبيض إلى نفي أي خلاف حاد مع موسكو.

وفي هذا الإطار أوصى السفير الأميركي لدى موسكو، مايك ماك فول، الصحافيين بدرس الحركات المعهودة لبوتين التي تعكس عادة شخصيته الحادة. وقال: «هذا هو نمطه. أدعوكم إلى أن لا تصفوا نوعية العلاقة بالاستناد إلى وضعية جلوس الشخص».

وأكد المسؤولون الأميركيون أن المحادثات بين رئيسي الدولتين دامت ساعتين لأنهما يريدان البحث في التفاصيل وعرض نقاط الاختلاف ونقاط الالتقاء بينهما بالتفصيل. وأوضح رودس أنه لو كان بوتين يريد إظهار خيبة أمله بعد اللقاء لفعل ذلك بصراحة. وقال: «عندما يرى أن الاجتماع سيئ فهو يظهر ذلك بوضوح». وأعرب الناطق باسم الرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف، عن رضا الجانب الروسي عن المحادثات، مضيفا أن نبرة اللقاء لم تكن «قاسية» بل «بناءة ومنفتحة».

وتتزايد الضغوط الدولية على موسكو للقيام بتصرف حاسم من أجل تجنب حرب أهلية في سوريا، خاصة مع تعليق عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا.