ليبيا: إسلاميون متشددون يقتحمون القنصلية التونسية في بنغازي و يحرجون «الانتقالي»

مسؤول ينفي لـ «الشرق الأوسط» استقالة وزير الدفاع

TT

في ثاني حادث من نوعه خلال أقل من شهر واحد، مثل الإسلاميون المتشددون إحراجا كبيرا للسلطات الجديدة في ليبيا، بعدما اقتحم العشرات من أعضاء تنظيم ما يسمى «أنصار الشريعة» مقر القنصلية التونسية في مدينة بنغازي، أول من أمس، احتجاجا على تنظيم معرض للوحات الفنية بالعاصمة التونسية تضمن لوحات تسيء للشريعة الإسلامية.

وطالب المحتجون الحكومة التونسية بملاحقة أصحاب اللوحات المسيئة والقائمين على المعرض وإحالتهم للقضاء، قبل أن تقتحم مجموعة منهم تضم نحو 20 شابا يحملون بنادق كلاشنيكوف المبنى وحرقوا العلم التونسي في الداخل.

وهذه هي المرة الثانية على التوالي التي يستعرض فيها أنصار الشريعة قوتهم بعدما نظموا مؤخرا استعراضا عسكريا لقوتهم شارك فيه مئات المسلحين من أعضاء نفس الجماعة في السابع من الشهر الحالي، حيث تجمعوا في ميدان التحرير أحد أشهر ميادين مدينة بنغازي وهم يحملون رايات سوداء وبيضاء، مطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد، لكن تحت ضغط الرأي العام والرفض الشعبي اضطر المسلحون إلى الانسحاب، بينما التزم المجلس الانتقالي وحكومته الانتقالية الصمت. وقال مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط» إن حكومة رئيس الوزراء الليبي المؤقت الدكتور عبد الرحيم الكيب تأسف لهذا الحادث وتؤكد حرصها على ثوابت العلاقات الليبية - التونسية، معتبرا أن ما حدث لا يعكس موقف الرأي العام والحكومة من العلاقات مع تونس.

ورفض المحتجون الانسحاب من مقر القنصلية رغم عدم وجود أي من أعضاء البعثة الدبلوماسية، حيث قال حارس يعمل داخل القنصلية «كان يوم عطلة ولهذا لم يكن هناك أحد يعمل في الداخل سوى أفراد الأمن». وسارعت السلطات الليبية إلى تطويق المبنى على الفور وسدت الطرق المؤدية إليه، وانتشرت بكثافة حول القنصلية ونجحت في السيطرة على المبنى، بعدما استسلم المهاجمون من دون أي مقاومة تذكر.

وقال سليمان الجهاني، وهو مسؤول بوزارة الخارجية الليبية استدعي للمساعدة في نزع فتيل المواجهة، إن ضباط الأمن اضطروا إلى التفاوض مع المسلحين حتى أقنعوهم بالرحيل، مشيرا إلى أنه لم تطلق أي رصاصات ولم يصب أحد بأذى، مضيفا: «كان علينا أن نقنعهم بأن هذه ليست الطريقة المتحضرة للاحتجاج، كانوا في شدة الغضب بسبب العمل الفني الذي عرض في تونس».

وجاء اقتحام مقر القنصلية التونسية في بنغازي بعد أحداث شغب قام بها آلاف من الإسلاميين السلفيين في العاصمة التونسية الأسبوع الماضي للاحتجاج على المعرض الفني الذي تضمن عملا فنيا كتبت في حروف لفظ الجلالة باستخدام حشرات، وأكد دبلوماسي تونسي في طرابلس أن موظفي القنصلية تلقوا تهديدات قبل الهجوم.

ميدانيا، استبعدت السلطات الليبية مجددا خيار الحسم العسكري لوقف الاشتباكات المسلحة التي تشهدها عدة مناطق في جنوب وغرب البلاد، مفسحة المجال أمام الوساطات القبلية.

وأعلن أمس عن التوصل إلى اتفاق هدنة بين قبيلتي الزوية والتبو في مدينة الكفرة بجنوب ليبيا، برعاية وزير الحكم المحلي الدكتور محمد الحراري، الذي أكد بدوره على ضرورة اعتبار منطقة الكفرة منطقة عسكرية إلى حين إيجاد الحلول الجذرية المناسبة لهذا النزاع.

كما واصلت لجنة حكماء ليبيا مساعيها مع أطراف الخلاف في الزنتان والشقيقة ومزدة في المنطقة الغربية من أجل احتواء الاشتباكات التي خلفت العشرات من القتلى والجرحى مؤخرا.

وقالت مصادر حكومية ليبية إن الهدوء النسبي عاد للمنطقة بعد وقف تبادل إطلاق النار على الرغم من بعض طلقات النار الخفيفة التي تسمع من حين إلى آخر في مدينة مزدة.

من جهتها، نفت مصادر ليبية معلومات عن استقالة وشيكة لوزير الدفاع أسامة الجويلي بعد اتهامه بالانحياز لمقاتلي قبيلته الزنتان ضد قبائل ليبية أخرى، وقال مسؤول ليبي: «ليس صحيحا أن الجويلي استقال، إنه يمارس عمله كالمعتاد.

ثمة محاولات جرت لإثنائه بالفعل عن الاستقالة»، لكن نفس المسؤول امتنع عن تقديم المزيد التفاصيل، بينما لم يتسن على الفور الاتصال بوزير الدفاع الليبي عبر هاتفه النقال.

في غضون ذلك، انطلقت الحملة الانتخابية للمرشحين من الأفراد والكيانات السياسية لانتخابات المؤتمر الوطني العام (البرلمان) المقررة الشهر المقبل، بينما أعلن الدكتور علي عسكر، مدير الإدارة المركزية بالمفوضية الوطنية للانتخابات، أن الحملة الإعلامية بدأت بعد أن تمت المصادقة على القائمة النهائية للمرشحين التي ضمت 2500 مرشح من الأفراد بالإضافة إلى 1202 من الكيانات السياسية، مشيرا إلى صدور قرار يحدد السقف المالي للحملة الانتخابية للمرشحين حسب النطاق الجغرافي لكل دائرة انتخابية وعدد الناخبين والمقاعد فيها.

من جهة أخرى، قال فادي عبد الله، الناطق باسم المحكمة الجنائية الدولية لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك محادثات جارية بين المحكمة والسلطات الليبية في طرابلس للإفراج عن فريق المحكمة الموقوف منذ الأسبوع الماضي بتهمة محاولة نقل رسائل مشبوهة إلى سيف الإسلام النجل الثاني للعقيد القذافي، مضيفا في رسالة بالبريد الإلكتروني: «من الضروري منح هذه المحادثات الوقت والفرصة كي تكون مثمرة»، لافتا إلى أن المحكمة تأمل بأن يتم حل هذه القضية في أسرع وقت، في إطار روحية استمرار التعاون بينها وبين السلطات الليبية.