القضاء الجزائري يفتح ملف المطالبين بالتغيير «على طريقة الربيع العربي»

تبرئة 3 أشخاص روجوا لخطاب الإسلامي المتشدد علي بن حاج

TT

فتح القضاء الجزائري أمس ملف أربعة نشطاء سياسيين تتهمهم السلطات بـ«التحريض على التظاهر في الشارع»، ما يعني حسبها، إثارة قضية التغيير على طريقة الربيع العربي. وفي غضون ذلك، برأت محكمة ثلاثة أشخاص من تهمة «التحريض على العنف»، بعدما اعتقلتهم الشرطة بسبب الترويج لخطاب القيادي الإسلامي علي بن حاج الممنوع من ممارسة السياسة.

وأرجأت محكمة باب الواد بالعاصمة أمس النظر في قضية الناشطين السياسيين والنقابيين الأربعة ياسين زايد، والأخضر بوزيني، وعبد الرزاق بلجودي، وعامر عثمان، إلى يوم 26 سبتمبر (أيلول) المقبل، بذريعة «حاجة المحكمة إلى الاطلاع على حيثيات القضية»، بحسب تعبير القاضية المكلفة الملف.

وقال المحامي أمين سيدهم، أحد المدافعين عن الناشطين الأربعة، لـ«الشرق الأوسط»، إن القاضية «خشيت من الضغط الذي فرضه الرأي العام وأكثر من 20 محاميا ناشطا في مجال حقوق الإنسان، لهذا تحاول امتصاص حالة الغضب بتأجيل القضية إلى تاريخ بعيد». واتهم سيدهم القضاء بالخضوع لإملاءات السلطة في هذه القضية. وتعود الوقائع إلى 26 أبريل (نيسان) الماضي، عندما حضر الناشطون الأربعة إلى مقر المحكمة للاعتصام تعبيرا عن تضامنهم مع ناشط آخر، متهم بـ«التحريض على التظاهر في الشارع»، اسمه عبد القادر خربة، الذي أدانته المحكمة بالسجن مدة عام موقوف التنفيذ وأداء غرامة مالية. واعتقلت الشرطة 20 شخصا في تلك الحادثة، وأطلق سراحهم بعد التوقيع على محاضر التحقيق، إلا أن الناشطين الأربعة رفضوا التوقيع. وفي 20 من الشهر الماضي، تلقوا استدعاء من المحكمة، أبلغتهم بأنهم متهمون وسيحاكمون. وقال هؤلاء لدى استجوابهم من طرف الشرطة، إنهم لم يحرضوا أحدا على التظاهر، وإنما أبدوا تضامنا مع صديق «يواجه متاعب مع القضاء لأنه متمسك بحرية التعبير».

وأوضح الناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن السلطة «تأخذ على النشطاء الأربعة انخراطهم في ديناميكية تغيير النظام الذي يتبناه قطاع من الجزائريين. وبما أنها تحارب أي شيء تشتم منه رائحة الربيع العربي، فإن الناشطين الأربعة يحملون شبهة إثارة الفوضى والقلاقل في البلاد، وبالمحصلة تصبح حرية الرأي والتعبير هي الضحية». وأصدرت «شبكة المحامين للدفاع عن حقوق الإنسان»، بيانا نددت فيه بـ«المتابعات القضائية ضد نشطاء حقوق الإنسان والحريات، وأدانت فيه جعل الهيئات القضائية وسيلة ضغط ضد كل من يطالب بحقوقه الأساسية». وأضافت: «إن حرية التجمع والمطالبة بالحقوق الأساسية والاقتصادية والاجتماعية، هي حق مكرس دستوريا، وواجب على السلطة احترامه وفقا للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها».

وبرأت محكمة حسين داي بالعاصمة أول من أمس، ثلاثة أشخاص اعتقلتهم الشرطة بسبب بث أشرطة فيديو على «يوتيوب»، يظهر فيها علي بن حاج، الرجل الثاني في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، يلقي خطابا بالمسجد يتعاطى فيه مع قضايا سياسية، وينتقد بشدة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وقال المتهمون للقاضي إن تهمة «التحريض على العنف» الموجهة لهم، لا تنطبق مع الوقائع. أما بن حاج، الذي حضر المحاكمة، فطلب منه أن يوجه له التهمة بدل توجيهها فقط للثلاثة «لأنني أنا صاحب التصريحات التي تهاجم الرئيس».